السبب الرابع: رفع الدرجات
يدلّ عليه أيضاً ما رواه الكليني بإسناده عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبدالله (8) عن قول الله عزوجل: )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ( أرأيت ما أصاب علياً وأهل بيته من بعده؛ أهو بما كسبت أيديهم، وهم أهل بيت طهارة معصومون؟!.فقال عليه السلام: «إنّ رسول الله 6كان يتوب إلى الله ويستغفر في كلّ يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب؛ إنّ الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب» ([3]).قال المجلسي 1 في المرآة: صحيح([4]).وبما تقدم يرتفع ما يمكن توهمه من أن سبب ما يصيب الأنبياء والأولياء من مصائب هو الذنب والعياذ بالله، كما توهم ذلك يزيد بن معاوية لعنه الله، فقد روى صاحب تفسير نور الثقلين أنّه لما دخل على بن الحسين (8) على يزيد ونظر إليه قال له: يا علي: )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ(!!.فقال عليّ بن الحسين (8): «كلاّ، ما هذه فينا نزلت إنّما نزل فينا: )مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ( فنحن لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا ولا نفرح بما أوتينا»([5]).فأشار الإمام إلى أنّ ما يصيبهم :من نوازل لم يكن بسبب ذنب اقترفوه كما هو مؤدى الآية الأولى، وإنّما هو لطفٌ بهم ونعمة؛ ليرفع درجاتهم :.وقوله تعالى: )الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(([6]). واضح فيما نحن فيه.ومن هذا الباب ما رواه الكليني بإسناده عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ في الجنة منزلة لا يبلغها عبدٌ، إلاّ بالابتلاء في جسده» ([7]).قال المجلسي 1 في المرآة: صحيح([8]).ومنه أيضاً ما رواه الكليني بإسناده عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّه ليكون للعبد منزلة عند الله، فما ينالها إلاّ بإحدى خصلتين: إمّا بذهاب ماله، أو ببليّة في جسده»([9]).قال المجلسي 1 في المرآة: صحيح([10]).قلت: تقدّم أنّ المصيبة هي: الفجيعة المؤلمة بفقدان عزيزٍ، من مال أو حميم ([11]). وهو يتناول ما نحن فيه -من بلايا الجسد- قطعاً؛ للأولى.
([1]) البقرة: 124.
([2]) السجدة: 24.
([3]) الكافي (ت: علي غفاري) 2: 450. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([4]) مرآة العقول 11: 374. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([5]) تفسير نور الثقلين: الشيخ عبد علي بن جمعة الحويزي (قدس سره): ج4 ص580.
([6]) البقرة: 156.
([7]) الكافي (ت: علي غفاري) 2: 255. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([8]) مرآة العقول 9: 335. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([9]) الكافي (ت: علي غفاري) 2: 257. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([10]) مرآة العقول 9: 346. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([11]) أنظر تهذيب الأزهري (ت: محمد عوض) 1: 246. دار إحياء التراث العربي، بيروت.