إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زكاة الفطرة 9 : هل تجب زكاة الفطرة على المملوك

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زكاة الفطرة 9 : هل تجب زكاة الفطرة على المملوك

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
    واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين



    يقع الكلام في وجوب زكاة الفطرة على المملوك، وهل تشمل الإطلاقات الواردة في النصوص جميع الأفراد حتى المملوك القن والمكاتب، أم يختص الوجوب بالحرّ فقط؟



    المقام الأول: المملوك القن

    أولاً: أصل المسألة

    قد يقال: لا تجب زكاة الفطرة على المملوك، حتى لو قلنا إنه يملك بعض الأموال، لأنّ العبد القن في الأصل لا يملك شيئاً على الحقيقة، وماله لمولاه.

    فإن أراد أن يدفع الزكاة من ماله فلا يملك المال أصلاً، وإن أراد دفعها من مال مولاه فذلك يحتاج إلى إذن المولى، وإلا كان تصرّفه على خلاف القاعدة.

    وعليه، فمقتضى القاعدة الأوّلية هو عدم وجوب الزكاة على المملوك القن بما هو مملوك، سواء كان يملك أو لا يملك.

    ثانياً: الدليل على عدم الوجوب

    يمكن أن يُستدلّ على ذلك:

    1. بالأصل العملي، إذ لا دليل على وجوب الزكاة على العبد.

    2. بالإجماع المنقول، فقد ادّعاه غير واحد من الأعلام، منهم:

    • العلامة في التذكرة،

    • وفي منتهى المطلب،

    • وصاحب المدارك،

    • ونقله صاحب الجواهر أيضاً، وقال إنّ العمدة هو الإجماع في هذا الباب.


    ثالثاً: مناقشة ما ورد من روايات ظاهرة في الوجوب

    وردت روايات مستفيضة ظاهرها وجوب الزكاة على «الحرّ والعبد» معاً، كقولهم:

    «زكاة الفطرة واجبة على الحرّ والعبد…»

    لكن هذه الروايات محمولة على أنّ الوجوب ليس «عليه» بمعنى في ذمته، بل «عنه» أي عن من يعوله المولى، فالفطرة واجبة عن العبد لا عليه.

    رابعاً: حكم ما إذا كان المملوك يملك

    ذهب المرحوم السيد الجد إلى التوقف في صورة ما إذا كان المملوك يملك بالفعل، لأنّ مقتضى إطلاقات الأدلّة ـ لو شملته ـ وجوب الفطرة عليه كسائر الناس، إذ ورد:

    «زكاة الفطرة واجبة على كل إنسان…»

    لكن السيد الخوئي (قده) علّق قائلاً: لا موجب للتوقف، إذ لو كان هناك تكليف خاص بالمملوك الذي يملك المال لكان الشارع قد بيّنه، ومع عدم البيان وعدم الإذن الشرعي يبقى الأصل على عدم الوجوب.

    فالمملوك لا يقدر على شيء من دون إذن مولاه، لقوله تعالى:

    ﴿وَالَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ﴾،

    فإذا لم يقدر على شيء استقلالاً، فكيف يكلّف بدفع الزكاة من مالٍ لا يتصرّف فيه إلا بإذنٍ خاص؟

    المقام الثاني: حكم المكاتب

    أولاً: نقل الأقوال

    ذهب الشيخ الصدوق (رحمه الله) إلى القول بوجوب زكاة الفطرة على المكاتب، وتبعه جماعة من المتأخرين منهم:

    • المقدّس الأردبيلي،

    • صاحب المدارك،

    • صاحب الحدائق،

    كما وافقه السيد الحكيم والسيد الخوئي (قدس سرهما) على هذا الرأي.

    بينما المشهور بين الفقهاء ـ كما صرّح صاحب الجواهر ـ على عدم الوجوب.


