لقد كنت في غفلة من هذا
فدك حسين
الغفلة مرض فتاك يصيب قلب الإنسان وقيل إنّها غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له أو ترك الشيء اهمالا واعتراضا...
والغفلة هي العلة الأساس في الوقوع في الذنوب الصغار وتتبعها العظام وفي هذا المقال سنشير لبعض المسائل المتعلقة بعلامات الغفلة وعلاجها...
اما عندما نتأمل في إبداع القرآن العظيم نرى أنّه يذكر الغفلة والغافلين في الكثير من الآيات
قال تعالى: ﴿لقد كنت في غفلة من هذا﴾
﴿وهم في غفلة معرضون﴾ حيث ربط القرآن الكريم الغفلة بالإعراض عن الشيء.
(ما علامات الغفلة؟ )
الأولى: التهاون في الطاعات واستثقالها وهذه من أهم العلامات قال تعالى (واذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ)
الثانية: ألف المعصية ومحبتها..
فمن المؤلم أنّنا نرى هذه الظاهرة منتشرة كثيرًا حيث أصبح التفاخر بالمعاصي والذنوب أمر عادي جدًا يتفاخر الشاب بعلاقاته المحرمة والبنت كذلك تتفاخر بكثرة معجبيها ظنًّا منها أنّها أكثر جمالاً من غيرها ويتفاخر المرتشي بذكائه في الحصول على الأموال وتتفاخر الامهات "بتحضر" بناتهن في التعري ويتفاخر الزوج بظلم زوجته..
ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (مجاهرة الله سبحانه بالمعاصي تعجل النقم).
- عنه ايضاً (عليه السلام): (إيّاك والمجاهرة بالفجور فإنها من أشد المآثم).
الثالثة: استصغار المحرمات والتهاون بها: فالإنسان عادة ما تكون عنده رهبة من كبائر الذنوب لكنه نجده متهاون في الذنوب الصغيرة أو كما يعبر عنها بمحقرات الذنوب لان الإنسان يقول هذا ذنب صغير ليس له وزن لكن بالحقيقة هذا القول خاطئ كما جاء في رواية أوحى الله -عز وجل- إلى عُزير (ع): (يا عُزير!.. إذا وقعت في معصية، فلا تنظر إلى صِغَرها، ولكن انظر مَن عصيت).
وهذا التخويف هنا نابع من حقيقة التجرأ على الله تعالى اليوم عندما يتسلل شخص غريب إلى بيت بخطوة نعتبر هذا جرم كببر مع أنّه لم يسرق لكن مجرد عبور حدود بيتك أصبح آثم فكيف إذا تجرأ أحد على التجاوز على حدود الله ليس مهم ما هو مدى التجاوز بقدر ما هو على من تجاوز !!!
الرابعة: تضيع الوقت بغير فائدة:
قال تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)
وكم منتشرة هذه الحالة لدينا في الوقت الحاضر كم يضيع منا الوقت عندما نمسك الهواتف أو نتصفح مواقع التواصل كم يضيع من وقتنا عندما نتحدث عن أمور وفي أمور لا تقدمنا خطوة إلى الأمام ولا تضيف لنا مقدار حبّة معرفة ما فائدة
الكلام في أمور تجلب الهم والغم والذنوب...
يقول الإمام علي عليه السلام ((إن يكن الشغل مجهدة، فاتصال الفراغ مفسدة))
فالفراغ يحدث الغفلة والكسل، والتقصير، وضياع العمر، والانحراف شيئا فشيئا...
أسباب الغفلة:
أولا:التكبر في الحياة واتخاذ طريق الغي تكبرا منهم كما ذكر القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ﴾
ثانيًا: صحبة السوء يعد أهم أسباب الغفلة: جاء في حكمة (الصاحب ساحب) أمّا يسحبك إلى ذكر الله أو الغفلة عنه ...
ثالثا: التعلق بالدنيا وطاعة هوى النفس الأمارة من حبّ للمال والسلطة والجاه، والغفلة عن الآخرة :﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
رابعًا:الغفلة عن تذكر الموت والقبر.
خامسا: الاستهانة بالذنوب الصغيرة التي لطالما تكون لها تبعات واحدة منها الغفلة عن ذكر الله وكما ورد في أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام) (اللهم وعليَّ تَبِعاتٌ قَدْ حَفِطْتَهنَّ وَتَبِعاتٌ قَدْ نَسْيُتُهنَّ)
سادسًا:الجهل بمعرفة الله تعالى ومعرفه صفاته، وحكمته وتديبره للأمور، وكذلك الجهل بمعرفة اهل البيت معرفة حقيقية
(كيفية الرجوع من الغفلة (علاج الغفلة))
اولا:الدوام والاهتمام بالصلاة والأعمال الواجبة وهنا لا أخصّ الجانب العبادي فقط أي علاقة الفرد بربه بل علاقة الفرد بمحيطه الاجتماعي ومدى ذكره لله سبحانه في تصرفاته وأخلاقه معهم، وإذا كان غافلا عن ذكر الله بالتأكيد لا يرحم الكبير ولا يعطف على الصغير.
ثانياً:الذكر الخفي علاج لغفلة القلوب فهذا الذكر يكون كالماء الذي يصب على الأرض المتشققة عطشًا كلّما رويتها من الماء كلما عادت للحياة وازهرت.
ثالثا: أعظم علاج للغفلة هو المواظبة على قراءة القرآن الذي يكون بمثابة ربيع للقلوب والغذاء للأرواح...
رابعًا: الإكثار من ذكر الموت وهنا لا نعني ذكره إكراها بل ذكره للاستئناس به وانعاش القلب ورده عن ما يهواه وكما يقول الإمام زين العابدين ( عليه السلام) في دعائه (وَانْصِبِ المَوْتَ بَيْنَ أَيْدِينَا نَصْباً، وَلاَ تَجْعَلْ ذِكْرَنَا لَهُ غِبّاً)
خامسًا:اختيار الأصحاب الأخيار روي عن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام): ((إنَّما سميَ الصديق صديقاً لأنَّه يصدقك في نفسك و معايبك؛ فمن فعل ذلك فاستنم إليه فإنه الصديق))
(الفرق بين الغفلة والتغافل)
الفغلة :هي عمل خاطئ يهلك صاحبة ويوقعة في زنزانة الندامة
(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
فيوم القيامة هو يوم الحسرة والندامة على الغافلين
اما التغافل:
تَغَافَلَ عَنْهُ : تَظَاهَرَ أَنَّهُ غَافِلٌ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
التغافل نقصد به تظاهر الإنسان الغفلة تكرمًا منه وترفع عن سفاسف الأمور فالمتغافل يتعمد الغفلة عن أخطاء من حوله والتغافل مهارة الأذكياء.