مصادر الدرس ومراجعه | |
|
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
دروس في علوم القران 20
تقليص
X
-
- اقتباس
- تعليق
-
دروس في علوم القران 20
إعجاز القرآن (1) موضوعات الدرس:
1- معنى الإعجاز.
2- فلسفة تنوّع المعجزات.
3- التحدّي في القرآن.
4- من أبعاد إعجاز القرآن: (التحدّي الخاصّ): شخصية مَنْ نزل عليه القرآن، حقائق القرآن ومعارفه، عدم الاختلاف في القرآن.
أهداف الدرس:
1- تعزيز الارتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.
2- معرفة معنى الإعجاز القرآني لغةً واصطلاحاً.
3- معرفة فلسفة تنوّع المعجزات في القرآن.
4- معرفة أبعاد إعجاز القرآن الكريم.
1- معنى الإعجاز:217
أ- المعنى اللغوي: العين والجيم والزاء أصلان صحيحان يدلّ أحدهما على الضعف، والآخر على مؤخّر الشيء، فالأول: عجز عن الشيء يعجز عجزاً, فهو عاجز, أي ضعيف... ويقال: أعجزني فلان: إذا عجزت عن طلبه وإدراكه1. والعَجْزُ: أصلُه التَّأَخُّرُ عن الشيء، وحصوله عند عَجُزِ الأمرِ, أي: مؤخّره... وصار في التّعارف اسما للقصور عن فعل الشيء, وهو ضدّ القدرة2.
ب. المعنى الاصطلاحي: المُعْجِز هو: الأمر الخارق للعادة، المطابق للدعوى، المقرون بالتحدّي3. والإعجاز هو: أن يأتي المدّعي لمنصب من المناصب الإلهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهداً على صدق دعواه، مع إمكان صدق هذه الدعوى بحكم العقل، أو النقل الثابت عن نبي أو إمام معصوم4.
2- فلسفة تنوّع المعجزات:219
روي أنّه سأل ابن السكّيت5 الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، فقال: لماذا بعث الله موسى بن عمران عليه السلام بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالكلام والخطب؟ فقال عليه السلام: "إنّ الله لمّا بعث موسى عليه السلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ الله بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات6، واحتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام، فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه, ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجّة عليهم"7.
ويُفهَم من هذه الرواية أنّ فلسفة تنوّع المعجزات تدور مدار الخاصّيّة الغالبة على أهل عصر مَن يُجري الله تعالى على يديه المعجزة, لتكون أبلغ في التأثير، وأظهر في التحدّي، وآكد في تصديق الدعوة.
3- التحدّي في القرآن:
أ- معنى التحدّي في القرآن: التحدّي هو: المنع8. وقد جاء التحدّي في القرآن على نحوين:
- التحدّي الخاصّ: وهو التحدّي بالإتيان بمثل القرآن بلحاظ وجه خاصّ من
وجوهه الإعجازية9، من قبيل: شخصية مَنْ نزل عليه القرآن، حقائق القرآن ومعارفه، عدم الاختلاف في القرآن...220
- التحدّي العام: وهو التحدّي بالإتيان بمثل القرآن كلّه أو جزء منه على وجه عامّ. وقد ورد هذا التحدّي في القرآن ضمن خمس آيات10 هي حسب ترتيب نزولها:
- ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾11.
- ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾12.
- ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾13.
- ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾14.
- ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾15.
ب- خصائص آيات التحدّي:
- الآيات الأربعة الأولى آيات مكيّة، والآية الأخيرة آية مدنية16.
- تدلّ آيات التحدّي جميعها على أنّ القرآن آية معجزة خارقة من عند الله تعالى17.221
- التحدي في الآيات عامّ لكلّ ما يتضمّنه القرآن الكريم من معارف حقيقية، وحجج وبراهين ساطعة، ومواعظ حسنة، وأخلاق كريمة، وشرائع إلهية، وإخبارات غيبية، وفصاحة وبلاغة...18
- آيات التحدّي مختلفة في العموم والخصوص، ومن أعمّها تحدّياً الآية الأولى19.
- إنّ كلّ واحدة من الآيات تؤمّ غرضاً خاصّاً من التحدّي يرجع إلى معانيه السامية ومقاصده العالية، حيث إنّ الآية الأولى واردة مورد التحدّي بجميع القرآن, لما جمع فيه من الأغراض الإلهية، ويختصّ بأنّه جامع لعامّة ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة. والآية الثانية واردة مورد التحدّي بسورة من القرآن, لما فيها من بيان غرض تامّ جامع من أغراض الهدى الإلهي, بياناً فصلاً من غير هزل. والآية الثالثة هي تحدٍّ بعشر من السور القرآنية, لما في ذلك من التفنّن في البيان والتنوّع في الأغراض من جهة الكثرة، ليظهر به أنّ تنوّع الأغراض القرآنية في بيانه المعجز ليس إلا من قبل الله.
والآية الرابعة هي تحدٍّ بما يعمّ التحدّيات الثلاثة السابقة, فإنّ الحديث يعمّ السورة والعشر سور والقرآن كلّه, فهو تحدٍّ بمطلق الخاصّة القرآنية. والآية الخامسة وردت مورد تأبيد التحدّي والتسليم لحقيقة أنّ القرآن كتاب منزل من عند الله لا ريب فيه، إعجازاً باقياً بمرّ الدهور وتوالي القرون20.
