من ذاكرة صدى الروضتين
وعي الأزواج… أساس الاستقرار الأسري
بتول علاء الطرفي
الزواج لُحمةٌ أساسية في حياة الإنسان، وله مكانة سامية في الإسلام، إذ اعتبره دينُنا الحنيف رابطةً مقدسة تقوم على المودّة والرحمة، لا على المصلحة أو الغريزة.
ومن هنا، ينبغي على المجتمعات أن تُدرك قُدسيّة هذه العلاقة، وأن تُعنى بتوعية كلٍّ من الرجل والمرأة بحقوقهما وواجباتهما، وبأهمية احترام مبادئ الآخر وقِيمه، لأن الوعي هو الأساس الذي تُبنى عليه الأسرة المستقرة.
فالزوجان الواعيان يدركان أن الحياة بينهما شراكة ومسؤولية متبادلة، لا صراع أو سيطرة، لذلك يسارعان إلى حلّ أي خلافٍ بروحٍ منفتحة، ويسعيان معًا لإزالة ما يُعكّر صفو هذه العلاقة.
أما حين يغيب الوعي، وتُترك الأمور تسير بعشوائية، تتحول الخلافات الصغيرة إلى فجواتٍ كبيرة، ويصبح التجاهل تأجيلًا للمشكلة لا حلًّا لها. والتأجيل المستمر يؤدي إلى تراكماتٍ تُعقّد العلاقة وتُضعفها.
فالزوجة التي تتجاهل هفوات زوجها دون مصارحةٍ أو مسامحة، والزوج الذي يُعرض عن مشاعر زوجته دون تفهّمٍ أو حوار، كلاهما يُسهم في خلق فجوةٍ نفسيةٍ وروحية يصعب ترميمها، حتى تصل العلاقة إلى ما يُعرف بالانفصال الوجداني، ثم العاطفي، ثم إلى الطلاق وتشتيت الأبناء.
إنّ أصل الخلافات الزوجية في كثيرٍ من الأحيان هو الغفلة، والتهميش، وضعف الوعي بأهمية الحفاظ على هذه البذرة المقدسة. ولتجنّب هذه النتائج المؤلمة، لا بدّ من تنمية ثقافة الحوار الهادئ، والاعتراف بالتقصير، والعمل على إصلاح الأخطاء دون جفاء أو عناد.
إنّ الأسرة التي تُقيم علاقتها على المودة، والرحمة، والاحترام، والتفاهم، ستنعم بالاستقرار والسعادة، وتكون مثالًا حيًّا لقوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
(سورة الروم، الآية 21)
فليكن هدف كلّ زوجين أن يجعلا من بيتهما واحة سكنٍ وأمانٍ ورحمة، فبصلاح الأسرة تصلح المجتمعات، وبالوعي تُبنى الأوطان.