بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله "الصادق"ـ عليه السلام ـ جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ، ومؤمن الطاق ، وهشام بن سالم ، والطيار ، وجماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم ، وهو شاب .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا هشام !
قال : لبيك يا بن رسول الله !
قال : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟
قال هشام : جعلت فداك يابن رسول الله ، اني أجلك وأستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه !
قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد ، وجلوسه في مسجد البصرة ، وعَظُم ذلك عليَّ ، فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة ، وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتز بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتيّ ، ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟
قال : أسأل !
قلت له : ألك عين ؟
قال يا بني أي شيء هذا من السؤال ، إذاً كيف تسأل عنه ؟
فقلت : هذه مسألتي .
فقال : يا بني ! سل وإن كانت مسألتك حمقى .
قلت : أجبني فيها .
قال : فقال لي : سل !
فقلت : ألك عين ؟
قال : نعم .
قلت : قال : فما تصنع بها ؟
قال : أرى بها الالوان والاشخاص .
قال : قلت : ألك أنف ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أشم به الرائحة .
قال : قلت : ألك لسان ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أتكلم به .
قال : قلت : ألك أذن ؟
قال : نعم .
قلت : فما تصنع بها ؟
قال : أسمع بها الاصوات .
قال : قلت : ألك يدان ؟
قال : نعم .
قلت : فما تصنع بهما ؟
قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللّيّن من الخشن .
قال : قلت : ألك رجلان ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع بهما ؟
قال : أنتقل بهما من مكان إلى مكان .
قال : قلت : ألك فم ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها .
قال : قلت : ألك قلب ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أميّز به كلما ورد على هذه الجوارح .
قال : قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟
قال : لا .
قلت : وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة ؟
قال : يا بني إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ، ردّته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين ، وأبطل الشك .
قال : فقلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح ؟
قال : نعم .
قلت : لابد من القلب وإلاّ لم يستيقن الجوارح .
قال : نعم .
قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً ، يصحح لها الصحيح ، وينفي ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلّه في حيرتهم ، وشكهم ، واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ، تردّ اليه حيرتك وشكك ؟ ! .
قال : فسكت ولم يقل لي شيئاً .
قال : ثم التفت إليّ فقال لي : أنت هشام ؟
قال : قلت : لا .
فقال لي : أجالسته ؟
فقلت : لا .
قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : فأنت إذاً هو . ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ ، ثم قال : يا هشام ، من علّمك هذا ؟ قلت : يابن رسول الله جرى على لساني .
قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى .
الاحتجاج للطبرسي ج2 ص367 ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله "الصادق"ـ عليه السلام ـ جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ، ومؤمن الطاق ، وهشام بن سالم ، والطيار ، وجماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم ، وهو شاب .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا هشام !
قال : لبيك يا بن رسول الله !
قال : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟
قال هشام : جعلت فداك يابن رسول الله ، اني أجلك وأستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه !
قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد ، وجلوسه في مسجد البصرة ، وعَظُم ذلك عليَّ ، فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة ، وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتز بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتيّ ، ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟
قال : أسأل !
قلت له : ألك عين ؟
قال يا بني أي شيء هذا من السؤال ، إذاً كيف تسأل عنه ؟
فقلت : هذه مسألتي .
فقال : يا بني ! سل وإن كانت مسألتك حمقى .
قلت : أجبني فيها .
قال : فقال لي : سل !
فقلت : ألك عين ؟
قال : نعم .
قلت : قال : فما تصنع بها ؟
قال : أرى بها الالوان والاشخاص .
قال : قلت : ألك أنف ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أشم به الرائحة .
قال : قلت : ألك لسان ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أتكلم به .
قال : قلت : ألك أذن ؟
قال : نعم .
قلت : فما تصنع بها ؟
قال : أسمع بها الاصوات .
قال : قلت : ألك يدان ؟
قال : نعم .
قلت : فما تصنع بهما ؟
قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللّيّن من الخشن .
قال : قلت : ألك رجلان ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع بهما ؟
قال : أنتقل بهما من مكان إلى مكان .
قال : قلت : ألك فم ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها .
قال : قلت : ألك قلب ؟
قال : نعم .
قال : قلت : فما تصنع به ؟
قال : أميّز به كلما ورد على هذه الجوارح .
قال : قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟
قال : لا .
قلت : وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة ؟
قال : يا بني إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ، ردّته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين ، وأبطل الشك .
قال : فقلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح ؟
قال : نعم .
قلت : لابد من القلب وإلاّ لم يستيقن الجوارح .
قال : نعم .
قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً ، يصحح لها الصحيح ، وينفي ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلّه في حيرتهم ، وشكهم ، واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ، تردّ اليه حيرتك وشكك ؟ ! .
قال : فسكت ولم يقل لي شيئاً .
قال : ثم التفت إليّ فقال لي : أنت هشام ؟
قال : قلت : لا .
فقال لي : أجالسته ؟
فقلت : لا .
قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : فأنت إذاً هو . ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ ، ثم قال : يا هشام ، من علّمك هذا ؟ قلت : يابن رسول الله جرى على لساني .
قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى .
الاحتجاج للطبرسي ج2 ص367 ،