- إنّ نوع العناية بالتحدّي في الآية الثالثة غير نوع العناية بالتحدّي في الآيات الأخرى, ففي هذه الآيات تتعلّق العناية بالتحدّي بعدم قدرتهم على الإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه,
لما أنّه قرآن مشتمل على جهات لا تتعلّق بها قدرة
الإنسان ولا يظهر عليها غيره تعالى وقد أطلق القول فيها إطلاقاً. بينما في الآية الثالثة وبملاحظة تعقيبها بقوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ...﴾, فإنّ نوع العناية بالتحدّي، إنّما هو بكون القرآن متضمّناً لما يختصّ علمه بالله تعالى ولا سبيل لغيره إليه. وهذا أمر لا يقبل الافتراء بذاته, فكأنّه قيل: إنّ هذا القرآن لا يقبل بذاته افتراء, فإنّه متضمّن لأمور من العلم الإلهي الذي لا سبيل لغيره تعالى إليه، وإن ارتبتم في ذلك فأتوا بعشر سور مثله مفتريات تدعون أنّها افتراء، واستعينوا بمن استطعتم من دون الله، فإن لم تقدروا عليه, فاعلموا أنّه من العلم المخصوص به تعالى21.222
- جاء التحدّي في هذه الآيات بالإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة أو عشر سور أو حديث منه، ومعنى التحدّي بالمثل أنّ الكلام لمّا كان آية معجزة، فلو أتى إنسان بما يماثله, لكفى في إبطال كونه آية معجزة، ولم يحتج إلى الإتيان بما يترجّح عليه في صفاته، ويفضّل عليه في خواصّه22.
4- من أبعاد إعجاز القرآن (التحدّي الخاصّ):
إنّ القرآن الكريم معجز كلّه باختلاف اللحاظات والجهات، وأبعاد إعجازه أعلى من أن تحصيها العقول، أو أن تدرك كنهها الأفهام. ومن الأبعاد الإعجازية التي اشتهر بحثها من قِبَل علماء القرآن والمفسّرين، ما يلي:
أ- شخصيّة مَنْ نزل عليه القرآن (شخصيّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم): يُعدّ إيتاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم القرآن وجهاً من وجوه الإعجاز، حيث يشهد التاريخ أنّه لم يتعلّم عند أيّ معلّم، ولم يتربّ عند أي مربّ، وطيلة مكوثه بين الناس إلى الأربعين من عمره لم يكن ينطق بعلم أو شعر أو نثر، ثمّ أتى بما أتى به دفعة واحدة, فأتى بما عجزت عنه فحولهم، وكلّت دونه ألسنة بلغائهم, فلم يقدر على معارضته
أنس ولا جانّ على طول التاريخ. وقد أشار القرآن الكريم نفسه إلى هذا الوجه الإعجازي23، مفنّداً افتراءات نسبة القرآن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تارة، وتلقيه إياه من بشر غيره تارة أخرى:223
- قال تعالى: ﴿قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾24.
- قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾25.
ب- حقائق القرآن ومعارفه: يشتمل القرآن الكريم على حقائق ومعارف عالية وسامية يحتاجها النوع الإنساني في تحقيق تكامله في ما يتعلّق بنشأته الدنيوية والأخروية, من إلهيّات، وأخلاقيّات، وعبادات، ومعاملات، وسياسات، واجتماعيّات...: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾26.
وقد أتى القرآن في جميع ذلك بالحقائق الراهنة، التي لا يتطرّق إليها الفساد والنقد في أيّ جهة من جهاتها، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ولا يحكم عليها حاكم النسخ، ولا يقضي عليها قانون التحوّل والتكامل. وهذا شيء يمتنع وقوعه عادة من البشر، ولا سيّما ممّن نشأ بين أمّة جاهلة لا نصيب لها من المعارف والعلوم27.
ج- عدم الاختلاف في القرآن: يُعدّ عدم وجود اختلاف في القرآن أحد الوجوه الإعجازية فيه، فإنّ من طبيعة الكلام البشري بحكم نشأة المادّة وقانون التحوّل
والتكامل الحاكم فيها، أن يتطرّأ إليه بعض الاختلاف, تبعاً لتعرّض الإنسان لظروف مختلفة, من شدّة ورخاء، وحرب وسلم، وأمن وخوف...224
وواقع الحال: أنّ القرآن الكريم الذي نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقرأه على الناس قطعاً قطعاً في مدّة ثلاث وعشرين سنة، في أحوال مختلفة، وشرائط متفاوتة، في مكّة والمدينة، في الليل والنهار، والحضر والسفر، والحرب والسلم، في يوم العسرة ويوم الغلبة، ويوم الأمن ويوم الخوف، مع ما فيه من معارف إلهية دقيقة وأخلاق فاضلة وأحكام فرعيّة مفصّلة، في جميع ما يحتاج إليه الإنسان في حياته الدنيوية والأخروية، بحيث لا يعتريه أدنى اختلاف في النظم المتشابه، أو تناقض في المعارف التي يلقيها. فلو كان من عند غير الله لاختلف النظم وتناقض المعنى28.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الوجه الإعجازي بقوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾29.
يتبعالكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
اترك تعليق: