معنى قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليما)
المسألة:
لماذا يمكن لنبي الله موسى (ع) أن يسمع كلام الله ولكنّه لا يستطيع رؤيته كما قال الله: ï´؟قال لن تراني... ï´¾؟ إذا كان يمكن سماع كلام الله بطريق غير مباشر كما حدث لموسى (ع)، فلماذا لا يمكن رؤية الله بطريق غير مباشر؟
الجواب:
أما منشأ امتناع الرؤية البصرية لله جلَّ وعلا فهو لأنَّه ليس بجسم، والرؤية لا تقع إلا على ما هو جسم، لذلك قال الله تعالى واصفاً نفسه: ï´؟لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُï´¾ وقال لموسى (ع): ï´؟لَن تَرَانِيï´¾ على نحو التأبيد، فعدم الرؤية البصرية لله جلَّ وعلا ناشئ عن عدم قابليته لأن يُرى.
وأما سماع موسى لكلامه فذلك لا يقتضي إمكانية رؤيته تعالى، فالكلام الذي صدر عن الله تعالى لم يكن قد صدر عن جارحةٍ كما يصدر كلام الإنسان عن جارحةِ اللسان، فلو كان الكلام منه تعالى قد صدر عن جارحة اللسان لأمكن القول بالملازمة بين إمكانية السماع وإمكانية الرؤية إلا أنَّ الأمر لم يكن كذلك. فالكلام الصادر منه تعالى لنبَّيه موسى (ع) كان إحداثاً وإيجاداً للكلام ابتداءً كما هو الشأن في إيجاده لسائر مخلوقاته، فكما أنه تعالى ï´؟إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُï´¾ كذلك هو الشأن في كلامه تعالى لموسى (ع) أراده فتكوَّن فسمعه موسى (ع).
وهذا هو معنى ما أفاده الإمام الرضا (ع): (.. ومعاذ الله أن يُشبه خلقه أو يتكلَّم بمثل ما يتكلَّمون ولكنَّه تبارك وتعالى ليس كمثله شيء ولا كمثله قائل فاعل، قال السائل وكيف ذلك؟ قال: كلام الخالق للمخلوق ليس ككلام المخلوق للمخلوق ولا يلفظ بشق فمٍ ولسان ولكن يقول له ï´؟كُنْ فَيَكُونُï´¾ فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الأمر والنهي عن غير ترددٍ في نفس) .
وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (كلَّم الله موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات وشفةٍ ولا لهوات سبحانه وتعالى عن الصفات).
ولمزيد من التوضيح نقول:
إنَّ الله تعالى قد وصف نفسه بالخالق فقال جلَّ وعلا: ï´؟اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌï´¾ ولم يكن معنى كونه خالقاً أنه اعتمد يداً أو جارحة وإنَّما كان بمعنى الإيجاد للخلق والإحداث له بعد أنْ لم يكن، ووصف الله نفسه بالزارع فقال تعالى: ï´؟أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ/ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَï´¾ ولم يكن معنى ذلك أنَّ له يداً حرثت الأرض وغرست البذور وإنَّما كان بمعنى الإحداث للزرع والإيجاد له، وكذلك هو معنى قوله: ï´؟أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَï´¾ فلم يكن إنزاله بالنحو الذي يكون عليه الإنسان حين ينزل الإشياء.
وهكذا فإنَّ معنى قوله تعالى: ï´؟وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًاï´¾ هو أنَّه أوجده إيجاداً وأحدثه ابتداءً دون أن يكون ذلك الكلام معتمِداً في صدوره على جارحة لسانٍ أو شفة بل هو صوت قد خلقه الله تعالى بإرادته فتلقَّاه موسى (ع) وفهم معناه.
