ما الدليل على حرمة أكل لحم الأرنب عند الشيعة الامامية ؟
لقد أجمع فقهاء الشيعة الإمامية على حرمة لحم الأرنب 1 بناءً على الأحاديث الكثيرة المرويّة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) الدالة على كون الأرنب من جملة الممسوخات 2 .
هذا من جانب ، و من جانب آخر فان وجود أحاديث أخرى عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) تؤكد على حرمة أكل لحوم الممسوخات ، كان وراء إجماع فقهاء الشيعة الامامية على القول بحرمة أكل لحم الأرنب ، و فيما يلي نشير إلى بعض تلك الأحاديث :
قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : " سألت رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عن المُسُوخ 3 .
فقال : هم ثلاثة عشر : الفيل ، و الدّب ، و الخنزير ، و القرد ، و الجِرِّيث 4 ، و الضّب ، و الوَطْواط 5 ، و الدَعموص 6 ، و العقرب ، و العنكبوت ، و الأرنب ، … ـ إلى آخر الحديث ـ " 7 .
عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السَّلام ) : " المُسُوخ ثلاثة عشر : الفيل ، و الدّب ، و الأرنب ، و العقرب ، و الضّب ، و العنكبوت ، و الدعموص ، و الجري ، و الوطواط ، و القرد ، و الخنزير ، ـ إلى أن قال ـ … و أما الأرنب فكانت امرأة قذرة لا تغتسل من حيض و لا جنابة و لا غير ذلك … " 8 .
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) في حديث طويل : " … و حرّم اللهُ عَزَّ و جَلَّ و رَسُولُه ( صلَّى الله عليه و آله ) المُسُوخَ جميعها " 9 .
و قال الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) : " و حرّم الأرنب لأنها بمنزلة السنور و لها مخاليب كمخاليب السنور و سباع الوحش ، فجرت مجراها مع قذرها في نفسها و ما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لأنها مَسْخ " 10 .
غير أن هناك بعض الأحاديث النادرة المروية عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) تقول بكراهية أكل لحم الأرنب لا حرمته ، لكنها محمولة على التقية 11 .
فأكل لحم الأرنب طبقاً للروايات و إجماع فقهاء الشيعة الإمامية حرام حرمة قطعية .
1. قال الشيخ محمد حسن النجفي ( رحمه الله ) في كتابه جواهر الكلام : " لا خلاف بل الإجماع بقسميه في أنه يحرم الأرنب و الضّب و الحشرات كلها " جواهر الكلام : 36 / 296 . و قال الشيخ المفيد ( رحمه الله ) : " و لا يؤكل الأرنب فانه مسخ نجس " المُقنعة : 578 . و قال السيد المرتضى ( رحمه الله ) : " لحم الأرنب حرام عند أهل البيت ( عليهم السلام ) و قد وردت روايات كثيرة بذلك ولا خلاف بين الشيعة الإمامية فيه ، والأرنب عندهم نجس لا يستباح صوفه " رسائل المرتضى : 1 / 293 . و قال ابن إدريس الحلّي ( رحمه الله ) : " … فلا فرق بين الذئب و الأسد ، و بين الأرنب و الثعلب " السرائر : 222 . و قال المحقق الحلّي : " و يُحرم الأرنب و الضّب " شرائع الإسلام : 4 / 750 .
2. المَسْخ : قلبُ الشيء و تحويل صورته إلى ما هو أقبح منها ، و لقد مسخ الله تعالى جماعة من البشر إلى حيوانات ، و قد صرّح القرآن الكريم بذلك حيث قال : ﴿ ... فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ ( القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 65 ) ، و قال : ﴿ ... مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ... ﴾ القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 60 ) . غير أن الممسوخين لم يبقوا أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتوا و لم يتوالدوا ، و الحيوانات التي تُعدُّ من الممسوخات إنما سُمّيت مُسوُخاً استعارةً لكونها على صور أولئك الممسوخين ، و لهذه الحيوانات أحكام خاصة في الفقه و الشريعة الإسلامية .
3. المُسُوخ : على وزن دروس و بخور ، جمع الممسوخ .
4. الجِرِّيث : نوع من السمك يشبه الحيّات .
5. الوَطْواط : الخَطّاف أو الخفاش ، و الجمع : وَطَاوِط .
6. الدَعموص : كبرغوث ، و الجمع : دَعاميص و دَعامِص ، دويبة سوداء تغوص في الماء ، و تكون في العذرات ، مجمع البحرين : 4 / 170 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
7. وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 16 / 317 ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي ، المعروف بالحُر العاملي ، المولود سنة : 1033 هجرية بجبل عامل لبنان ، و المتوفى سنة : 1104 هجرية بمشهد الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) و المدفون بها ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
8. وسائل الشيعة : 16 / 317.
9. الكافي : 6 / 247 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
و قال الشهيد الثاني ، زين الدين الجبعي العاملي ، 911 / 965 هجرية ، في كتابه الروضة البهية : " و الأرانب من جملة المسوخ و لا قائل بالفرق بينهما " ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : 7 / 235 ، طبعة جامعة النجف الأشرف .
10. وسائل الشيعة : 16 / 316 .
11. قال الشيخ محمد حسن النجفي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) : " و ما في الصحيح عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عزوف النفس وكان يكره الشيء و لا يحرّمه ، فأتي بالأرنب فكرهها و لم يُحرّمها ـ محمول على التقية ، جواهر الكلام : 36 / 296 .