بسمه تعالى وله الحمد

وصلاته وسلامه على رسوله الامين محمد وآله الطيبين الطاهرين


تختلف الامم والشعوب في طريقة تبادل التحية عند التلاقي فيما بينهم ، فلكل شعب

طريقته الخاصة به ، يعبر من خلالها عن المودة والاحترام والتقرب للطرف الاخر

ولذلك فإنَّه يختار الطريقة المناسبة والمهذبة لفظاً وتعبيراً

لتكون اسلوباً يعكس ما في داخله من احترام ومودة .

ولانَّ المسألة تحتاج الى تهذيب في القول والفعل ،ولانها - ايضاً - من اساسيات التعامل الاجتماعي

لذلك أعطاها المشرع الاسلامي اهتماماً كبيراً ، والبسها حلّة تليق بها وتجعلها

الى القلوب اقرب وباباً واسعاً يمكن الدخول من خلاله الى اعماق النفس الانسانية .

وجاءت تحية الاسلام بهذه الصورة :

( السلام عليك او عليكم )

فبدأها ( بالسلام ) وهي بالاصل ( سلام الله عليكم )

اي : ليهبك الله السلامة والامن ، وهو اسلوب راقي للتعبير عن الحب والوئام والود المتبادل .

قال تعالى في كتابه المجيد :

{
فإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةْ مِّن عِندِ اللهِ مَبَـرِكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ الاَْيَـتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } سورة النور / 61 .

ثم انَّ الشريعة الاسلامية جعلت رد السلام على هذه الصيغة ( السلام عليكم )

واجباً يأثم المكلف بتركه عمداً ، ووجهته بإن يكون الرد إما بالمثل او بأحسن منه .

وهذا ما نجده في قوله تعالى :

{
وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا } سورة النساء / 86

وهذه التحية ليست في هذا العالم فقط بل نقرأ في القرآن انها تحية اهل الجنّة

وذلك في قوله تعالى :

{
أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا } سورة الفرقان / 75 .

وقوله تعالى :

{
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } سورة ابراهيم / 23 .

ومن المؤكد عن جمال وعظم هذه التحية يظهر بمقارنتها بباقي تحيات الامم والشعوب

لما فيها من القيمة المعنوية الكبيرة والادب الرفيع والمفردات التي تسكن القلوب وتبقى في النفوس .

ومع هذا تجد البعض يغفل او يتغافل عن هذه الحقيقة ويحرف الكلم عن مواضعه

ويسلب من التلاقي قيمته بإستخدام عبارات والفاظ لا تُناسب الطرح الاسلامي

بأن يرد عليك السلام بصيغة ( هلو ) او ( هله او هله ومرحبا )

او غيرها من الالفاظ التي نسمعها من البعض خلال تعاملاتنا الاجتماعية

وهذا أمرٌ مرفوض شرعاً وعرفاً لانه سيوقع صاحبه في الاشكال الشرعي فرد السلام

لا يُجزيه هذا اللفظ ، وكذلك سيبعد صاحبه عن القيم والاخلاقيات السليمة والصحيحة

التي يريدها الشارع المقدس .

لذا علينا لا نزهد في مسالة السلام ، وعلينا ان نعطيها حقها من الاهتمام لانها بوابة الخلق النبيل

وسلّم الوصول الى القلوب .



أخذ الله بايدينا لما يحب ويرضا وهدانا طريق الرشاد والفلاح انه نعم المولى ونعم المعين .