إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زكاة الفطرة 4 :الصبي والمجنون لا تجب عليهما زكاة الفطرة، لا عن أنفسهما ولا عن عيالهما

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زكاة الفطرة 4 :الصبي والمجنون لا تجب عليهما زكاة الفطرة، لا عن أنفسهما ولا عن عيالهما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
    واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين

    سقوط زكاة الفطرة عن الصبي والمجنون وبيان دلالة رواية اليتيم



    قال الشيخ المصنّف رحمه الله:

    “ولا على وجههما، أي لا يؤدي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوط زكاة الفطرة عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضاً.”

    أي إنّ الصبي والمجنون لا تجب عليهما زكاة الفطرة، لا عن أنفسهما ولا عن عيالهما، وإن كان لهما مال أو عيال، وذلك لأنّ التكليف بالزكاة إنما يتوجّه إلى الإنسان البالغ العاقل، فهو المكلَّف بإخراج زكاة الفطرة عن نفسه وعن من يعولهم.

    إلا أنّ الإشكال يُطرح في ما إذا كان الصبي أو المجنون يملك مالًا وله عيال يعولهم، فهل يجب على وليه أن يدفع زكاة الفطرة عنهم من مال الصبي أو المجنون؟ هذه هي المسألة المحورية في هذا المقام.


    المقام الأول: إمكان فرض العيال للصبي والمجنون

    قد يُتوهَّم أن الصبي أو المجنون لا يمكن أن يكون له عيال يعولهم، لأنّهما في العادة محتاجان إلى من يعولهما، لا أن يكونا معيلَين لغيرهما. ولكن الفقهاء ذكروا فروضًا تصوّرية يتحقّق فيها ذلك، منها:

    1. أن يكون للصبي زوجة، كمن زُوّج صغيرًا على وجهٍ شرعي، فحينئذ تكون الزوجة من عياله.

    2. أن يكون له مملوك اشتُري له بماله، فالمملوك أيضًا من عياله شرعًا.

    فبهذين المثالين يتضح أن للصبي أو المجنون أن يكون له “عيال” شرعًا، ولو بصورة محدودة.


    المقام الثاني: في أصل تعلّق التكليف بالصبي والمجنون

    إذا كانت زكاة الفطرة واجبة على الإنسان المكلف، فالتكليف يتوجه إلى البالغ العاقل المكلف بالعبادات المالية. أما الصبي والمجنون فليس في ذمتهما تكليف بالزكاة؛ لأنهما مرفوع عنهما القلم بنص الحديث الشريف:

    “رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ.”


    فإذا لم تتعلّق الزكاة بذمتهما، فكيف نكلّفهما بأداء زكاة الفطرة عن عيالهما؟

    إذ مقتضى القاعدة أنه ما لم تثبت الزكاة في الذمة، فلا موضوع لأدائها عن الغير.


    المقام الثالث: موقف صاحب المدارك ومستند الشيعة

    استدل صاحب المدارك والسيد في مستند الشيعة على سقوط التكليف عن الصبي والمجنون بقاعدة عقلائية أصولية، وهي أصالة عدم التكليف، فقالوا:

    الأصل هو عدم تكليف الولي بإخراج زكاة الفطرة من مال الصبي أو المجنون، إذ لا دليل على ذلك.

    وبيانهم أن الولي وإن كان يتصرف في مال الصبي، إلا أن هذا التصرف مقيد بالمصلحة، ولا يشمل الإنفاق في العبادات المالية التي لم يثبت وجوبها على المولى عليه.

    فإذا لم يرد دليل خاص بوجوب الفطرة في مال الصبي، فالأصل براءة ذمة الولي عن هذا التكليف، لأنّ الأصل في التكاليف المالية هو العدم حتى يثبت الدليل.


    المقام الرابع: مقتضى عمومات الولاية


    ذهب السيد الحكيم رحمه الله إلى أن مقتضى العمومات الدالة على ولاية الولي على الصبي والمجنون أن يقوم الولي بجميع الوظائف الشرعية التي كانت تثبت على المولى عليه لو كان بالغًا عاقلًا، ومن ذلك:

    • دفع الدية إن جنى الصبي خطأ.

    • أداء الضمانات المالية إن أتلف مال الغير.

    • إخراج الكفارات المالية إذا كان موجبها متحققًا منه.

    فبناءً على هذا الوجه، يمكن أن يقال: إن الولي يجب أن يؤدي زكاة الفطرة من مال الصبي إذا كان للصبي عيال، لأنّ الولي يقوم مقامه في أداء الوظائف المالية.

    لكن هذا الاستدلال يحتاج إلى نصّ خاصّ في باب الزكاة، وهو ما لم يثبت بدليل معتبر.


    المقام الخامس: رواية الوصي واليتيم

    ورد في باب الرابع من أبواب زكاة الفطرة، الحديث الثاني، رواية معتبرة رواها الصدوق في “الفقيه” بإسناده إلى محمد بن القاسم بن الفضيل البصري، قال:

    كتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الوصي:

    هل يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟

    فكتب عليه السلام:

    «لا زكاة على يتيم.»

    هذه الرواية صريحة في نفي الزكاة عن اليتيم، سواء كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة، إذ اللسان عام يشمل جميع أنواع الزكاة.

