بسم الله الرحمن الرحيم
ممیزات قراءة حفص


?انت ولا تزال قراءة عاصم ـ بروایة حفص ـ هی القراءة المفضّلة عند أتباع مدرسة أهل البیت (ع)، والتي تقبّلها جمهور المسلمین في جمیع الأدوار والأعصار، وفي جمیع البلدان والأمصار؛ وذل? لمیّزات ?انت فيها، من قبیل:
الأوّل: إنّ قراءة حفص ?انت هی قراءة عامّة المسلمین؛ حیث ?ان حفص وشیخه عاصم حریصین على الإلتزام بما وافق قراءة العامّة والروایة الصحیحة المتواترة بین المسلمین.
وهذه القراءة أقرأها عاصم لتلمیذه حفص، ومن ثمّ اعتمدها المسلمون في عامّة أدوارهم، نظرا إلى هذا التوافق والوئام. [1]
الثانی: أنّ عاصماً بین القرّاء المعروفين، ?ان فریداً بسمات وخصائص، جعلته علماً یشار إلیه بالبنان، فقد ?ان ضابطاً متقناً للغایة، شدید الحذر والاحتیاط فيمن یأخذ عنه القرآن متثبّتا. ومن ثمّ لم یأخذ القراءة أخذاً إلاّ من أبی عبدالرحمان السُّلَمی عن علیّ علیه‏السلام
و?ان یعرضها على زرّبن حبیش عن ابن مسعود.
قال ابن عیّاش: قال لی عاصم: ما أقرأنی أحد حرفاً إلاّ أبوعبدالرحمان، و?ان أبوعبدالرحمان قد قرأ على علیّ علیه‏السلام ف?نت أرجع من عنده فأعرض على زِرّ، و?ان زِرّ قد قرأ على عبداللّه بن مسعود.[2]‏
و?ان نفطویه إبراهیم بن محمد (المتوفى323ق) إذا جلس للإقراء ـ و?ان قد جلس أ?ثر من خمسین عاماً ـ یبتدئ بشیء من القرآن المجید على قراءة عاصم فحسب، ثمّ یقرئ بغیرها.[3]
وه?ذا اختار الإمام أحمد بن حنبل قراءة عاصم على قراءة غیره؛ لأنّ أهل ال?وفة ـ وهم أهل علم وفضیلة ـ اختاروا قراءته.[4] وفي لفظ الذهبی :قال أحمد بن حنبل: ?ان عاصم ثقة، أنا أختار قراءته.[5] ثم قال: وقد حاول الأئمّة اتصال أسانیدهم إلى عاصم بروایة حفص بالخصوص، قال الإمام شمس الدین الذهبی: وأعلى ما یقع لنا القرآن العظیم فهومن جهة عاصم. ثمّ ذ?ر إسناده متصلا إلى حفص عن عاصم عن أبی عبدالرحمان السلمی عن علیّ علیه‏السلام، وعن زرّ عن عبداللّه بن مسعود‏. ?لاهما عن النبي (ص) عن جبرائیل علیه‏السلام عن اللّه‏ عزّوجلّ.[6]
هذا... ولم یزل علماؤنا الأعلام من فقهاءنا الإمامیّة، یرجّحون قراءة عاصم بروایة حفص، علما منهم بأنّها القراءة المفضَّلة المتوافقة مع قراءة قریش الذين نزل القرآن بلغتهم ووفق لهجتهم الفصحى التي توافقت علیها العرب والمسلمون جمیعا.
قال أبوجعفر رشید الدین محمد بن علی بن شهرآشوب (المتوفي588): وأمّا عاصم فقرأ على أبی عبد الرحمان السُّلَمیّ. وقال أبوعبد الرحمان: قرأت القرآن ?لّه على علیّ بن أبی طالب علیه‏السلام. فقال: أفصح القراءات قراءة عاصم. لأنّه أتى بالأصل، وذل? لأنّه یُظهر ما أدغمه غیره، ویحقّق من الهمز ما لیّنه غیره، ویفتح من الألفات ما أماله غیره.[7]
وقال العلاّمة أبومنصور جمال الدین الحسن بن یوسف بن المطهّر الحلّیّ (المتوفى762(: وأحبّ القراءات إلیّ قراءة عاصم.[8]
وه?ذا لم یزل العلماء في جمیع الأعصار یوا?بون جمهور المسلمین في الاهتمام بشأن قراءة عاصم بروایة حفص. الأمر الذي رجّح من قراءته على سائر القراءات أجمع .مضافاً إلى ما مرّ من مزایا أُخرى.
الثالث: هذا فضلا عن أنّ حفصا ?ان أعلم أصحاب عاصم بقراءته، ومفضّلا على زمیله أبی ب?ربن عیّاش في الحفظ وضبط حروف عاصم.[9]
الرابع: إنّ إسناد حفص إلى شیخه إلى علیّ أمیرالمؤمنین علیه‏السلام إسناد ذهبیّ عال لا نظیر له في القراءات.[10]

