"" إنَّ أحبتنا وأعزتنا المُجَاهدين المُقاتلين الأبطال هُم أهلُ بصيرةٍ وفطنةٍ وشجاعةٍ , وينبغي أنْ لا نعتبرَ ذلك تاريخاً مَضى ونَقِلبَ لهم ظهرَ المجن """"
""" البصيرةُ بمعنى الفطنة والوضوح والدقة يحتاجها السياسي والمُصلح والاقتصادي وزعيم العشيرة والمُعتقِد , ومِن دونها يَهلكُ العِبادُ وتُدمّرُ البلادُ ويقعُ الفساد""""
""" مَضامينُ خِطابِ المَرجَعيّةِ الدّينيّةِ العُليَا الشريفةِ, دامتْ بركاتها ، اليَوم الجُمعَة"""
:1:- البصيرةُ في القلب والعقل كالبصر في العين .
:2:- البصيرة هي معرفة كيفية التصرّف بوضعِ قدمٍ ورفعها في الموطن الصلب.
:3: إذا فقدَ الإنسانُ البصيرةَ يكون حاله كحاطبٍ بليلٍ يتخبّطُ ولا يرى شيئاً .
:4:- ينبغي أن لا يرتدَ الناسُ عن العلماء بمجردِ أنْ يروا أشياءً من هنا وهناك فيسقطوا فيها.
:5:- إنَّ الأحبةَ والأعزة من المُقاتلين الأبطال هم أهل بصيرة وقد ذهبوا للقتال,
ولم يفكروا بالرجوع وأوصوا أهليهم , ولا بُدَّ أن يكون جزائهم التوقير والاهتمام بهم ورعايتهم.
"" نصُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة , السابع عشر مِن ربيع الآخر ,1439هجري - وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي السيّد أحمد الصافي , خَطيب , وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :""
نعرضُ عليكم موضوعاً تطرّقَتْ إليه بعضُ الآيات الشريفة , ألا وهي الآية 104من سورة الأنعام – قال اللهُ تعالى : ((قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ))(104) الأنعام.
نرجو الالتفات لهذا الموضوع المتعلّق بمسألة البصيرةِ , ونعطي معنىً مجملاً للبصيرة :
البصيرةُ في القلبِ هي كالبصر في العين , فكما تبصر وتدرك بعينك كذلك تبصر وتدرك بقلبك وعقلك ,والعقلُ أيضاً يبصرُ , ولا يوجدُ أيٍّ تلازمٍ بينهما –
( بين البصر بالعين والبصيرة بالقلب) , فقد يكون الإنسانُ بصيراً بعينه ولكنه أعمى بقلبه , وكثيرٌ ما هُم – وقد يُسلبُ نعمةَ البصرِ ولكنه يتمتع ببصيرة في القلب ,
وقد يتمتع الإنسانُ بالاثنين ( البصر بالعين والبصيرة بالقلب معاً ) وهو عين المطلوب.
إنَّ البصيرةَ هي الفطنة , ويحتاجها الإنسانُ دائماً , وبها يعرفُ الأمورَ وبواطنها بالمقدار العرفي لا الغيبي .
فهناك إنسانٌ فطن دائماً ويتحرّك على بصيرة من أمره , ولا يرفع قدماً ولا يضعها إلاّ في موطن صلبٍ , فهو يعرفُ كيف يتصرّفُ.
والأمثلة على أهل البصائر كثيرة وكذلك الأمثلة على أهل عدم البصيرة , وبعضها أمثال قديمة وبعضها معاصرة .
:.. إنَّ الإنسانَ إذا فقدَ البصيرةَ سيتخبّط , ويكون حاله كحاطبٍ بليل لا يرى شيئاً من نفسه ومن أخلاقه , لأنّه فقدَ حالةَ البصيرة والتأمل والذكاء والدقة .
وكلّ هذه الأشياء يقول عنها القرآن الكريم : ((قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ)) ...
فعليكم أن تستغلوها أيّاً كانتْ- أنبياء – علامات – إشارات- فلا بُدّ من أن تستغلوها.
((فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ)) فهذا الاتباع الذي يحصل من خلال البصيرة للإنسان سيرجع لنفس الإنسان.
قال تعالى(( وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ )) :... إنَّ اللهَ تعالى لا يُلجأ الإنسانَ إلى الفعلِ حتى لا يكون مُجبِرَاً له , وحتى تبقى المسؤوليةُ بعهدته( عهدة الإنسان نفسه).
:... إنَّ البصيرةَ يحتاجها السياسي- وليس الحديث سياسيّاً- ويحتاجها الاقتصادي ,ويحتاجها الاجتماعي , ويحتاجها المُعتقِدُ , والذي يعتقد .
وكثيراً من الناس اعتقدوا بالنبي , صلى اللهُ عليه وآله وسلّم , ولكن بمجرد أنْ ماتَ ارتدوا , وكذلك الحال مع العلماء فالناس بمجرد أن يروا أشياءَ من هنا وهناك يسقطوا.
والبصيرةُ هي غير مسألة العلم فهي الفطنة , وفي سورة يوسف , عليه السلامُ ,
والذي أخبرَ القرآنُ الكريم بامتحانه واختبار أبيه يعقوب , عليه السلامُ , قال تعالى:
((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))(108), يوسف.
