بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الصَّلاة هي فرصة للقرب من ربِّنا الرَّحيم (سبحانه وتعالى)، وهي رجوع إلى الله (جلَّ جلاله) في كلِّ يوم، واستجابة لندائه الذي يدعونا فيه إلى الطَّمأنينة والنُّور.اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ الله (تعالى) يغفر لكلِّ من تاب إليه بصدق، ويفرح بعودة عبده التَّائب فرحًا لا يشبهه شيءٌ؛ فعن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: "إنَّ اللَّهَ تعالى أشَدُّ فَرَحًا بتوبةِ عبدِهِ مِن رجُلٍ أضَلَّ راحِلَتَهُ وزادَهُ في ليلةٍ ظَلْماءَ فوجَدَها، فاللَّهُ أشَدُّ فَرَحًا بتَوبَةِ عبدِهِ مِن ذلكَ الرّجُلِ براحِلَتِهِ حِينَ وجَدَها" (1)، فإذا كانت التَّوبة تُدخل هذا الفرح على ربِّ العالمين، فكيف بمن يعود إليه خمس مرَّاتٍ في اليوم، بقلبٍ خاشع، ونفسٍ منكسرة، ولسانٍ يلهج بالتَّسبيح والدُّعاء؟ أليس هو أحقُّ بأن يُفتح له باب القرب والمغفرة والنُّور؟
تأمَّل كم من النِّعم يغدقها الله (تعالى) عليك في كلِّ لحظة: صحَّة، ورزق، وستر، وهداية... ألا يستحقّ هذا الكريم العظيم أن ترفع يديك إليه في كلِّ يوم، وتخصَّه بدقائق من وقتك تعبيرًا عن الامتنان، وطلبًا للقرب، وطلبًا للثبات؟
تخيَّل لو أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) قرر أن يحرمك نعمة التَّنفس لثوانٍ فقط، كيف سيكون حالك؟
لذلك عد إلى صلاتكَ، وسترزق راحة وسعادة لا مثيل لها في الدُّنيا والآخرة؛ لأنَّها اتصال مباشر بينك وبين خالقك (تبارك وتعالى)، وهي سلاحك في الدُّنيا وشفيعتك في الآخرة.
لا تجعل الحياة تسرق منك هذه الفرصة العظيمة، وبعد ذلك ستقف بين يدي الله (تعالى) يوم القيامة ويسألك: لماذا تركت صلاتك؟
ماذا سيكون جوابك؟
تذكَّر أنَّ الحياة قصيرة، والموت يأتي بغتة؛ لذلك عُد إلى الله (سبحانه) قبل أن يُغلق باب التَّوبة، فهو ينتظرك ليغفر لك كلَّ ما فات؛ فإنَّ صلاتك هي نجاتك، فلا تضيعها.
ربما تشعر أنَّ الدُّنيا تستحوذ على وقتك، لكن تيقن أنَّ الصَّلاة هي التي تهدي النَّفس وتطهر القلب من الهموم والذُّنوب وتمنحك القوَّة لتواجه كلَّ صعوبات الحياة.
لا تجعل الشَّيطان يقنعك أنَّ الوقت تأخَّر أو أنَّ الله (تعالى) لن يقبل منك؛ فالله (عزَّ وجلَّ) يقول في القرآن الكريم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (2). فباب التَّوبة مفتوح، والصَّلاة هي طريق العودة، فلا تؤخرها، فربما يكون اليوم هو اليوم الذي تقلب فيه حياتك إلى الأفضل بإذن الله (تبارك وتعالى). وإيَّاك أن تتهاون بصلاتك، وإلَّا ستبتلى بالكثير من المصاعب: رُوِيَ عَنْ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَعَلَى أَبِيهَا، وَعَلَى بَعْلِهَا، وَعلَى أَبْنَائِهَا الْأَوْصِيَاءِ)، أَنَّهَا سَأَلَتْ أَبَاهَا مُحَمَّدًا (صلَّى الله عليه وآله).
فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ، مَا لِمَنْ تَهَاوَنَ بِصَلَاتِهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؟
قَالَ: "يَا فَاطِمَةُ، مَنْ تَهَاوَنَ بِصَلَاتِهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، سِتٌّ مِنْهَا فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَثَلَاثٌ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَثَلَاثٌ فِي قَبْرِهِ، وَثَلَاثٌ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ.
فَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا:
فَالْأُولَى: يَرْفَعُ اللَّهُ الْبَرَكَةَ مِنْ عُمُرِهِ.
وَيَرْفَعُ اللَّهُ الْبَرَكَةَ مِنْ رِزْقِهِ.
وَيَمْحُو اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سِيمَاءَ الصَّالِحِينَ مِنْ وَجْهِهِ.
وَكُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ.
وَلَا يَرْتَفِعُ دُعَاؤُهُ إِلَى السَّمَاءِ.
وَالسَّادِسَةُ: لَيْسَ لَهُ حَظٌّ فِي دُعَاءِ الصَّالِحِينَ.
وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ:
فَأُولَاهُنَّ: أَنَّهُ يَمُوتُ ذَلِيلًا.
وَالثَّانِيَةُ: يَمُوتُ جَائِعًا.
وَالثَّالِثَةُ: يَمُوتُ عَطْشَانًا، فَلَوْ سُقِيَ مِنْ أَنْهَارِ الدُّنْيَا لَمْ يَرْوَ عَطَشُهُ.
وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ فِي قَبْرِهِ:
فَأُولَاهُنَّ: يُوَكِّلُ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً يُزْعِجُهُ فِي قَبْرِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ.
وَالثَّالِثَةُ: تَكُونُ الظُّلْمَةُ فِي قَبْرِهِ.
وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ:
فَأُولَاهُنَّ: أَنْ يُوَكِّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يَسْحَبُهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَالْخَلَائِقُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِيَةُ: يُحَاسَبُ حِسَابًا شَدِيدًا.
وَالثَّالِثَةُ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَلَا يُزَكِّيهِ، وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (3).
اللهم اجعلنا من مقيمي الصلاة بحق المصطفى واله الاطهار.
-----------------------------------
1. وسائل الشيعة: ج ١٦، ص ٧٣.
2. سورة الزمر/ الآية: 53.
3. بحار الأنوار: ج80، ص21.