لقد اختار الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف كوكبة من خيار العلماء والصالحين سفراء، كانوا له واسطة بينه وبين الشيعة،
وكانت مَهمتهم حمل المسائل الشرعية إلى الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وجوابه عنها، ومنهم السفير الثالث الشيخ أبو القاسم الحسين
بن روح بن أبي بحر النوبختيّ (رضي الله عنه)، والذي نعيش ذكرى رحيله.
كان على جانب كبير من التّقوى والصلاح، ووفور العلم والعقل، والأمانة، وقد تولّى شرف النيابة عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
بعد وفاة السفير الثاني محمد بن عثمان، وهو الذي أرشد إليه، فقد قال لوجوه الشيعة حينما سألوه عن الشخص الذي يخلفه؟
فقال: "هو أبو القاسم بن روح بن أبي بحر النوبختيّ القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم، وعولوا عليه في مهماتكم، فبذلك أُمرت وقد بلّغت"(1)،
وبالتأكيد كان الآمر الذي أمر السفير محمد بن عثمان هو الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
كان الشيخ النوبختيّ (رضي الله عنه) من خواصّ الخواصّ، وهذا ما عُرف عنه بعد توليه السفارة ومن خلال المناظرة الرائعة
التي جرت بينه وبين أحد المعاندين، وقد تغلّب فيها على خصمه كما أعجب الناس بها، وعندما راود الشك أحد أصحابه،
ابتدأه الحسين بن روح (رضي الله عنه) قائلاً: "لأن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ
من أن أقول في دين الله عز وجل برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل ومسموع عن الحجّة صلوات الله عليه وسلامه".(2)
ظل سفيراً عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين سنة، وكان المرجع للشيعة،
والواسطة الأمين بينهم وبينه عجل الله تعالى فرجه الشريف، مرض أياماً قبيل وفاته حتى أدركته المنية،
وانتقل إلى جوار الله تعالى في الثامن من شهر شعبان سنة 326هـ، وقد جُهّز وشُيّع بتشييع حافل، ودُفن في مقرّه الأخير
الواقع في بغداد في سوق الشورجة، والتي هي مركز تجاري في بغداد الآن.
سلامٌ عليه يوم وُلِد ويوم نصّب للسفارة، ويوم رحل، ويوم يُبعث حياً.
.................................
(1) الاحتجاج: ج2، هامش ص286.
(2) دعوى السفارة في الغيبة الكبرى: ص101.
زينب علي الحسناوي
نم نشره في رياض الزهراء العد95