في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (114)
قال تعالى(فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) سورة البقرة من الاية 219 الى 220.
نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة
اولا : هل هناك خطورة في التعامل مع اليتامى
لعل التعامل مع اليتامى فيما يخص الاموال فيه نوع من الخطورة ولا سيما اذا كان لليتيم اموال كثيرة قد نركها المورث له وذلك لان النفس بطبيعتها امارة بالسوء الا ما رحم ربي ،ولذلك كان المسلمون الاوائل يخشون من التعامل مع شريحة الايتام لئلا يقعوا في المحذور كما في الدر المنثور عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ، ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ) الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشئ من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فيرمي به ، فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأنزل الله : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ، فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم.
ثانيا : الميزان في التعامل مع الايتام
الاسلام يضع ميزانا في التعامل مع الايتام القاصرين وهو ميزان الاصلاح والمصلحة لهم ،فيجوز مخالطة الايتام في المأكل والمشرب ولا يشترط الدقة العقلية في التعامل في الاكل والشرب ،عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : قلت : أرأيت قول الله عزّوجلّ : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم )قال : تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم ، وتخرج من مالك قدر ما يكفيك ، ثم تنفقه .؟ وكذلك يجوز التجارة باموال الايتام لهم ويجوز للقيم الفقير على الايتام الاخذ من اموالهم بقدر الحاجة وبما هو متعارف وبلا اسراف وتعسف واستغلال لاموالهم كما ورد عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه ؟ فقال : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر لهم فليأكل بقدر ذلك ).
واللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ،في هذا المقطع من الاية بيان وتهديد من قبل الله تعالى بان الله يعلم من هو المفسد والذي يريد استغلال اموال اليتامى ومن هو المصلح الذي يريد مصلحة الايتام .......( ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ ) ،العنت المشقة والتكليف ،فالله تعالى قد اباح مخالطة الايتام وضمهم مع العيال والانفاق من اموالهم وكذلك اخذ قدر الحاجة من اموالهم كل ذلك من اجل اليسر على المتولي لامور الايتام .
ثالثا : الايتام مسؤولية المجتمع
الدولة وان كانت بما لديها من موارد مالية كبيرة مسؤولة عن الايتام الذين ليس لديهم الاموال ولكن يبقى المجتمع هو المسؤول الاول امام الله عن الايتام حتى لا يقعوا في متاهات الفساد والانحراف قال امير المؤمنين (الله الله في الأيتام، فلا تُغبّوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم).
وقال علي عليه السلام في وصف الايتام
ما إن تأوهت في شئ رزئت به **كما تأوهت للأطفال في الصغر
قد مات والدهم من كان يكفلهم** في النائبات وفي الأسفار والحضر.
لذلك على المجتمع مسؤولية احتضان الايتام وتلبية الحاجات الضرورية لهم في المأكل والملبس والمسكن والبيت وغيره من الامور ففي الحديث :من عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة) وكذلك توفير مؤسسات ومدارس تهتم بارشاد الايتام ثقافيا وسلوكيا حتى لا يضيعوا في مساحات الانحراف الاجتماعية لانهم فقدوا ابائهم الذين كانوا احرص عليهم في تربيتهم .
رابعا : اثار وفضل كفالة الايتام
1- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة إذا اتقى الله عزّ وجلّ وأشار بالسبابة والوسطى" .
2- عنه صلى الله عليه وآله وسلم:"من قبض يتيماً من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنّة البتة، إلّا أن يعمل ذنباً لا يُغفر" .
3- عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنّة أخوين كما أنّ هاتين أختان-وألصق إصبعيه السبابة والوسطى-"3.
4- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مرّ عيسى ابن مريم عليه السلام بقبر يُعذّب صاحبه ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يُعذّب، فقال: يا ربّ مررت بهذا القبر عام أوّل فكان يعذب ومررت به العام فإذا هو ليس يُعذّب؟ فأوحى الله إليه أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيماً فلهذا غفرت له بما فعل ابنه" .
5- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أنكر منكم قساوة قلبه، فليدن يتيماً فيلاطفه وليمسح رأسه، يلين قلبه بإذن الله، فإنّ لليتيم حقّاً"
6- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في اليتيم: "يقعده على خوانه، ويمسح رأسه يلين قلبه" .
7- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم لرجل يشكو قسوة قلبه: "أتحبّ أن يلين قلبك، وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلِن قلبك وتدرك حاجتك" .
اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور المهدي عليه السلام
قال تعالى(فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) سورة البقرة من الاية 219 الى 220.
نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة
اولا : هل هناك خطورة في التعامل مع اليتامى
لعل التعامل مع اليتامى فيما يخص الاموال فيه نوع من الخطورة ولا سيما اذا كان لليتيم اموال كثيرة قد نركها المورث له وذلك لان النفس بطبيعتها امارة بالسوء الا ما رحم ربي ،ولذلك كان المسلمون الاوائل يخشون من التعامل مع شريحة الايتام لئلا يقعوا في المحذور كما في الدر المنثور عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ، ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ) الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشئ من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فيرمي به ، فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأنزل الله : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ، فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم.
ثانيا : الميزان في التعامل مع الايتام
الاسلام يضع ميزانا في التعامل مع الايتام القاصرين وهو ميزان الاصلاح والمصلحة لهم ،فيجوز مخالطة الايتام في المأكل والمشرب ولا يشترط الدقة العقلية في التعامل في الاكل والشرب ،عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : قلت : أرأيت قول الله عزّوجلّ : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم )قال : تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم ، وتخرج من مالك قدر ما يكفيك ، ثم تنفقه .؟ وكذلك يجوز التجارة باموال الايتام لهم ويجوز للقيم الفقير على الايتام الاخذ من اموالهم بقدر الحاجة وبما هو متعارف وبلا اسراف وتعسف واستغلال لاموالهم كما ورد عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه ؟ فقال : ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر لهم فليأكل بقدر ذلك ).
واللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ،في هذا المقطع من الاية بيان وتهديد من قبل الله تعالى بان الله يعلم من هو المفسد والذي يريد استغلال اموال اليتامى ومن هو المصلح الذي يريد مصلحة الايتام .......( ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ ) ،العنت المشقة والتكليف ،فالله تعالى قد اباح مخالطة الايتام وضمهم مع العيال والانفاق من اموالهم وكذلك اخذ قدر الحاجة من اموالهم كل ذلك من اجل اليسر على المتولي لامور الايتام .
ثالثا : الايتام مسؤولية المجتمع
الدولة وان كانت بما لديها من موارد مالية كبيرة مسؤولة عن الايتام الذين ليس لديهم الاموال ولكن يبقى المجتمع هو المسؤول الاول امام الله عن الايتام حتى لا يقعوا في متاهات الفساد والانحراف قال امير المؤمنين (الله الله في الأيتام، فلا تُغبّوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم).
وقال علي عليه السلام في وصف الايتام
ما إن تأوهت في شئ رزئت به **كما تأوهت للأطفال في الصغر
قد مات والدهم من كان يكفلهم** في النائبات وفي الأسفار والحضر.
لذلك على المجتمع مسؤولية احتضان الايتام وتلبية الحاجات الضرورية لهم في المأكل والملبس والمسكن والبيت وغيره من الامور ففي الحديث :من عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة) وكذلك توفير مؤسسات ومدارس تهتم بارشاد الايتام ثقافيا وسلوكيا حتى لا يضيعوا في مساحات الانحراف الاجتماعية لانهم فقدوا ابائهم الذين كانوا احرص عليهم في تربيتهم .
رابعا : اثار وفضل كفالة الايتام
1- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة إذا اتقى الله عزّ وجلّ وأشار بالسبابة والوسطى" .
2- عنه صلى الله عليه وآله وسلم:"من قبض يتيماً من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنّة البتة، إلّا أن يعمل ذنباً لا يُغفر" .
3- عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنّة أخوين كما أنّ هاتين أختان-وألصق إصبعيه السبابة والوسطى-"3.
4- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مرّ عيسى ابن مريم عليه السلام بقبر يُعذّب صاحبه ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يُعذّب، فقال: يا ربّ مررت بهذا القبر عام أوّل فكان يعذب ومررت به العام فإذا هو ليس يُعذّب؟ فأوحى الله إليه أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيماً فلهذا غفرت له بما فعل ابنه" .
5- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أنكر منكم قساوة قلبه، فليدن يتيماً فيلاطفه وليمسح رأسه، يلين قلبه بإذن الله، فإنّ لليتيم حقّاً"
6- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في اليتيم: "يقعده على خوانه، ويمسح رأسه يلين قلبه" .
7- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم لرجل يشكو قسوة قلبه: "أتحبّ أن يلين قلبك، وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلِن قلبك وتدرك حاجتك" .
اللهم بحق الحسين اشف صدر الحسين بظهور المهدي عليه السلام