إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الارتباط التكويني بين المبغوض والمصيبة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الارتباط التكويني بين المبغوض والمصيبة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذا البحث ممّا يلحق بما نحن فيه؛ فحتّى الخطأ الناتج عن تعاطي بعض المكروهات الشديدة التي كادت أن تكون حراماً، لا يخلو من الارتباط التكويني مع المصيبة؛ بأن يكون سبباً لحلولها.
    وقد أشارت العديد من الآيات والروايات للارتباط التكويني بين ذنوب العبد وأخطائه، وبين ما يترتب عليها من مصائب؛ منها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ في الاَْرْضِ وَلَـكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَر مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ( ([1]).
    وقوله عز من قائل: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ( ([2]).
    وقوله تعالى المتقدم: )وَمَآ أَصَـبَكُم مِّن مُّصِيبِة فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَنْ كَثِير( ([3]).
    فهذه الآيات الكريمات واضحة الدلالة في جريان سنن إلهيّة معينة تتوقف على ما يصدر من العبد، وغيرها كثير، والإطلاق حجّة.


    نصوص في ذلك
    هذه بعض الأمثلة، كالآتي:
    (1) كراهة ترك التحنّك لمن تعمّم
    من ذلك ما رواه الكليني بإسناده عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من تعمّم ولم يتحنك، فأصابه داء لا دواء له، فلا يلومن إلاّ نفسه»([4]).
    قال المجلسي الثاني 1في المرآة: إسناده حسن([5]).
    وقال والده، المجلسي الأوّل 1في الروضة: حسن كالصحيح ([6]).

    قلت: وهو نصٌ فيما نحن فيه؛ فترك التحنّك ليس حراماً إجماعاً، بل مكروه كراهة شديدة، ومع ذلك فإنّه يورث الداء الذي لا دواء له.

    (2) مكروهات توجب تسليط الشيطان
    روى الصدوق في العلل بإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، ولا تبل في ماء نفيع؛ فإنّه من فعل ذلك، فأصابه شيء فلا يلومن إلاّ نفسه، ومن فعل شيئاً من ذلك، لم يكن يفارقه إلاّ ما شاء الله» ([7]).

    قلت: رجاله ثقات.
    ورواه -بزيادةٍ- الكليني عن العدة عن سهل، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: «لا تشرب و أنت قائم، ولا تبل في ماء نقيع، ولا تطف بقبر، ولا تخل في بيت وحدك، ولا تمش في نعل واحد؛ فإنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الأحوال؛ إنّه ما أصاب أحداً شيءٌ على هذه الحال، فكاد أن يفارقه إلاّ أن يشاء الله عز و جل»([8]).
    قال المجلسي 1في المرآة: ضعيف على المشهور ([9]).

    قلت: الحديث صحيح؛ لكثرة شواهده، وبعضها -كطريق العلل أعلاه- صحيح.
    والطواف بقبور أهل بيت العصمة عليهم السلام، مستثنى بالنصوص المعتبرة الآمرة بذلك، وثمّة أقوال في معنى النهي عن الطواف بالقبور لا يسعنا البسط فيها الآن، وقد نحسب -جمعاً بين النصوص- أنّ المقصود من النهي هو التغوّط بين القبور لا نفس الطواف، والمناسبة بينهما غير خافية، فمن أراد التغوّط بين القبور يتعيّن عليه الطواف بينها ليستتر؛ وإنّما ذكر المعصوم 7 لفظ الطواف تأدباً.
    يدلّ على هذا الجمع ما رواه الكليني 2 بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «ثلاثة يتخوف منها الجنون: التغوط بين القبور، والمشي في خف واحد، والرجل ينام وحده»([10]).
    قال المجلسي الأوّل 1 في الروضة: قويّ ([11]).
    قلت: وهذا الجمع جيّد لو تمّت القرينة؛ فإنّك لو قارنت بين الحديثين، لرأيت أنّ قول أبي الحسن الكاظم 7: « التغوط بين القبور » في هذا الحديث، كأنّه بدل بيان لقول الصادق 7: «ولا تطف بقبر» في الحديث السابق، فتأمّل.


    ([1]) الشورى: 27.

    ([2]) الرعد: 11.

    ([3]) الشورى: 30

    ([4]) الكافي (ت: علي غفاري) 6: 460. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.

    ([5]) مرآة العقول 22: 343. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.

    ([6]) روضة المتقين (=شرح من لا يحضره الفقيه) 2: 169.

    ([7]) علل الشرائع: 383. منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف.

    ([8]) الكافي (ت: علي غفاري) 6: 534. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.

    ([9]) مرآة العقول 22: 450. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.

    ([10]) الكافي (ت: علي غفاري) 6: 534. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.

    ([11]) روضة المتقين (=شرح من لا يحضره الفقيه) 7: 672.



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X