ساطع_الحصري اول من ذبح التربية والتعليم في العراق
حيث انه تم استدعاؤه بتبريكات حكومة الانكليز وكانت الصحف الانكليزية تبجله كثيرا وتكتب عن انجازاته بتدمير متعمد للتاريخ العراقي والدور العراقي وبسياساته الطائفية ضد الشيعة على مدى عشرين سنة . يذكر ان الحصري كان لا يتكلم العربية قبل سن الاربعين عاما بل تعلمها لاحقا ولم يستطع التخلص من لكنته التركية لغته الام والعربية كانت لغة ثالثة بعد لغته الفرنسية.
الحصري في العراق:
بعد عودة فيصل وتنصيبه ملكا على العراق في آب 1921 قام باستدعاء طاقم الضباط العراقيين الذين كانوا معه في سوريا، كما دعا ساطع الحصري، ليصبح مديرا عاما للتربية.
وكانت له علاقات وطيدة برموز الادارة البريطانية في العراق، امثال كورنواليس وغاربيت والمس بيل التي قالت له: (ان الجرائد التابعة للانجليز اخذت تكتب عنك قبل وصولك الى العراق، وانا كلما كنت اقرأ في الجرائد ساطع بك، ساطع بك كنت اشتاق الى اللقاء بك). وكانت علاقاته جيدة مع الادارة البريطانية في العراق، وتعاون معها، ومع رموزها. وعمل الحصري في خدمة الانجليز طوال فترة عهد الملك فيصل (23/8/1921 الى 7/9/1933) وعهد الملك غازي (8/9/1933 الى 4/4/1939) وسنتين من وصاية الامير عبد الاله. وكان يشيد بالملك فيصل، وانجازاته الجليلة، رغم عقده معاهدات مذلة مع بريطانيا.
حصانة وظيفية:
بقي الحصري في منصبه الوظيفي عشرين عاما حيث اعطيت له حصانة من تشكيل الحكومات واستقالتها وحفظ له مكانه الثابت في موقعه الحيوي كمدير عام للتربية، وعلى هذا الأساس تبدلت الوزارات عشرات المرات، وتناوب على وزارة التعليم العديد من الوزراء، لكن الحصري كان هو المهيمن الحقيقي على سياسة الوزارة. فرفض انشاء دار للمعلمين في الحلة، كما رفض انشاء مدارس خاصة للبدو. وجرد حملة عامة على المؤسسات والأساليب التربوية الشيعية ـ كما يذكر كليفلاند ـ. وكان يصدر تعليمات مفصلة بلا انقطاع، ويطلب من المديرين، رفع التقارير الى مكتبه. وكان يضع المناهج الدراسية للتعليم الابتدائي والثانوي. وكان يؤكد على وحدة اللغة والتاريخ والثقافة في عقيدة العروبة منحيا أي دورللدين والاسلام في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية.
وعندما وضع الحصري مناهج التاريخ للمدارس العراقية، اغفل بشكل متعمد، أي ذكر لثورة العشرين التي حدثت في الخامس عشر من شعبان عام 1340 هـ التي يعود الفضل لها في تأسيس الدولة العراقية، لأن قيادتها كانت بيد علماء الدين، ومرجعية النجف الاشرف، وكربلاء. ومقابل اهماله لصفحات ناصعة من تاريخ العراق، سعى الحصري لتدوين التاريخ الاوربي في الصفوف المنتهية من الدراسات الابتدائية والمتوسطة والاعدادية. واصبح الطالب ملزما بحفظ اكثر من مائتي صفحة من التاريخ الاوربي الحديث بينما لا يعرف الطالب الكثير عن الحضارة العربية والاسلامية وتاريخ شعوب الشرق.
والامر ينطبق في تعليم الجغرافية، حيث يدرس الطالب تفاصيل جغرافية اوربا واقطارها ورسم خرائطها، بشكل تفصيلي مع عدم حاجته لذلك. اما اللغة العربية فمن الملاحظ ان الطلاب العراقيين ومن ثم المتعلمين العراقيين ضعفاء في اللغة العربية مقارنة مع عرب آخرين حيث لا يستطيع اكثرهم الحديث باللغة الفصحى بسهولة ويسر.
