في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (108)

قال تعالى(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) سورة البقرة الاية 214 .
نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة
اولا : الجنة لا تُنال الا بالتعب والعناء
الله تعالى في هذه الاية المباركة يخاطب المؤمنين الذين آمنوا برسالة الاسلام ان دخول الجنة ليس امرا سهلا وهينا وبلا ثمن ،فانت في الحياة الدنيا ومع انها زائلة ولا قيمة لها في قبال عالم الاخرة عندما تريد ان تنتقل من منطقة ومكان هابط الى مكان راق يجب ان تدفع ثمنا كبيرا وباهظا ولذلك ليس كل انسان يستطيع ان يدفع الثمن الكبير والباهظ كي يكون في هذه المناطق لذلك تبقى هذه المناطق محصورة بمن يدفع المال الكثير،ولكن في الحياة الدنيا انت تستطيع ان تكون في هذا الاماكن والمناطق ويكون لك فيها موطأ قدم سواء جاء ت الاموال بحلال ام حرام .؟
ولكن في عالم الاخرة ودخول الجنة فالامر يختلف اختلافا جذريا ،فانت حتى تدخل الجنة وهي الدائمة والسرمدية وهي ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وتكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع الانبياء والاولياء عليهم السلام فيجب ان تطيع الله من حيث يريد وان تتحمل المصاعب والبلاءات في هذه الحياة الدنيا وكذلك ان تعمل الاعمال الصالحة والخالصة لله تعالى وليست الاعمال الفاسدة فالاعمال الفاسدة لا يقبل بها الله كما بعضهم يعملون الاعمال ولكن الله يجعلها هباء منثورا لانها غير خاصلة له تعالى بل مشوبة بالشرك والرياء وانها لغير وجه الله تعالى كما قال تعالى ( وَقَدِمْنَا إِلَىظ° مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) قال امير المؤمنين عليه السلام « ان رسول اللَّه صلى الله عليه واله كان يقول : ان الجنة حفت بالمكاره ، وان النار حفت بالشهوات . واعلموا انه ما من طاعة اللَّه شيء إلا يأتي في كره ، وما من معصية اللَّه شيء الا يأتي في شهوة » .
ثانيا : الامم السابقة تعرضوا للمحنة
ثم ان الله تعالى يسلي المؤمنين ويقول لهم ان سنة الابتلاء والمحنة ليست محصورة بكم فقد مرت كل الامم التي امنت بالله ورسالاته بالمحن والشدة والالم والقسوة والحروب والقتل والنفي والمعاناة والفقر والجوع والمرض فمنهم من صمد ومنهم من سقط في هذه البلاءات وهذه هي سنة الحياة فليس الجميع يكونوا في مستوى واحد في الحياة الدنيا ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : فما تمدون أعينكم ؟ فما تستعجلون ؟ ألستم آمنين ؟ أليس الرجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثم يرجع لم يختطف ؟ إن كان من قبلكم [ من هو ] على ما أنتم عليه ليؤخذ الرجل منهم فتقطع يداه ورجلاه ويصلب على جذوع النخل وينشر بالمنشار ، ثم لا يعدو ذنب نفسه ،ثم تلا هذه الآية * ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) .
ثم كلما زاد الانسان المؤمن ايمانا زاد ابتلاء في هذه الحياة حتى يعوضه الله في عالم الاخرة .؟ عن الصادق عليه السلام قال: "لو يعلم المؤمن ما له في المصائب من الأجر, لتمنى أن يقرض بالمقاريض" وعن سعد بن طريف قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فجاء جميل الازرق, فدخل عليه, قال: فذكروا بلايا الشيعة وما يصيبهم, فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّ اُناساً أتوا علي بن الحسين عليهما السلام وعبد الله بن عباس فذكروا لهما نحوا ممّا ذكرتم, قال: فأتيا الحسين بن علي عليهما السلام فذكرا له ذلك.فقال الحسين عليه السلام: "والله البلاء, والفقر والقتل أسرع إلى من أحبّنا من ركض البراذين , ومن السيل إلى صمره, قلت: وما الصمرة ؟ قال: منتهاه, ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنكم لستم منّا"
وعن الأصبغ بن نباتة قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام قال قاعدا, فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إنّي لاُحبّك (في الله)فقال: "صدقت, إن طينتنا مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فاتخذ للفقر جلباباً, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: والله يا عليّ إنّ الفقر لأسرع (أسرع ـ خ) ) إلى محبّيك من السيل إلى بطن الوادي" .؟
ثالثا : الفرج ياتي بعد الشدة
لعل القانون الالهي في الفرج ان يصل الضيق والشدة المنتهى بحيث يقرب الى حالة الياس في النفوس بحيث النفوس تنعصر وتصبح غير قادرة على دفع هذا الضيق والشدة في النفس وهي قضية تكوينية ليس لها علاقة بضعف الايمان بل هو امر تكويني في النفس كما في قوله تعالى ( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جائهم نصرنا ). ومن هنا ياتي السؤال من الرسول والمؤمنين يارب متى نصرك على القوم الكافرين ومتى الفرج بعد هذا الضيق والالم والشدة عندها ياتي الفرج والنصر الالهي ( حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )
وقال الشاعر
ولرب ضائقة يضيق بها الفتى ...... ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها .......فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
الهي بحق اوليائك جميعهم من ادم الى الخاتم وال بيته الطاهرين ان تفرج عن امام زماننا صاحب الزمان كي يخلصنا من كل فاسد وظالم ومدعي للدين فقد ملاوا قلوبنا قيحا واستضعفونا.؟ يارب المستضعفين ليس لنا سواك يارب ...............؟
اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور المهدي عليه السلام .