إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ[1].

    يوم الحساب ذلك اليوم الذي انعقد للمجازاة ﴿لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ﴾، هنا هي نفس كافرة مجرمة دون أية نفس ظلمت أي ظلم في الدنيا ﴿مَا فِي الْأَرْضِ﴾، جميعا بعنوان أنه ملك شخصي موجود حاضر عتيد لديها لبذلت على كثرته وغلاء قيمته حتى تفتدي به ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾، وجاء بصيغة الماضي لتحقيق وقوعه.
    و «الإسرار» معناه الإخفاء والإظهار ضدّان فإذا كان بمعنى الإخفاء فظاهر، وأمّا بمعنى الإظهار من قولهم: سرّ الشيء وأسرّه إذا أظهره فقيل: المراد إخفاء تلك الندامة لأنّهم لمّا رأوا العذاب الشديد صاروا مبهوتين متحيّرين فلم يطيقوا عنده بكاء ولا صراخا سوى إسرار الندم كحالة من يذهب به إلى الصلب؛ فإنّه يبقى مدهوشا متحيّرا لا ينطق بكلمة، أو لأنّهم أسرّوا الندامة من سفلتهم وأتباعهم حياء منهم وخوفا لتوبيخهم.
    فإن قيل: إنّ مهابة ذلك الموقف يمنع الإنسان عن مثل هذه الأمور، قيل: إنّ ذلك قبل الورود في النار وإلّا فبعد الورود استصرخوا وأظهروا لقوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ
    [2].
    وأمّا من قال: المراد بالإسرار الإظهار فظاهر لأنّهم إنّما أخفوا الندامة في الدنيا إمّا لأجل رئاستهم وميلهم أو أنّ الندامة ما حصلت لهم حتى يخفوا أو يظهروا ولكن لمّا رأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب فحينئذ أظهروا الندامة.
    ﴿وَقُضِيَ﴾، ربّك ﴿بَيْنَهُم﴾، الظالم والمظلوم والمؤمن والفاجر بالحق ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾، إنهم قد يسرون حيث «كرهوا شماتة الأعداء» ولكنهم يفضحون على رؤوس الأشهاد حيث المحشر مجهر لكل خفاء وقد كشف فيه الغطاء «وشر الندامة ندامة يوم القيامة».
    أجل، ولقد أخذتهم وهلة المفاجأة الفجيعة فسقط في أيديهم فهم كأنهم خرس لا يتكلمون شيئا من حقوقهم المحسن والمسيء منهم.
    وأخيرا فكل تكليف ومن أي مولى صدر لا بدّ وإن يكون له رصيد وذلك لا يتحقق الاّ بأمور: -
    أولها: البلوغ.

    ثانيها: العقل.
    ثالثها: القدرة.
    رابعها: العلم بالمسؤولية.
    فغير البالغ باعتبار أن بنيان بنيته الطبيعية ليس بتامّ الوزن بل هو في طريقه الى التمام ليس بمحطة للتكليف ولذلك يعتبر عمده في الجنايات والمتلفات خطئا وغير العاقل حكمه حكم البهيمة وعمده خطأ أيضا، والعاجز عن القيام بوظيفة التكليف معذور لعجزه فالعاجز عن الصوم ساقط عنه والعاجز عن ايّة وظيفة اخرى كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثله، والجاهل قسمان قاصر ومقصّر والقصور تارة يرجع الى نفسه بأن يكون ضعيف الفطنة غير متوهج الحاسّة فهذا يلحق بالعاجز تقريبا، واخرى يرجع الى محيطة وبيئته كسكنة البراري البعيدين عن الحضارة بعدا شاسعا و كلاهما معذوران ما داما على الوصف، والمقصّر بجميع اقسامه مسؤول أي سواء كان من سكنة القرى والبوادي وباستطاعته الارتباط بأهل المعرفة أم كان من سكنة الحواضر لكنه بعيد عن مزاولة اهل العلم والموعظة هي النصيحة للطرف خدمة للإنسان وخروجا عن مسؤولية الضمير وشفاء الصدور في المعنويات هو ابعاد الوساوس الشيطانية عنها واعطائها الراحة من الميول النفسية العارمة والشكوك الفكرية.
    وعلى تلك الأسس السابقة نطق الوحي بقوله: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
    [3]، وذلك هو المعنّي في هذه الآية بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، خطاب لكل آدمي آمن أم الحد مشى على الطريقة أم جار ﴿قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾، في كتب منزلة ورسل لا تنطق عن الهوى وتتكفل هذه الموعظة شتّى المجالات من عبادات ومعاملات واحكام، وهذه المواعظ تشريعا وتطبيقا تشفي الصدور من مرض الجهل والأهواء الفاسدة النابعة عن استدعاء الطبيعة الحيوانية وتهدي الى طريق الحقّ‌ القائم بالعقول والحقّ عقيدة وعملا ﴿وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ[4]، وكل ذلك من فضل اَللّٰهِ‌ على الناس ورحمته بهم ﴿فَلْيَفْرَحُوا﴾، بهذه العطايا المعنوية فإنه ﴿خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ[5]، من حطام الدنيا.

    [1] سورة يونس، الآية: 54.
    [2] سورة المؤمنون، الآية: 106.
    [3] سورة الإسراء، الآية: 15.
    [4] سورة يونس، الآية: 57.
    [5] سورة يونس، الآية: 58.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X