قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف/200)، وجاء في تفسير الشيخ الطوسي (قدس سره): إن النزغ يعني ادنى حركة تقول: اذا نزغته حركته، والمعنى إن نالك يا محمد من الشيطان ادنى حركة من معاندة، وسوء عشرة، فاستعذ بالله، سل الله ان يعينك ويحفظك منه فانه سميع للمسموعات وعالم بالخفيات، يسمع دعاء من يدعوه، ويعلم دعاءه وما يستحقه بذلك من الله تعالى.
والنزغ يعني الفساد، يقال: نزغ فلان بيننا أي افسد بيننا ومن قوله تعالى: (نزغَ الشيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) ويقال ايضا انه التحريش بين الاثنين، وهو مس بسوء.. وروى الفيض الكاشاني (قدس سره) في كتابه التفسير الاصفى: والنزغ يعني الوسوسة والاغواء.
ويرى السيد مكارم الشيرازي في كتابه التفسير الامثل: انها مأخوذة من مادة النزغ ومعناها الدخول في الامر لافساده او الاثارة ضده، فالمتقون ينجون من نزغ الشيطان ووسوسته بذكر الله تعالى، إلا أن الآثمين اخوة الشياطين يبتلون بمزيد الوساوس ولا ينسلخون.
ويرى السيد مكارم الشيرازي ان ثمة منعطفات صعبة في حياة المؤمنين يكمن فيها الشيطان يحاول ان ينزغ ويجتهد الانسان في مقابل وسواس الشيطان في تجاوزها على الله تعالى وإلا فانه لا يستطيع ذلك لوحده.. عليه ان يتوكل على الله ليجتاز عقبات الطريق ومخاطره ويتمسك بحبل الله المتين.
لقد ورد الحديث أن شخصاً أساء لآخر في محضر رسول الله (ص) فثار الغضب في قلبه واشتعلت هواجس النازغ، فقال رسول الله (ص): لأني اعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال الرجل: امجنونا تراني؟ فاستشهد رسول الله (ص) بالقرآن الكريم وتلا قوله: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) هذه اشارة الى ان ثورة الغضب من وسواس الشيطان مثلما تعتبر ثورة الشهوة والهوى من وسواسه.
وفي كتاب (نور الثقلين: المجلد4/ ص154) ورد ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) علم اصحابه ابوابا كثيرة من العلم جمعها في حكمة (اذا وسوس الشيطان الى احدكم فليستعذ بالله، وليقل: آمنت بالله مخلصا له الدين).