في رحاب تفسير آيات القران المجيد (22)

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة الاية (30)........في هذه الاية مطالب عدة نتعرض لها
اولا : هل كان المفروض على الله ان يعرض خلق الانسان على الملائكة
الله لا يحتاج الى موافقة الملائكة في خلق الانسان لان نفس الملائكة هي مخلوقة لله تعالى ولكن العرض جاء من باب ان الملائكة عقول مجردة وقد جعل الله لها دور في هذا العالم وسوف يكون لها دور مع الانسان وكذلك لانها خلقت قبل ان يخلق الانسان،وكذلك الله بين من خلال هذا الاستعراض نقص العلم الذي تملكه الملائكة مع العلم الالهي .؟ولذلك اراد الله ان يستعرض هذا الانسان ووجوده في هذا العالم امام الملائكة .؟
ثانيا : على الانسان ان يتعلم مبدأ الحوار
من الاستعراض والحوار الذي جرى بين الله وبين ملائكته على الانسان ان يتعلم مبدا الحوار وان كان الاخرون اقل شانا منك فالله كان يستطيع ان يخلق الانسان بدون الرجوع إلى الملائكة ولكن الله اراد ان يخلق الانسان بالحجة والدليل والبرهان وبالاقناع وليس بالعنجهية .
ثالثا: الجعل التكويني والجعل التشريعي
الجعل التكويني ؛ هو وجود الشيء في الواقع الخارجي على ما هو عليه من الصورة ، كخلقة الانسان على ما هو عليه وخلقة السماء والارض والماء والجبال والحديد(وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً) الخ ....... .
الجعل التشريعي ؛ هو ارادة الله ان يكون هذا الشيء من الانسان كجعل الصلاة في ذمة الانسان لانها تنهى عن الفحشاء والمنكر وكذلك قوله تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً)فالله يريد ان يحج الناس ............؟
رابعا : الانسان خليفة الله في الارض
الانسان هذا المخلوق العظيم والعجيب والذي اعطي القابلية ان يكون نسخة حقيقة للمستخلف وهو الله تعالى من حيث الاسماء والصفات والتخلق باخلاق الله في الوجود وهو المفروض ياخذ دوره بشكل صحيح في هذه الحياة الدنيا وبنائها ماديا ومعنويا وهذا معنى الاستخلاف .؟
خامسا : لماذا ارادت الملائكة ان لا يخلق الانسان
الملائكة لم تعترض على الله تعالى في خلق الانسان؟ والدليل على ذلك ان الملائكة استجابت لامر الله بالسجود لادم عليه السلام ،وانما ارادت ان يبقى الوجود خاليا من الفاسدين والظالمين والمنحرفين والانانيين المرضى والفاسقين والسافكين للدماء، وان تبقى هي في الوجود تسبح وتقدس لله تعالى لانه يستحق التقديس والتسبيح ولا يستحق الكفر والجحود والعصيان من قبل هذا الانسان المتمرد .؟
سادسا: كيف ادركت الملائكة فساد الانسان
1- الملائكة عقول مجردة وهي تستطيع ادراك الحقائق من خلال خلقة الانسان المتكونة من الشهوات والغرائز والنفس ووجوده في عالم الدنيا المملوءة بكل ما يمكن ان يبعد الانسان عن غاية وجوده وخلقه .؟
2- يمكن ان يكون عالمنا الذي نعيش فيه كان قبله عوالم اخرى كما في بعض الروايات بانه كان قبل ادمنا الف ادم...... ؟. كما في رواية الجعفي قال سالت ابا عبدالله عليه السلام فقال ( لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد ، وترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم ،وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين .
3- ان الله تعالى قد اعلم الملائكة بان الانسان الذي سوف يخلقه سوف يصدر منه الفساد والظلم والكفر والفسوق والعصيان، ولذلك تعجبت من خلق الله للانسان فقالت اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ..............؟
سابعا: جواب الله (اني اعلم ......) .؟
بعد تعجب الملائكة من خلق الانسان مع فساده وظلمه ،قال الله اني اعلم بالمصلحة من خلق الانسان ،وهو وان كان الكثير من الناس سوف ينشغلون عن الغاية التي خلقوا من اجلها وسوف يفسدون في الارض ولكن سوف يكون من هؤلاء البشر من هو افضل من الملائكة وهم الانبياء والرسل والاولياء والعرفاء والعلماء العاملين والمؤمنين الصالحين،فمن اجل هؤلاء خلقت الكون والعالم والانسان ، وهذا دليل قصور الملائكة عن الاحاطة العلمية بكل معلوم .............؟
اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور المهدي عليه السلام ؟.