كلمة تامّة للتبريزي الأنصاري (1310هـ)
قال المولى محمد علي بن أحمد القراچه داغي 1 (1310هـ) : ثمّ إنّ معنى النجاسة في الشيء ، ليس الاّ وجوب الاحتراز عنه في الصلاة مثلاً ، أو الأكل والشرب ونحو ذلك ، ووجوب الاحتراز فيه ، إمّا من جهة خباثة في نفسه ذاتاً أو صفة ، أو من جهة المصالح الخارجية ، فدم المعصوم عليه السلام يجب غسله البتة ، بحسب القواعد الشرعية ، من جهة المصالح الخارجية ، إذ لو بني على عدم غسله مثلاً بالحكم بالطهارة ؛ لزم الهرج والمرج في الشريعة ، فكان يقول بعض الناس بطهارة دم سلمان ، وبعضهم بطهارة دم أبي ذر ، ومريد العالم الفلاني بطهارة دمه ، ومريد العارف الفلاني كذلك ، وكذا في البول والغائط من الخاصة أو من العامة .
وهذا باب عظيم يدخل منه الشيطان ، فيفسد على النّاس أحكام الدين والملّة ، كما ترى أنّ مع استقرار الحكم ظاهراً بنجاسة الدماء مطلقاً ، يحكم بعض السفهاء في عصرنا بطهارة دم العارف الفلاني وبوله وغائطه ، فسدّوا عليهم السلام هذا الباب من صدر الشريعة ، وحكموا باطلاقات كلامهم ، بوجوب غسل الدماء بالمرة ، وكانوا عليهم السلام يغسلون الدم ونحوه ، من أنفسهم ، أو من غيرهم .
وأمّا من حيث الحقيقة ، فليس في دم المعصوم عليه السلام خباثة بالمرة لا ظاهرية ولا باطنية ، بل هو طهرٌ طاهرٌ مطهَّرٌ ، من طهرٍ طاهرٍ مطهَّرٍ ، في غاية الطهارة ، وآية التطهير أيضاً تدل على حكم المسألة ، كما أنّ السكر المغصوب ليس فيه خباثة ذاتية ، بل هو في غاية اللطافة ، لكن عرض عليه حكم الاجتناب عنه من جهة المصالح الخارجية ، فيقال : إنّ وجوب الاجتناب فيه ، إنّما هو من الأحكام التعبدية ، لا أنّه من جهة الخباثة والنجاسة .
وأيُّ خبيثٍ يتجاسر أن يقول بخباثة دم المعصوم عليه السلام ، في عرض الخمر ودم الخنزير ولحم الميتة مثلاً ، نعوذُ بالله من سماع تلك المقالة ؛ فدماؤُهم عليهم السلام ، أطهر وألطف ، من كلّ لطيف ونظيف بمراتب كثيرة .
وقد مرَّ أنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، خلقوا من نور أجسامهم اللطيفة ، وأجسادهم الشريفة ، ودماؤهم من جملة أجزائهم في عالم الجسمية ، ولا معنى لطروء النجاسة ، بالنسبة إلى العقول الصافية ، فكيف بما هو أعلى منها مرتبة ؟!.
فالأنوار اللطيفة في غاية اللطافة ، لا تعرضها الخباثة والكثافة ، وكذا الحكم في البول والغائط ، ولذا كان رائحتهما من المعصوم عليه الصلاة والسلام كالمسك الأذفر .
وكذا النطفة منهم عليهم السلام ، وإن كان مادة هذه الأمور من الأغذية الدنيوية الكثيفة ، إلاّ أنّها بمجاورة جسم المعصوم عليه السلام ، ومخالطته ، ومصاحبته ، تكتسب اللطافة الكاملة بالتبعيّة ، ولذا كان اللباس والعباء على جسم النبي صلى الله عليه وآله ، لا يقع منهما أيضاً ظل ، تبعاً له.
فكلُّ شيٍءٍ منهم نور ، حتى الدم والبول والغائط والنطفة ، فأجسامهم البشرية المرئية ، مظاهر الصفات اللاهوتية ، والصورة لا تضر في الحقيقة ، وإذا كان جبرئيل عليه السلام يتصور بصورة دحية الكلبي ، كان له لحم ودم وعظام بمقتضى الصورة الجسمية ، لكن المتبدل لم يكن الاّ الصورة ، والاّ كان كلّ جزء منه نوراً محضاً البتة([1]).
([1]) اللمعة البيضاء (ت: هاشم الميلاني) : 84. مؤسسة الهادي ، قم .