    ثانياً: دليل الصدوق ومن تبعه

    استدلّوا بـ صحيحة علي بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم (عليه السلام):

    «عن المكاتب، هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه؟ وتجوز شهادته؟

    قال عليه السلام: الفطرة عليه، ولا تجوز شهادته.»

    وقد فسّر الصدوق قوله «ولا تجوز شهادته» على وجه الاستفهام الإنكاري، أي: كيف لا تجوز شهادته وهو يؤدي الفطرة؟

    فمن وجبت عليه الفطرة فهو بحكم الحرّ، فشهادته مقبولة.


    ثالثاً: مناقشة الرواية

    يمكن توجيه الرواية بوجهين:

    1. أن يُعمل بالصدر (وجوب الفطرة عليه) ويُطرح الذيل (ولا تجوزشهادته) لمخالفته لما دلّ على قبول شهادة المكاتب.

    2. أو يُقال بأنّ الذيل وارد مورد الاستفهام الإنكاري، فيكون دالّاً أيضاً علىالحرية.

    وعلى أيّ حال، الصدر حجّة في وجوب الفطرة على المكاتب.


    رابعاً: الروايات المعارضة

    وردت روايتان تعارضان الصحيحة:

    1. المرفوعة عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

    «يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه.»

    فهي تدلّ على أنّ المولى هو المكلّف بالفطرة لا المكاتب نفسه.

    2. رواية حماد بن عيسى:

    «يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاريه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه.»

    وفي بعض نسخ التهذيب وردت كلمة «مكاتبه» بدل «مكاريه»، ومع ذلك فالرواية ضعيفة السند وغير صريحة في المكاتب.


    خامساً: الجمع العرفي

    يمكن الجمع بين الروايات بأنّ المدار هو كون الشخص من العيال أو غيره، فكلّ من كان من عيال المولى فالفطرة عليه، سواء كان عبداً أو مكاتباً.

    لكن المشهور لم يعملوا بصحيحة علي بن جعفر، بل أعرضوا عنها، مما يوجب وهنها على مبنى من يرى أن الشهرة كاسرة للسند.


    المقام الثالث: حكم المملوك المبعّض (الذي تحرّر بعضه)

    إذا تحرّر جزء من العبد، فهل تجب عليه الزكاة؟

    بناءً على الإطلاقات العامة كقوله (عليه السلام):

    «على كل إنسان فطرة…»

    يُفهم أن المبعّض داخل في العموم من حيث الجزء الحرّ فيه، لأنّ ما يرفع التكليف عن العبد هو عنوان العبودية الكاملة، فإذا زال بعضها زال المانع.

    وأما الاستصحاب فلا يجري لتغيّر الموضوع، إذ العبد القن غير المبعّض، وتبدّل الموضوع يسقط جريان الأصل.

    فمقتضى القواعد أن المبعّض تجب عليه الفطرة بمقدار حريّته.

    المقام الرابع: أحكام متفرّعة

    • المدبَّر وأمّ الولد لا تجب عليهما الفطرة حال حياة المولى، لأنهما بعدُ مملوكان.

    • أمّا بعد وفاة المولى فتنتقلان إلى حكم الأحرار، فيتغيّر الحكم.

    • وأمّ الولد وإن كانت متشبّثة بالحرية من حين ولادة ولدها، إلا أنّ حرّيتها فعلية بعد الوفاة، فلا أثر لذلك حال الحياة.


    الخاتمة

    إذن، يتلخّص البحث في النقاط التالية:

    1. العبد القن: لا تجب عليه زكاة الفطرة بالإجماع، سواء ملك أو لم يملك، إلا بإذن مولاه.

    2. المكاتب: فيه خلاف، والأقرب ما ذهب إليه الشيخ الصدوق ومن تبعه بوجوب الفطرة عليه، أخذاً بصحيحة علي بن جعفر.

    3. المبعّض: تجب عليه الفطرة بمقدار ما تحرّر منه، لتبدّل الموضوع.

    4. المدبر وأمّ الولد: لا تجب عليهما ما داما في ملك المولى.


    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X