بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى السَّيِّدُ الرَّضِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَهُ إِبِلٌ بِنَاحِيَةِ أَذْرِبَايْجَانَ،
قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ جُمْلَةً فَمَنَعَتْ جَانِبَهَا،
فَشَكَا إِلَيْهِ مَا قَدْ نَالَهُ وَ أَنَّهُ كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ:
اِذْهَبْ فاسْتَغِثِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَزَالُ أَدْعُوا وَ أَبْتَهِلُ إِلَيْهِ،فَكُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ رُقْعَةً فِيهَا:
مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ أَنْ تُذَلِّلُوا هَذِهِ الْمَوَاشِيَ لَهُ.
قَالَ: « فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَى، فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً،
فَلَقِيتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَخْبَرْتُهُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ:
«وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعُودَنَّ بِالْخَيْبَةِ»، فَهَدَأَ مَا بِي، وَ طَالَتْ عَلَيَّ سَنَتِي، وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَى وَ فِي جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ تَكَادُ الْيَدُ تَدْخُلُ فِيهَا، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ بَادَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ:
«إِنِّي صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ، وَ رَمَيْتُ بِالرُّقْعَةِ، فَحَمَلَ عَلَيَّ عِدَادٌ مِنْهَا، فَهَالَنِي أَمْرُهَا، فَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ بِهَا،فَجَلَسْتُ فَرَمَحَنِي أَحَدُهَا فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: اَللَّهُمَّ اكْفِنِيهَا، فَكُلُّهَا يَشُدُّ عَلَيَّ وَ يُرِيدُ قَتْلِي، فَانْصَرَفَتْ عَنِّي، فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخٌ لِي فَحَمَلَنِي، وَ لَسْتُ أَعْقِلُ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّى صَلَحْتُ، وَ هَذَا الْأَثَرُ فِي وَجْهِي،فَجِئْتُ لِأُعْلِمَهُ يَعْنِي عُمَرَ. فَقُلْتُ لَهُ: صِرْ إِلَيْهِ فَأَعْلِمْهُ.
فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ، وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ:
كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبْ بِكِتَابِي.
قَالَ: فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، لَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ حَمْلِ الْكِتَابِ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ نَالَهُ مِنْهَا مَا يَرَى، قَالَ: فَزَبَرَهُ وَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ:
«أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ»، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا انْصَرَفْتَ فَصِرْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَ قُلِ:
«اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي صُعُوبَتَهَا وَ حُزَانَتَهَا، وَ اكْفِنِي شَرَّهَا، فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي الْغَالِبُ الْقَاهِرُ».
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ قَدْ حَمَلَهَا مِنَ أَثْمَانِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَصَارَ إِلَيْهِ وَ أَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ تُخْبِرُنِي،يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:
«كَأَنَّكَ صِرْتَ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْكَ وَ لاَذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً، فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً بَعْدَ آخَرَ»
فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِي، فَهَذَا كَانَ، فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ:
«امْضِ رَاشِداً، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ»،
فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَمُّ فِي وَجْهِهِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ لَقَدْ أَنْمَى اللَّهُ مَالَهُ.
قَالَ: وَ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
«كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرِ فِرْعَوْنٍ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَلْيَبْتَهِلْ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُكْفَى مِمَّا يَخَافُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
----------------------
البرهان في تفسير القرآن، البحراني، السيد هاشم 5: 17.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى السَّيِّدُ الرَّضِيُّ: بِالْإِسْنَادِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لَهُ إِبِلٌ بِنَاحِيَةِ أَذْرِبَايْجَانَ،
قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ جُمْلَةً فَمَنَعَتْ جَانِبَهَا،
فَشَكَا إِلَيْهِ مَا قَدْ نَالَهُ وَ أَنَّهُ كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ:
اِذْهَبْ فاسْتَغِثِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَزَالُ أَدْعُوا وَ أَبْتَهِلُ إِلَيْهِ،فَكُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ رُقْعَةً فِيهَا:
مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ أَنْ تُذَلِّلُوا هَذِهِ الْمَوَاشِيَ لَهُ.
قَالَ: « فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَى، فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً،
فَلَقِيتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَخْبَرْتُهُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ:
«وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعُودَنَّ بِالْخَيْبَةِ»، فَهَدَأَ مَا بِي، وَ طَالَتْ عَلَيَّ سَنَتِي، وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَى وَ فِي جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ تَكَادُ الْيَدُ تَدْخُلُ فِيهَا، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ بَادَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ:
«إِنِّي صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ، وَ رَمَيْتُ بِالرُّقْعَةِ، فَحَمَلَ عَلَيَّ عِدَادٌ مِنْهَا، فَهَالَنِي أَمْرُهَا، فَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ بِهَا،فَجَلَسْتُ فَرَمَحَنِي أَحَدُهَا فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: اَللَّهُمَّ اكْفِنِيهَا، فَكُلُّهَا يَشُدُّ عَلَيَّ وَ يُرِيدُ قَتْلِي، فَانْصَرَفَتْ عَنِّي، فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخٌ لِي فَحَمَلَنِي، وَ لَسْتُ أَعْقِلُ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّى صَلَحْتُ، وَ هَذَا الْأَثَرُ فِي وَجْهِي،فَجِئْتُ لِأُعْلِمَهُ يَعْنِي عُمَرَ. فَقُلْتُ لَهُ: صِرْ إِلَيْهِ فَأَعْلِمْهُ.
فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ، وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ:
كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبْ بِكِتَابِي.
قَالَ: فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، لَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ حَمْلِ الْكِتَابِ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ نَالَهُ مِنْهَا مَا يَرَى، قَالَ: فَزَبَرَهُ وَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ:
«أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ»، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا انْصَرَفْتَ فَصِرْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَ قُلِ:
«اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي صُعُوبَتَهَا وَ حُزَانَتَهَا، وَ اكْفِنِي شَرَّهَا، فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي الْغَالِبُ الْقَاهِرُ».
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ قَدْ حَمَلَهَا مِنَ أَثْمَانِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَصَارَ إِلَيْهِ وَ أَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ تُخْبِرُنِي،يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:
«كَأَنَّكَ صِرْتَ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْكَ وَ لاَذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً، فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً بَعْدَ آخَرَ»
فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِي، فَهَذَا كَانَ، فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ:
«امْضِ رَاشِداً، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ»،
فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَمُّ فِي وَجْهِهِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ لَقَدْ أَنْمَى اللَّهُ مَالَهُ.
قَالَ: وَ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
«كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرِ فِرْعَوْنٍ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَلْيَبْتَهِلْ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُكْفَى مِمَّا يَخَافُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى».
----------------------
البرهان في تفسير القرآن، البحراني، السيد هاشم 5: 17.
