بسم الله الرحمن الرحيم
مقام الطهارة:

واما مقام الطهارة فمما لا يخفى على احد انها ($) من المطهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والطهارة في قبال الرجس سواء على مستوى العقيدة او الأخلاق او الأفعال وهي طهارة تكوينية لها لوازم اشار الى بعضها القرآن الكريم كقوله تعالى: ƒإِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَo، فالمطهرون هم من يملكون مس القرآن دون سواهم والمس معناه العلم والمعرفة ومس الحقائق، من هنا قد نتعرف على معنى ما ورد في تفسير فرات ابن ابراهيم وكذا في البحار وغيرهما: sفمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتهاr.
الحديث يشير الى حقيقة وسر من اسرار الزهراء ($) وهو من عرفها فقد تعرف على اسرار ليلة القدر، وقبل ان نبين سر هذا الاقتران ينبغي ان نشير الى ان الزهراء ($) شابهت ليلة القدر من جهتين:
الأولى: من جهة شرافتها وفضلها على باقي الليالي، كذلك السيدة الزهراء ($) فضلها على سائر الخلق، ويكفي في فضل ليلة القدر قوله تعالى: pوما ادراك ما ليلة القدرo.
الثانية: من جهة خفائها، لتطلب معرفتها بشدة.
اذا اتضح ما تقدم نقول: الحديث الشريف يريد ان يقول ان هناك سراً في ليلة القدر، ومن يصل لمرتبة معرفة السيدة الزهراء حق معرفتها فانه سيدركه.
ولا يبعد ان يكون هذا السر هو الاطلاع على ما في اللوح المحفوظ والكتاب المبين من علم الله تعالى، فكما هو معلوم ان ليلة القدر ظرف لنزول الكتاب المبين، قال تعالى: pحم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ o، والسيدة الزهراء ($) بما انها من المطهرين بمقتضى اية التطهير فهي لها ان تمس الكتاب المكنون، قال تعالى: pإِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَo، وعليه فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد علم قلبها وانه مرآة للوح المحفوظ والكتاب المبين وقد علم بما فيهما وبالتالي ادرك ليلة القدر أي ادرك ما يتنزل في ليلة القدر وهو الكتاب المبين.

ومن الآثار المتربة على مقام الطهارة واللوازم لها: انها ($) لم تعبد الله طمعا في جنته ولا خوفا من ناره وانما حبا له، ففي العلل، والمجالس، والخصال، عن الصادق (عليه السلام): sإن الناس يعبدون الله على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفا من النار فتلك عبادة العبيد، وهي رهبة، ولكني أعبده حبا له عز وجل فتلك عبادة الكرام، لقوله عز وجل: ƒو هم من فزع يومئذ آمنون. ولقوله عز وجل ƒقل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، فمن أحب الله عز وجل أحبه، ومن أحبه الله كان من الآمنين، وهذا مقام مكنون لا يمسه إلا المطهرون.
وبما انها ($) من المطهرين بمقتضى اية التطهير فهي من أهل هذا المقام.