اللهم صلّ على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أتاحت لنا عوالم النهضة الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من سمات عصرنة الوجدانيات، وطرحها بقوالب الكترونية متسارعة، مما أدى الى اتساع نطاق العلاقات الإنسانية وتشعبها على المستوى الكمي.. ولكنه في نفس الوقت أدى الى استنزاف الكثير من مصادر الطاقة الاجتماعية، وأصولها، وقواعدها.. وضمور وانحسار الكثير من مشاعر وأحاسيس البشر على الصعيد الواقعي المعاش.
فالكثير من (الفيسبوكيين) لا يكونون بنفس الحماس والتفاعل والتواصل الاجتماعي مع أسرهم وجيرانهم وأقاربهم ومحيطهم الخارجي.. فمثلاً لم تعد تلك الجلسات العائلية، وحلقات السمر الأسري، وسماع التوجيهات والنصائح، وهضم التجارب، وأخذ العبرة، وتبادل القصص والحكايات، خاصة الانتباه الى الرجل الكبير، وتقاسيم وجهه، وطريقة تعبيره، وأسلوبه في الكلام.. أمور كثيرة كانت تشكل القاعدة الأساس لبناء الشخصية الرصينة، وإعدادها للدخول في معترك الحياة.
فهل حافظ مجتمع الفيس بوك على ثقافتنا، وتقاليدنا، وعقائدنا، وساهم في تصديرها للعالم، أم أنه عمل ونشط على تفتيتها وتبعثرها، ونفاد مصادرها، واستبدالها بالغريب المستورد..؟
هل ساهمت أجواء تلك المواقع في صناعة أفراد وشخصيات فارغة المحتوى، وبلا هوية أصلاً.. أم أنها ساهمت في انتشار عدد كبير من الكتاب، وخلقت مساحة أكبر لشخصية الفرد في التعبير عن ذاتها وآرائها في الحياة وعقائدها..؟
حقيقة أسئلة متعددة.. وإجاباتها بطبيعة الحال تختلف من شخص إلى آخر بحسب وعيه، وثقافته، وإدراكه للأمور في ضرورة ترويض وجعل ذلك التواجد في تلك المواقع تواجداً بناء مثمراً..
فهي دعوة صادقة أن تكون تلك المواقع محطة من محطات العمر، نمر بها لمعرفة ما يدور حولنا من معارف وعلوم وثقافات وعادات وتقاليد.. نأخذ الطيب منها، ونتحاور بالنافع والمفيد لنا ولمجتمعنا.. ونبتعد عن كل ما يسيء لهويتنا ومنظومتنا الاجتماعية والفكرية والعقائدية.