بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
ورد في القرآن الكريم لفظة الدين وورد لفظة الشريعة أو الشرائع فهل هناك أختلاف بينهما من ناحية الاستعمال القرآني ...فالقرآن عندما يتكلم عن الشريعة فأنه يتكلم عن المنظومة الدينية التي أرسلها الى أهل ملة معين .أما عندما يتكلم ع الدين فأنه يتكلم عن عن مجموع هذه الشرائع التي تنظم هذه الشرائع تحته...بأختلاف تفاصيلها رغم أنها تشترك فيما بينها بجامع مشترك وهو العدل والتوحيد ..ولكنها تختلف بالتفاصيل فأن لكل شريعة صلاة ولكنها تختلف عن الصلاة لدى الشريعة الاخرى ..ولكل من هذه الشرائع صوم ولكنه يختلف عن الصوم لدى الشريعة الاخرى..فلكل منها منضومة خاصة رغم أشتراك الجميع بعامل مشترك وهو كما قلت التوحيد والمعاد...فقدقال تعالى (لكل جعلنا شرعة ومنهاجا) فقد سماها القرآن شريعة.أما عندما يتكلم عن الدين فأنه يتكلم عن كل تلك الشرائع منضوية تحت ذلك الدين فقد قال تعالى (أن الدين عند الله الاسلام ).فجعل الاسلام هو الدين الجامع لكل تلك الشرائع وخاتمها.والمتم لها وهو الدين المرضي له سبحانه ..ولذا نرى في الآيات القرآنية المباركة أن الانبياء كانوا يقرون بهذا الدين الذي وصفه الله ب(أن الدين عند الله الاسلام)ولم يسمه شريعة وقال تعالى آمرا أنبيائه(فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الله عليها ...فجعل الدين وهو الاسلام فطرته التي فطر الناس عليها..لذا نرى أن نبي الله يوسف يقول(توفني مسلما وألحقني بالصالحين ..ونرى نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله السلام يقول (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)ونرى في آية أخرى (ووصى بها إبراهيم بنيه ويقوب يابني إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون) البقرة 132..والآية الاخرى(وماتنقم منا الا أن آمنا بآيات ربنا لما جائتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين )الاعراف 126 وآية أخرى (وما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين)الاعراف 67..فهذه الآيات جميعها تدل على أن الانبياء كانوا يدينون بدين الله الاوحد وبالمنضومة المتكاملة التي هي الاسلام ..رغم كونهم قد بعثوا بشرائع متعددة مختلفة الى الناس ..فثبت بهذا أن دين جميع الانبياء هو الاسلام ..والملفت للنظر أن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله عندما بلغ الامر الآلهي بتنصيب أمير المؤمنين يوم غدير خم ونصبه إماما بأمر الله على الناس نزلت الآية الشريفة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )فأن الذي كمل هنا هو الدين وليس الشريعة..وتكون الامامة هي المكمل لدين الله الاوحد الذي أرتضاه لعباده ..ولولا هذه الولاية لما كمل الدين حيث أمر الله نبيه قبل غدير خم أن يبلغ ماأنزل الله فقال تعالى (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل اليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)فكان تبليغ هذا الامر الألهي هو أكمال للدين وهو المستفاد من الآية الاولى وكان عدم تبليغه عدم تبليغ الرسالة بأجمعها وهو المستفاد من الآية الثانية رغم تبليغه لباقي الجزيئيات من صوم وصلاة وحج وغيرها..وبهذا يدل على ان قوام الاسلام الذي جعله الله الدين القيم والذي أنطوت فيه جميع الشرائع السابقة فإن قوامه هو الولاية إذ بها يكمل الدين ..وبعدمها فلادين ولا رسالة..