قراءة تأملية في الاعجاز القرآني
خديجة عبدالواحد ناصر
تسعى كل قراءة تأملية للقرآن الكريم النظر في آفاق الاعجاز القرآني من منظور الشكلي والمتطور المضموني، والذي سيرتكز على نقاط التماس معرفي، فيعمر صرح القراءة في اطار من الحقائق والتصورات التي تحدد افاقها أو يقاد ترتيب هذه المفاهيم بموجهات اسناد الموضوع الرئيسي (الحكاية القرآنية) سعيا لاشباع مفهومي.
والمعلوم ان القرآن الكريم يحتوي على مفاهيم مواكبة لكل عصر، وتغيير الظروف الزمنية والمكانية ستغير المنهجية المتعبة في دراسة القرآن، فنحن بحاجة الى قراءة تأملية لا تعتمد على آيات الفهم الاولية، وانما تحاول رصد المنجز العلمي والفكري لاستثمارها باجراءات فعلية قادرة على استيعاب خفايا النص القرآني ـ اسراره ـ غيبياته المتجذرة في قدسية القبول دون الادراك المؤثر في حيثيات القص القرآني، بينما خصائص كل قراءة فكرية تترك حصيلة من الاسئلة تم احضار عرش بلقيس، بواسطة أحد جنود سليمان؟ وكان الحدث بسرعة الضوء، وماهية الصرح الزجاجي هل هو شاشة تلفازية؟
ومثل هذه الأسئلة تنبثق نتيجة عطف التطور المعرفي التي ستفرز نوعية التعامل، هل هو متخيل اعتباري او واقع مجازي؟ لابد ان يقدم بما يوائم علمية القرن الحادي والعشرين، ويعني هناك اجراءات تشابكية تديم الظرف دقائق المنظومة الحكائية.. عصا نبي الله موسى تضرب البحر لتحوله الى طريق ترابي ينهي مهمته ليعود الى طبيعته.. ونجد ان منهجية التطور الفكري تسعى لمعالجة اسرار النص، ورصد جميع المحاور داخل الصورة الحكائية. وقضية العصا لابد ان تعالج كخارقة علمية، وتحسب كمنجز ابداعي وليس ابتكارا تخيليا، فهل عالجت علمية هذا العصر تلك الخوارق الاعجازية الربانية؟ هل عرف العلم كيفية تسخير الجن والعفاريت؟ هل وفق المنهج العلمي يوماً للوصول إلى منطق النمل والطير ومعرفة اللغة ونوعيتها؟
هل حاولنا تفسير المعنى التفاعلي لذلك الرصد المعرفي لنصل إلى وهج ثراء فكري، ونحن أمام أنماط حداثوية ترتقي بمستويات القراءة بدرجة المشاركة في بعث روحية النص القرائي إلى حيز التفكير الجاد، هل استطاع العلم مع قدراته المعقدة المعلنة والمتخفية من متابعة هذه المخلوقات لمعرفة تردداته الصوتية، وامكانية ترجمتها مستقبلا؛ فحدوث الخارقة يعني وجودها، فهل نستطيع يوماً ما أن ندرك خصوصية حضورها المرتبطة بخصوصية النبوة وفاعلية هذا المقام لتتقدم خطوة إلى الصراع الإيماني إلى لغة الكشف التي تعتلي بكل بوح عبر صياغة الشكر كموقف يعتمر اليقين الجوهر القصدي المضمر.
أولاً: يجب عدم معاملة المدون القرآني معاملة تاريخية بالقرآن ليس كتاب تاريخ، وليس كتاب أساطير لا تتفق مع الجوهر العلمي كي تهمل أو تبعد عن المتابعة البحثية العلمية، ولا يمكن لأحد السعي لتغييب الخوارق المعروضة مثل الكرامات والمعجزات وإنما لا بد من بناء علاقة تدوينية تسعى لرصد خصائص الحقائق أي تسخير طاقة الكون لجلب عرش بلقيس بهذه السرعة الهائلة 0.025.
ثانياً: زمن ضئيل جداً أشبه بسرعة الضوء، وإذا أهملنا مثل هذه القراءات سبقاً حان الآن أن نؤسس فعلا قرائيا ينقل خوارق القرآن إلى مساحة جدية للتفكير عسانا نصل الى فرضيات علمية يمكن تطبيقها ذات يوم، وهذا ليس بالأمر الغريب وحاول فعلاً بعض الباحثين التفكير في تسريع الاجسام لتبلغ سرعة الضوء واستغلال هذه السرعة في عمليات النقل وكل ما نحتاج إليه اليوم هو كسر المحدودية عن تلك البحوث والاهتمام بالمحور المعرفي لقصدية التأثير الجاد، وإلا فاليوم نجد فرضيات كسولة تحاول تخدير ذهنية الواقع كفرضية التقدم العلمي في زمن نوح، وهذه الفرضية ترى أن نوحا (ع) استخدم شيئا متطورا أشبه بالخواصات النووية. ومثل هذا السعي الفرضي يحاول تهشيم جدية البحث وتهميشه وتخريفه لا بد لنا من استيعاب الفهم الكامل للعوامل الخارجية والداخلية المشكلة لواقعية النص الواقع وليس من المعقول امتلاك نبي الله سليمان لتقنية متطورة تحمل العرش بشكل آلي وسيبقى الاجراء داخل السياقين هو فعل خارق دون محاولة روغان المعنى إلى تشظيات فكرية مهمشة وتدفعنا اتجاه التأييد الكامل إن الحادث الخارق معجزة من المعجزات وكرامة من كرامات الله ومقام النبوة.