الممارسات الطائفية لساطع:
مارس الحصري سياسة تمييز طائفي في المدارس العراقية، فكان يعتبر الشيعة، بأنهم ليسوا عربا، بل فرسا وعجما. وكان يفتش في ملفات الموظفين، لعله يعثر على ما يفيد باتهام احدهم، بأن اصله فارسي او ايراني لفصله.
وقام الحصري بفصل الشاعر محمد مهدي الجواهري، من التعليم لأنه وصف في قصيدة له احد مصايف ايران عام 1927. كما عارض بشدة ارسال الطلاب الشيعة، في البعثات الحكومية الى الخارج، بل كان عدد الطلاب اليهود في البعثة اكثر من الشيعة. ولم يهتم كثيرا لحادثة التحاق احد الطلاب اليهود بمنظمة صهيونية، حين ارسلهم الى مدينة صفد في فلسطين، لتعلم الانجليزية.
اما بصدد سياسته في انشاء المدارس، فقد مارس الحصري تمييزا طائفيا، حين كانت المحافظات الجنوبية الشيعية، تضم اقل عدد من المدارس. ففي احصائية عام 1933 كان في الموصل 30 طالبا، عن كل ألف من السكان. وفي بغداد 27 طالبا، وفي البصرة 25 طالبا وفي العمارة 9 طلاب، وفي الناصرية 6 طلاب، وفي الكوت 6 طلاب وفي الديوانية 8 طلاب فقط.
هذه نبذة يسيرة من تاريخ هذا الرجل وللمزيد مطالعة كتب التاريخ مثل كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث للوردي وكتب عبد الرزاق الحسني.
وايضا هذه دعوة للكّتاب والمثقفين الكتابة بتفصيل اكثر عن تاريخ امثال هؤلاء الذين ساهموا بتدمير حضارة وتراث وتاريخ العراق.
واخيرا ترجمة ساطع الحصري بقلم سماحة السيد سامي البدري في احد مقالاته :
سوري، ولد في صنعاء باليمن في 1879م، وكان أبوه موظفا فيها، ثم درس في المدارس التركية وتخرج فيها ونال عدة وظائف تعليمية وإدارية، وكان مديراً لدار المعلمين في إستانبول، ثم عين محافظاً لبعض الولايات في البلقان، وكانت نزعته طورانية تركية بحتة، وعمل مع جمعية الإتحاد Sati_al-Husri والترقي، وقد نشر عدة مقالات في الدعوة إلى الطورانية والتتريك في مجلة (تورك أوجاني) بتوقيع: م ساطع، أي مصطفى ساطع، ثم انقلب بين عشية وضحاها ليصبح رائداً من رواد القومية العربية وكانت في لغته رطانة. وشغل عدة مناصب في بلاط السلطان عبد الحميد الثاني حتى سقوط دولة الخلافة العثمانية ثم رحل إلى دمشق عام 1919.
تولى في دمشق منصب وزير التعليم وعمل على وضع مناهج التعليم العربية وكانت له علاقات مع كبار المفكرين والعلماء في سوريا إلى أن خلع الملك فيصل الأول عام 1920م.
ثم ولي الملك فيصل الأول على عرش العراق وجاء معه ساطع الحصري، وعينه معاوناً لوزير المعارف ثم مديراً للآثار وتولى إدارة دار المعلمين العالية في بغداد، وكان الحصري علمانياً فلم يبد اهتماما بدروس الدين في المناهج المدرسية، بل جعل درس الدين لا قيمة له، وكتابه (القراءة الخلدونية) للصف الأول الابتدائي لا تجد فيه كلمات عن (الله، الرسول، كعبة، قرآن، قبلة، صلاة) وغير ذلك من الألفاظ الإسلامية، وفي سنة 1923م أحتج المعلمون في بغداد على سلوك الحصري وقدموا مذكرة للملك فيصل الأول، ثم نشروا كراساً بعنوان «سر تأخر المعارف»، ولكن الملك كان يُلزم وزارة المعارف بأوامر ساطع الحصري ولم يهتم بآرائهم.
وظل يدعو إلى فكرة القومية العربية إلى أن قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م.