    والإمام عليه السلام لم يفرّق بين الزكاة الواجبة على الشخص نفسه أو على من يعول، بل أطلق الحكم بنفي الزكاة مطلقًا، وهو صريح في سقوطها عن الصبي والمجنون أيضًا بضمّ العرف والقياس.


    المقام السادس: تعميم الحكم إلى جميع الأولياء

    حيث لم يظهر في الرواية خصوصية للوصي، فيُفهم منها أن الحكم عام لكل وليّ على الصبي، سواء كان:

    • وصيًا.

    • قيمًا.

    • أو وليًا طبيعيًا كالأب أو الجد.

    فلو كان الصبي مكلّفًا بالزكاة في ذمته، لوجب على وليه أداؤها عنه، كما هو الحال في الديون الواجبة، ولكن لما حكم الإمام بعدم وجوبها على الوصي، كشف ذلك عن عدم ثبوت التكليف أصلًا في ذمة الصبي.


    المقام السابع: مناقشة رواية الوصي والعبد

    ذكر الكليني في الكافي هذه الرواية نفسها، إلا أنه زاد في آخرها ذيلًا قال فيه:

    وسُئل عليه السلام عن المملوك يموت مولاه وهو غائب، وفي يده مال لمولاه، وقد صار المال لليتامى، فقال عليه السلام: «يزكي عن نفسه مال مولاه.»

    وظاهر هذا الذيل أن الإمام أجاز للعبد أن يدفع زكاة مال المولى المتوفّى الذي صار ماله لليتامى، وهذا يوحي بوجوب الزكاة من مال اليتيم.

    لكن هذه الزيادة لم ترد في رواية الشيخ الطوسي في “التهذيب”، ولا في رواية الصدوق، وإنما في بعض نسخ الكافي فقط، وهي محلّ خلاف بين الأعلام في صحّتها سندًا ودلالةً.

    تحليل سند الرواية

    • رواها الكليني عن محمد بن الحسين الخثعمي مباشرة، بينما يظهر من طرق أخرى أنّ بينهما واسطة هي محمد بن يحيى، مما يجعل السند غير متصل في نسخ الكافي.

    • أما سند الشيخ الطوسي إلى محمد بن القاسم فهو صحيح لا إشكال فيه.

    • لذلك، صرّح صاحب المدارك بأن الرواية صحيحة السند في الكافي، وأخذ بها.

    • واعتبرها صاحب الجواهر صحيحة أيضًا، بينما تردد فيها صاحب المعالم والفيض الكاشاني والشيخ المجلسي، إلا أن المجلسي قال في النهاية:

    “لما كان الكليني رواها في باب الزكاة عن محمد بن يحيى، يقرب جداً أن تكون هي بعينها الرواية الصحيحة، فيصح الاعتماد عليها.”


    المقام الثامن: الإشكال في الذيل وموقف الأعلام

    حتى لو سلّمنا بصحة الذيل، فإنّ العمل به غير ممكن، لأنّ أحدًا من الفقهاء لم يقل بمضمونه، فهو مهجور عند الأصحاب.

    كما أن مضمونه يستلزم محذورًا شرعيًا، وهو جواز تصرف العبد في أموال اليتامى من دون إذن وليّهم الشرعي، وهو أمر باطل شرعًا.

    وقد حاول صاحب الوسائل رفع الإشكال بحمل الرواية على موت المولى بعد الهلال، أي أن الزكاة كانت قد تعلقت في ذمة المولى قبل موته، فأصبح المال مشغولًا بالزكاة دينًا شرعيًا، فجاز للعبد إخراجها قبل تقسيم الإرث.

    لكن حتى على هذا التأويل تبقى إشكالات:

    • لا يجوز التصرف بمال الميت دون إذن وليّه.

    • ولا بمال اليتيم إلا بإجازة الحاكم الشرعي.

    فلا بد من حمل الرواية على قضية في واقعة خاصة لا تعمَّم إلى غيرها.

    المقام التاسع: النتيجة والتحقيق

    يتضح من مجموع ما تقدم ما يلي:

    1. زكاة الفطرة لا تتعلق بذمة الصبي والمجنون أصلًا، فلا وجوب عليهما في أنفسهما.

    2. ولا تجب على الولي إخراجها من مالهما، لعدم الدليل الخاص، ولأصالة براءة الذمة.

    3. رواية اليتيم عن الإمام الرضا عليه السلام صريحة في نفي الزكاة عنهمطلقًا، وتشمل زكاة الفطرة أيضًا.

    4. الذيل المروي في بعض نسخ الكافي ضعيف أو مهجور، ولا يمكنالاعتماد عليه.

    5. وعليه، فالمسألة منتهية بالقاعدة والنص، كما قال المصنف:

    “بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضًا.”



    الخاتمة
    وبذلك يثبت أن الصبي والمجنون لا تجب عليهما زكاة الفطرة مطلقًا، لا عن أنفسهما ولا عن عيالهما، ولو كان لهما مال أو عيال، لأنّ الوجوب فرع التكليف، والتكليف مرفوع عنهما شرعًا.

    كما لا يجب على الولي إخراجها من مالهما إلا أن يكون هو المعيل فيخرج عن نفسه وعن من يعولهم
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X