(مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم) (مدرسة حسن خان)
اسعد عبد الرزاق هاني
حتى الأشياء التي أعرفها تصير جميلة على لسانه وهو يتحدث عن كربلاء بكل تفاصيلها، وأما أنا مجرد طالب هادئ أستمع إليه بكل جوارحي وكأني أخاف أن يفوتني شيء من الدرس، لا أتذكر بالضبط كيف استذكرنا اسم السردار حسن خان فتذكرنا مدرسته الكبيرة مدرسة (حسن خان)، الذي اعرفه عن كربلاء بأنها مدينة العلم والعلماء، وكانت الدراسات الدينية تقام في أروقة الصحن وحجرات الروضتين الحسينية والعباسية المقدستين، وفي بعض بيوت العلماء.
- للمدارس تاريخ طويل وأنت ذكرت البدايات لكن عندما اتسعت حلقات الدرس والتوسع في مناهج الدراسة صار لا بد من إنشاء المدارس، والوعي العام كان حاضرا.
يريد الأستاذ عبد الرزاق الحكيم أن يوضح لي إن معظم تلك المدارس بنيت بالتبرعات من عامة الناس لبناء المدارس وهذا يعني إن هناك وعي عام لدور العلم والعلماء سألته أين موقعها؟
لم يكن عمر الأستاذ أكبر مني، تخرجنا في نفس السنة وتعينا بنفس السنة، لكني أشعر أنه يكبرني بعشرات السنين وهو يحدثني عن كربلاء.
فأجابني
- تقع مدرسة السردار (حسن خان) في الزاوية الشمالية الشرقية من عتبة الإمام الحسين "عليه السلام" شيدها حسن خان القزويني عام 1767 م وكانت أكبر مؤسسة علمية دينية في كربلاء المقدسة مدرسة واسعة فيها 70 حجرة وصالات عديدة، وبقيت آثارها إلى عام 1991م لكن بمساحة أقل تضم 16 حجرة كنت أسأل نفسي:
ـ متى تعود كربلاء إلى مكانتها العلمية، متى تقف أمام العالم لتقول لهم "هنا كربلاء منطلق العلم والعلماء" وهذه مدرسة السردار حسن خان، وإذا به يقول وكأنه يقرأ ما يدور براسي:
- وفيها درس الفاضل الأردكاني من علماء الشيعة، وله زعامة دينية، ورجع إليه في التقليد، ودرس فيها السيد معصوم الأشكوري، واستنسخ فيها بعض الكتب الدراسية، والأستاذ السيد سليمان التنكباني سكن أيضا في مدرسة حسن خان واشتغل بتدريس السطوح العالية من الفقه والأصول والتفسير والكلام وغيرها، ودرس أيضا في هذه المدرسة المولى الدربندي والسيد محمد حسين الموسوي المعروف (آغا بزرك) كان من فحول العلماء تصدر للتدريس في هذه المدرسة وكان من الخطاطين الكبار، كتب نسخا عديدة من القران الكريم، ومن الأمور النادرة إنه كتب لوحة كبيرة طولها متر ونصف وعرضها متر كانت منصوبة على جدار بحرم الحسين عند الراس الشريف.
قلت أساله بشغف وما هو هذا الدعاء؟
أجابني (اللهم هذا مشهد لا يرجو من فاتته فيه رحمتك أن ينالها في غيره)
سألته أين هي الآن؟
ـ نقلت اللوحة إلى مقبرة حفيده السيد إبراهيم في الصحن الحسيني جنب باب السدرة، سالته وهل عثر على تاريخ كتابة الدعاء؟
أجاب:
ـ سنة 1810 م، ودرس في هذه المدرسة السيد إبراهيم القزويني واشتغل بالتدريس حتى اجتمع في مجلس درسه ما يزيد على ألف طالب، وشريف العلماء والمازندراني والشيخ حسن المامقاني والشيخ كاظم الهر، وآخرون من العلماء الأفاضل.
يبدو إن الموضوع أشرف على نهايته وأنا لم أعرف بعد من هو (حسن خان) وكأنه قرأ أفكاري، ابتسم بوجهي وقال
- وكأنك تريد أن تعرف من هو حسن خان؟
هو قائد جيش اسمه حسن خان ساري أصلان، نشب خلاف بينه وبين ولي عهد المملكة القاجارية الشاه زاده عباس ميرزا القاجاري، استوطن كربلاء بجوار المرقد المقدس، تعرضت المدرسة إلى الهدم بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991 م وضعت القلم لأستريح وما زالت في الذاكرة أشياء جميلة.