بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى النسائي في (السنن الكبرى، ج10، ص 351 – 352، رقم الحديث 8553، الناشر: دار التأصيل) بإسناده عن ابن عباس، وفيها قوله متحدثاً عن إرسال النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر بسورة التوبة إلى مكَّة: (وبعث أبا بكر بسورة التوبة وبعث علياً خلفه، فأخذها منه فقال: «لا يذهب بها رجل إلا رجل هو مني، وأنا منه»).
ويظهر من هذه الرواية :
1- أنَّ أبا بكر ليس من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا رسول الله منه، بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) من رسول الله ورسول الله منه، وهذا مقامٌ عظيم يظهر اختصاص أمير المؤمنين (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله) .
2- أنَّ أبا بكر لا يمتلكُ أهليَّةَ تبليغ القرآن، ولو كان كذلك لما عزلَه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وفي المقابل يكشف هذا عن الأهليَّة التامَّةِ لأمير المؤمنين (عليه السلام).
3- أنَّ أبا بكر إذا لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يصح أن يقوم مقامه في تبليغ سورةٍ من القرآن، فكيف يجوز أن يقوم مقامه في الخلافة وأن يكون في مقام النيابة عنه في إقامة أمور الدين وأحكامه، فإذا لم يجُزْ ذلك في الصغرى، فكيف فيما هو أعظم منها ؟!
4-إذا عرفتَ هذا، اتضح لك مدى ثقل هذه الرواية على المتعصبين لمذاهبهم دون الحقيقة، ولذلك حُرِّفَتْ الرواية وأُبهم اسم أبي بكر بـ(فلان) لكي لا يضطروا للالتزام بمثل هذه اللوازم التي تُبطلُ مذهبهم في قضيِّة الإمامة، وإلا فلم هذا التحريف والإبهام؟!روى أحمد بن حنبل في مسنده (ج15، ص 178-179، رقم الحديث 3061، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة):
ثم بعث فلاناً بسورة التوبة، فبعث علياً خلفه فأخذها منه، قال: لا يذهب بها إلا رجل مني، وأنا منه).
ورواها أيضاً في (فضائل الصحابة، ج2، ص849-850، رقم الحديث 1168، تحقيق: وصي الله عباس، الناشر: دار ابن الجوزي): ثم بعث فلاناً بسورة التوبة فبعث علياً خلفه فأخذها منه، وقال: «لا يذهب بها إلا رجل مني، وأنا منه»).
ورواها عنه الحاكم النيسابوريّ في (المستدرك على الصحيحين، ج5، ص 339-340، رقم الحديث 4710، الناشر: دار التأصيل): ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً بسورة التوبة، فبعث علياً خلفه فأخذها منه، وقال: «لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه).
وسند الرواية عند النسائي وابن حنبل واحد، فابن حنبل يرويها عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عباس، والنسائي يرويها عن شيخه الثقة محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد بمثل إسناد ابن حنبل. والعجيب أنَّ النسائي يروي الرواية عن يحيى بن حماد بواسطة ونقل الرواية كما هي بلا تحريف، ابن حنبل الذي رواها عن يحيى بن حمَّاد مباشرةً تلاعب فيها وحرَّفها.