فإمكانية سماعه للصوت والكلام لا يلازم بعد اتضاح ما ذكرناه لإمكانية الرؤية البصرية لله جل َّ وعلا. فالرؤية البصرية لا تقع إلا على ماله جرم وله حيَّز ويحُّده مكان وهو تعالى منزَّه عن كلَّ ذلك فليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
المسألة:
لماذا يمكن لنبي الله موسى (ع) أن يسمع كلام الله ولكنّه لا يستطيع رؤيته كما قال الله: ï´؟قال لن تراني... ï´¾؟ إذا كان يمكن سماع كلام الله بطريق غير مباشر كما حدث لموسى (ع)، فلماذا لا يمكن رؤية الله بطريق غير مباشر؟
الجواب:
أما منشأ امتناع الرؤية البصرية لله جلَّ وعلا فهو لأنَّه ليس بجسم، والرؤية لا تقع إلا على ما هو جسم، لذلك قال الله تعالى واصفاً نفسه: ï´؟لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُï´¾ وقال لموسى (ع): ï´؟لَن تَرَانِيï´¾ على نحو التأبيد، فعدم الرؤية البصرية لله جلَّ وعلا ناشئ عن عدم قابليته لأن يُرى.
وأما سماع موسى لكلامه فذلك لا يقتضي إمكانية رؤيته تعالى، فالكلام الذي صدر عن الله تعالى لم يكن قد صدر عن جارحةٍ كما يصدر كلام الإنسان عن جارحةِ اللسان، فلو كان الكلام منه تعالى قد صدر عن جارحة اللسان لأمكن القول بالملازمة بين إمكانية السماع وإمكانية الرؤية إلا أنَّ الأمر لم يكن كذلك. فالكلام الصادر منه تعالى لنبَّيه موسى (ع) كان إحداثاً وإيجاداً للكلام ابتداءً كما هو الشأن في إيجاده لسائر مخلوقاته، فكما أنه تعالى ï´؟إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُï´¾ كذلك هو الشأن في كلامه تعالى لموسى (ع) أراده فتكوَّن فسمعه موسى (ع).
وهذا هو معنى ما أفاده الإمام الرضا (ع): (.. ومعاذ الله أن يُشبه خلقه أو يتكلَّم بمثل ما يتكلَّمون ولكنَّه تبارك وتعالى ليس كمثله شيء ولا كمثله قائل فاعل، قال السائل وكيف ذلك؟ قال: كلام الخالق للمخلوق ليس ككلام المخلوق للمخلوق ولا يلفظ بشق فمٍ ولسان ولكن يقول له ï´؟كُنْ فَيَكُونُï´¾ فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الأمر والنهي عن غير ترددٍ في نفس) .
وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (كلَّم الله موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات وشفةٍ ولا لهوات سبحانه وتعالى عن الصفات).
ولمزيد من التوضيح نقول:
إنَّ الله تعالى قد وصف نفسه بالخالق فقال جلَّ وعلا: ï´؟اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌï´¾ ولم يكن معنى كونه خالقاً أنه اعتمد يداً أو جارحة وإنَّما كان بمعنى الإيجاد للخلق والإحداث له بعد أنْ لم يكن، ووصف الله نفسه بالزارع فقال تعالى: ï´؟أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ/ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَï´¾ ولم يكن معنى ذلك أنَّ له يداً حرثت الأرض وغرست البذور وإنَّما كان بمعنى الإحداث للزرع والإيجاد له، وكذلك هو معنى قوله: ï´؟أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَï´¾ فلم يكن إنزاله بالنحو الذي يكون عليه الإنسان حين ينزل الإشياء.
وهكذا فإنَّ معنى قوله تعالى: ï´؟وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًاï´¾ هو أنَّه أوجده إيجاداً وأحدثه ابتداءً دون أن يكون ذلك الكلام معتمِداً في صدوره على جارحة لسانٍ أو شفة بل هو صوت قد خلقه الله تعالى بإرادته فتلقَّاه موسى (ع) وفهم معناه.
فإمكانية سماعه للصوت والكلام لا يلازم بعد اتضاح ما ذكرناه لإمكانية الرؤية البصرية لله جل َّ وعلا. فالرؤية البصرية لا تقع إلا على ماله جرم وله حيَّز ويحُّده مكان وهو تعالى منزَّه عن كلَّ ذلك فليس كمثله شيء وهو السميع البصير.