يسألني كيف زيفوا التاريخ؟ أجبت: هم زوّروا الحاضر، ونحن نعيش فيه بكل وقاحة وقلة إحساس، يوثقون ما يحدث اليوم تبعاً لميول سياسية طائفية مدافة بوجهات نظر مؤدلجة عوراء لا تنظر إلى حقيقة ما يحدث؛ لأنها تنظر بعين مصالحها، فلنأخذ تجربة من المدونات التوثيقية التي تبدأ بجملة استهلالية (بعد أن انهارت القوات الأمنية العراقية في عموم المناطق السنية في مواجهة اتساع تنظيم الدولة الإسلامية) في تحليل هذا الخطاب، سنجد الكثير من التمويهات المؤسسة لخطاب سياسي مفبرك، حيث جعل القوات الأمنية العراقية في المناطق السنية غيرها في المناطق الشيعية، وكأنها قوات محتلة؛ ليضع في مواجهة داعش مسميات قصدية تظهر هوية الخطاب وغايته بأول مفردة كتبها بعد انهيار القوات الأمنية، وهذا يعني أن الخطاب التوثيقي هو خطاب كاذب اتكأ على مديات إعلام سياسي عربي؛ ليصبح هو الحقيقة الواقعية، وبهذا صار الخطاب العربي المعاصر خطاباً لا يمثل العراقيين، ولا يمثل حتى طائفة السنة؛ لكون أبناء السنة واجهوا داعش، ولم يعترفوا به كدولة ولا بإسلاميته هذه المغايرة، واللعب بالحقائق صار هو الهوية وأمام أنظارنا ونحن شهود أحياء..!
فكيف كانوا يعاملون التاريخ وشهوده ورق، فهو يعيد النموذج والقالب الذي صب به صلاح الدين الأيوبي قائد عربي إسلامي وهو دموي امتلك زمام الأمور بالقسوة، واليوم يصب في نفس القالب الدواعش من بين قتلة محترفين، وشيوخ عراعر، ودعاة يسمون أنفسهم تنويريين، ومن هذه التشكيلات تم اعتبار نداء الوجوب الكفائي هو نداء طائفي، ولكي يكون الخطاب قريباً من الوقع، وملعوباً بحرفية، حيث يعمل على جمع أكثر من كلمة في آن واحد، فهو يرى خراب الثقة المتبادلة بين المكونين الشيعي والسني سبباً لفشل الوجوب.
ولو تأملنا هذا الخطاب لوجدناه عكس الواقع، ولرأينا أن المكون السني هو من رفض الدواعش، وتحول قسم كبير منهم من القبول إلى الرفض، بعدما كشفت داعش عن أنياب حقارتها.
وأضاف نقطة ثانية وهي اتهام قوات الحشد بممارسات طائفية، وهو أحد معاني تشويش صورة الحشد الذي يسعون له، وبعدها سقط في كذبة كبيرة تكشف إعلامه المزيف، إذ أدرج بعض النقاط التي تقول: إن موقف التحالف الدولي متعاون مع الحشد والعالم كله يعرف تعاون أمريكا وحلفائها مع الدواعش والخطاب التدويني اليوم يكتب لأبناء الغد مزوراً موثقاً وكانه هو الحقيقة الوحيدة، وبهذا يعيدون طريقة كتابة أغلب حيثيات التاريخ الموجودة اليوم..!!