قال المولى محمد علي بن أحمد القراچه داغي 1 (1310هـ) : ثمّ إنّ معنى النجاسة في الشيء ، ليس الاّ وجوب الاحتراز عنه في الصلاة مثلاً ، أو الأكل والشرب ونحو ذلك ، ووجوب الاحتراز فيه ، إمّا من جهة خباثة في نفسه ذاتاً أو صفة ، أو من جهة المصالح الخارجية ، فدم المعصوم عليه السلام يجب غسله البتة ، بحسب القواعد الشرعية ، من جهة المصالح الخارجية ، إذ لو بني على عدم غسله مثلاً بالحكم بالطهارة ؛ لزم الهرج والمرج في الشريعة ، فكان يقول بعض الناس بطهارة دم سلمان ، وبعضهم بطهارة دم أبي ذر ، ومريد العالم الفلاني بطهارة دمه ، ومريد العارف الفلاني كذلك ، وكذا في البول والغائط من الخاصة أو من العامة .
وهذا باب عظيم يدخل منه الشيطان ، فيفسد على النّاس أحكام الدين والملّة ، كما ترى أنّ مع استقرار الحكم ظاهراً بنجاسة الدماء مطلقاً ، يحكم بعض السفهاء في عصرنا بطهارة دم العارف الفلاني وبوله وغائطه ، فسدّوا عليهم السلام هذا الباب من صدر الشريعة ، وحكموا باطلاقات كلامهم ، بوجوب غسل الدماء بالمرة ، وكانوا عليهم السلام يغسلون الدم ونحوه ، من أنفسهم ، أو من غيرهم .
وأمّا من حيث الحقيقة ، فليس في دم المعصوم عليه السلام خباثة بالمرة لا ظاهرية ولا باطنية ، بل هو طهرٌ طاهرٌ مطهَّرٌ ، من طهرٍ طاهرٍ مطهَّرٍ ، في غاية الطهارة ، وآية التطهير أيضاً تدل على حكم المسألة ، كما أنّ السكر المغصوب ليس فيه خباثة ذاتية ، بل هو في غاية اللطافة ، لكن عرض عليه حكم الاجتناب عنه من جهة المصالح الخارجية ، فيقال : إنّ وجوب الاجتناب فيه ، إنّما هو من الأحكام التعبدية ، لا أنّه من جهة الخباثة والنجاسة .
وأيُّ خبيثٍ يتجاسر أن يقول بخباثة دم المعصوم عليه السلام ، في عرض الخمر ودم الخنزير ولحم الميتة مثلاً ، نعوذُ بالله من سماع تلك المقالة ؛ فدماؤُهم عليهم السلام ، أطهر وألطف ، من كلّ لطيف ونظيف بمراتب كثيرة .
وقد مرَّ أنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، خلقوا من نور أجسامهم اللطيفة ، وأجسادهم الشريفة ، ودماؤهم من جملة أجزائهم في عالم الجسمية ، ولا معنى لطروء النجاسة ، بالنسبة إلى العقول الصافية ، فكيف بما هو أعلى منها مرتبة ؟!.
فالأنوار اللطيفة في غاية اللطافة ، لا تعرضها الخباثة والكثافة ، وكذا الحكم في البول والغائط ، ولذا كان رائحتهما من المعصوم عليه الصلاة والسلام كالمسك الأذفر .
وكذا النطفة منهم عليهم السلام ، وإن كان مادة هذه الأمور من الأغذية الدنيوية الكثيفة ، إلاّ أنّها بمجاورة جسم المعصوم عليه السلام ، ومخالطته ، ومصاحبته ، تكتسب اللطافة الكاملة بالتبعيّة ، ولذا كان اللباس والعباء على جسم النبي صلى الله عليه وآله ، لا يقع منهما أيضاً ظل ، تبعاً له.
فكلُّ شيٍءٍ منهم نور ، حتى الدم والبول والغائط والنطفة ، فأجسامهم البشرية المرئية ، مظاهر الصفات اللاهوتية ، والصورة لا تضر في الحقيقة ، وإذا كان جبرئيل عليه السلام يتصور بصورة دحية الكلبي ، كان له لحم ودم وعظام بمقتضى الصورة الجسمية ، لكن المتبدل لم يكن الاّ الصورة ، والاّ كان كلّ جزء منه نوراً محضاً البتة([1]).
([1]) اللمعة البيضاء (ت: هاشم الميلاني) : 84. مؤسسة الهادي ، قم .