حجیة القراءات السبع
وقع البحث بین أعلام وفقهاء المسلمین حول مساحة حجیة القراءات السبع، وهل جمیعها حجّة؟ وهل یجور اعتمادها في القراءة في الصلاة وأن المصلی بالخیار في اعتماد أیها شاء؟
ذهب أ?ثر الفقهاء إلى القول بالجواز.[11] بل قالوا: الأحوط عدم التخلف عن إحدى القراءات السبع ?ما أنّ الأحوط عدم التخلف عمّا في المصاحف ال?ریمة الموجودة بین أیدی المسلمین، بل لا یبعد جواز القراءة بإحدى القراءات.[12]

[1]. التمهید في علوم العراق، ج2، ص222.
[2]. الذهبی، محمد بن أحمد، معرفة القراء ال?بار على الطبقات والأعصار، ج ‏1، ص 208، اسطانبول، مر?ز البحوث الإسلامیة، الطبعة الأولى، 1416ق.
[3]. ابن حجر العسقلانی، أحمد بن علی، لسان المیزان، ج 1، ص 109، بیروت، مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، الطبعة الثانیة، 1390ق.
[4]. ابن حجر العسقلانی، أحمد بن علی، تهذیب التهذیب، ج 5، ص 39، الهند، مطبعة دائرة المعارف النظامیة، الطبعة الأولى، 1326ق.
[5]. الذهبی، شمس الدین محمد بن أحمد، میزان الإعتدال في نقد الرجال، ج 2، ص 358، بیروت، دار المعرفة للطباعة النشر، الطبعة الأولى، 1382ق.
[6]. معرفة القرّاء ال?بار على الطبقات والأعصار، ج ‏1، ص 210.
[7]. ابن شهر آشوب مازندرانی، مناقب آل أبیطالب (علیهم السلام)، ج ‏2، ص 43، قم، انتشارات علامة، الطبعة الأولى، 1379ق.
[8]. العلامة الحلّی، حسن بن یوسف، منتهی المطلب في تحقیق المذهب، ج 5، ص 64، مشهد، مجمع البحوث الإسلامیة، الطبعة الأولى، 1412ق.
[9]. التمهید في علوم القرآن، ج2، ص 223.
[10]. انظر: محمد هادی معرفة، التمهید في علوم القرآن، ج2، ص222- 226، مؤسسة التمهید الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، قم‏ المقدسة، شارع ‏انقلاب، فرع 18. رقم49.
[11]. منتهى المطلب في تحقیق المذهب، ج 5، ص 64؛ النجفي، محمد حسن، مجمع الرسائل (المحشّی)، ص 247، مشهد، مؤسسة صاحب الزمان (ع)، الطبعة الأولى، 1415ق؛ الأرا?ی، محمد علی، ?تاب الصلاة، ج 2، ص 127، قم، م?تب المؤلف، الطبعة الأولى، 1421ق؛ الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 1، ص 167 168، قم، مؤسسة مطبوعات دار العلم، الطبعة الأولى، 1379ش؛ وانظر: جواز قرائة «مالك یوم الدین» و«ملك یوم الدین»، السؤال 31747.
[12]. الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج1، ص167- 168، المسالة رقم 14.