حديث الثقلين و المصلح المنتظر
أيّها الأعزة :
يقول الرسول الكريم ( صلى الله عليه و آله ) في حديثه المتواتر الذي لا يختلف فيه المسلمون: ( أني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ابداً ، و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ) .
و هذا الحديث من إراقات النّبوة ، و أنوارها الباهرة الخالدة ، ما بقي الدهر وما بقي الفكر الصحيح ، وهو ينير لنا آفاقاً كثيرة في الإمامة والعصمة والحجة الدائمة الباقية .
إن الرسول ( صلى الله عليه و آله ) في حديثه هذا يعرّفنا أنه لابدّ لكتاب الله في كل زمان من قربن من العترة لا يفارقه ولا ينفصل عنه ، معصوم كعصمة الكتاب ، محفوظ كحفظه ، مصون كصيانته ، لن تضل الأمة ابداً ما إن تمسّكت به ، وسارت على رشده ، ولن تتمسّك بالكتاب إلاّ اذا استمسكت لأنهما لن يفترقا ابداً في صدر و لا ورد ، و لا مبدأ و لا غاية ، و لا وجهة ولا زمان ، حتى يراد على الرسول الحوض .
و إذن فلا بد للكتاب في هذا الزمان من قرين من العترة ، معصوم كعصمة الكتاب ، مصون كصيانته لأنهما كما يقول الرسول ( صلى الله عليه و آله ) لن يفترقا حتى يراد عليه الحوض .
فإذا كان الخلفاء المعصومون من عترة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) اثنى عشر نقيباً ، و هو الذي أثبته البراهين التي لا تقبل الإرتياب ) .
. . و إذا كان أمد الخليفة الحادي عشر منهم ( صلوات الله عليهم ) قد انتهى في أواسط القرن الثالث للهجرة ، فلابد وأن يكون الخليفة الثاني عشر موجوداً مصوناً ، لا يفارق الكتاب ولا يفارقه الكتاب ، كما يقول جده الرسول الكريم .
وقد شاءت الحكمة أن لا تظهر هذا المصلح الا بعد أن يُكمل الإنسان خبطه ، ويلمس الخطر المحدق به جميع تجاربه ، وبعد أن يوقن ـ حق اليقين ـ أن تجاربه ومحاولاته لا تثمر له إلاّ خساراً و دماراً .
هنالك ينبثق النور ، وتنجلي الظُلمة ، ويبدو الحق ويزهق الباطل .
﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ 1 صدق الله العظيم
للعلامة الفقيد آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين ( رحمه الله ) تحت عنوان : المصلح المنتظر .