السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
*********************
تقدّم (بلالُ الحبشي) ليخطب لأخيه إمرأة وبعد أن استقرّ بهم المجلس ورحّب بهم أهلُ المرأة إفتتح (بلالُ) الحديث قائلاً: نحنُ مَن قد عرفتم.. كنّا (عَبدَين) فأعتقنا الله وكنّا (ضالّين) فهدانا الله تعالى وكنّا (فقيرَين) فأغنانا الله تعالى وقد جئتكُم لأخطب إليكم فلانة لأخي فإن تنكحوها (تزوِّجوها) له فالحمدُ لله وإن تردُّونا فالله أكبر فوافَقُوا على تزويج أخيهِ من ابنتهم. ولمّا انصرفَ (بلالُ) مع أخيه وأصبحا خارج الدّار عاتبَ أخو بلال بلالاً وقال له: غفرَ الله لك أما كنتَ تذكرُ سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)وتترك ما عدا ذلك؟! فقال بلال: أُسكت صدقتُ فأنكحَكَ (زوّجك) الصِّدق!!
الدروس المُستخلَصة:
1- لو كان (بلال) فعلَ ما قال أخوه، لكان صادقاً ولربّما زوّجوا أخاه أيضاً لكنّه لم يرد التباهي والتفاخر بالسوابق والإنجازات والمناقب بل ذكر ما ذكرَ تواضعاً وشكراً لله تعالى.. تأمّل في كلماته(أعتقنا الله) (هدانا الله) (أغنانا الله)
2- النجاةُ في الصِّدق وأخطر ما يواجهه الزواج الكَذِبَ والزّيفَ والخِداعَ والتّدليسَ فأن يكشف بلالٌ ماضيه وماضي أخيه بالطريقة التي تحدّث بها أفضل من أن يُقال فيما بعد: زوّجتم ابنكم لعبدين فقيرين.. قالها صريحة:نحنُ مَن قد عرفتم. فإن قبلتم (فالحمدُ لله) وإن رفضتم (فالله أكبر). . .
3- التمويه والتعتيم والتغطية قد تنفع في البداية لكنّ ردّة الفعل ستكون عنيفة فما إذا اكتشفَ الآخر أنّك دلّستَ عليه وزوّرتَ الحقيقة أو زيّفت الواقع. وقد أدّبنا الله تعالى بهذا الأدب فقال(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) (الإسراء/ 80)فإذا دخلتَ بالصِّدقِ أمّنتَ غيرك وأمنتْ وعندها تخرج صادقاً كما دخلتَ صادقاً . .