و هَذِهِ سَبِيلِي يعني طريقي – ولنلاحظ تقطيع الآية الشريفة من حيث دلالتها إلى معنى يُفيدُ - أنا مسؤول عن سبيلي وطريقي , الذي أدعو من خلاله إلى الله تعالى , أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي .
:.. وقد كان سيّد الشهداء , عليه السلام , في واقعة الطف في كربلاء هو وأصحابه على بصيرة من أمرهم , بحيث قاتل وأصحابه الطرفَ المقابل بشجاعة وشراسة تعجّب منه الأعداءُ ,حتى كبّدوهم أعداداً كبيرة من القتلى.
:.. والإنسانُ الذي عنده بصيرة لا يخشى من شيئاً وإن لم ينتصر ,هكذا كانوا أصحابُ الإمام الحسين , عليه السلام , على بصيرة ووضوح في أمرهم مع إمامهم.
:.. والسياسي إذا لم تكن عنده بصيرة سيتعبُ الناس والبلد معه , وكذلك الاقتصادي إذا لم تكن لديه بصيرة فسيدمر الاقتصاد , وهكذا مَن هُم في المواقع المهمة فهذه تحتاج إلى الكفاءات التي عندها البصيرة , وكنّا قد تكلمنا من سنتين عن أهمية عهد الإمام علي , عليه السلام , لمالك الأشتر , وضرورة الاستفادة منه , فكم مستفيد منه؟
مع أنّ هذا العهد القيّم يعطي طريقاً واضحاً لا لبس فيه , نعم هو يتحدث عن موقع سياسي لوالي مصر في وقته , ولكن فيه بعض الكلمات التي تصلح للاستفادة منها من بعث العيون , وأشعر قلبك الرحمة للرعية ولا تكن عليهم سبعا ضاريا....:
ومثالٌ على ذلك :- الإنسان الذي عنده مال كثيرٌ ويُساعدُ الناسَ ولكن أهله يأنون من الجوع – أولاده وزوجته- فمثل هكذا شخص لا يملك بصيرة لأنّه لو يعلم أنّ هؤلاءِ أحقّ بأن يغدقَ وينفقَ عليهم لما فعلَ هذا.... أشبعُ هؤلاءِ وساعدْ الناسَ.....::
أنتَ الأبُ والراعي لهم ثمّ ساعد الآخرين , ولا ينفع أنْ يسمونكَ الناس مُحسناً وأهلك يتضورون جوعاً.
إنَّ السياسي الذي لا بصيرة له سيحرقُ البلادَ ويهلك الاقتصاد , وكذا زعيم العشيرة إذا فقد حالةَ البصيرة , ولات حين مندم.
:.. البصيرةُ ليستْ شيئاً كماليّاً بل هي مقياسٌ ضروري , فالعمل يحتاج إلى بصيرة وتروي وتأمل وإذا خلا منها فهو بلا حكمة.
وسيكون الفسادُ أكثرَ من الإصلاح , وينبغي أن يربي الإنسان نفسه على البصيرة ,لأّنه بدونها سيفسد أكثر مما يصلح.
والبصيرة تكون في القتال أيضاً كما كانت عند أصحاب الإمام الحسين , عليه السلام , وكذلك عند أعزتنا وأحبتنا المُقاتلين الأبطال , والذين نُقبّل جباههم أينما كانوا وحين تسجد لله تعالى وتخضع, وهذه الجبهة وقفتْ شامخة وصدّت رصاص العدو الداعشي ,
فمَن أكثر بصيرةً منهم ؟ وعندما نقارن بين هؤلاء الشباب المملوء عطاءً وقوةً بغيرهم مِمَن يحاول أنْ يمتصَ قوت الناس.
فالأول – المقاتلين الأعزة- نقفُ لهم إجلالاً ونحترمهم , ولا بد من أن نعطيهم حقهم ,
أم أنَّ مَن يستحق بعض الألفاظ ((أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)) (44)الفرقان. ممن يسرقون قوت الناس ويتعجرفون على الناس .
وأمام هؤلاء الفتية الذين لقنوا الدواعش درسا لن ينسوه , سيُذكَرون في السنين وستكون شاهدة على بطولاتهم لأنهم كانوا يعرفون ماذا يفعلون ,.
ولا بُدّ من أن نكون من أهل البصيرة في جزائهم وفي الوفاء لهم والاهتمام بهم ورعايتهم , ولا نعتبر ما قدموه تاريخاً مضى ونقلبُ لهم ظهر المجن .
فهم الذين ذهبوا للقتال ولم يفكروا بالرجوع بل كانوا يوصون أهليهم , وكذلك الجرحى الشهداء الأحياء فهم مفخرةٌ للبلاد والعباد...:::
_________________________________________________
الجُمْعَة, السابع عشر من ربيع الآخر ,1439 هِجرِي,الخامس
من كانون الثاني 2018م.
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
_______________________________________________
""" البصيرةُ بمعنى الفطنة والوضوح والدقة يحتاجها السياسي والمُصلح والاقتصادي وزعيم العشيرة والمُعتقِد , ومِن دونها يَهلكُ العِبادُ وتُدمّرُ البلادُ ويقعُ الفساد""""
""" مَضامينُ خِطابِ المَرجَعيّةِ الدّينيّةِ العُليَا الشريفةِ, دامتْ بركاتها ، اليَوم الجُمعَة"""
:1:- البصيرةُ في القلب والعقل كالبصر في العين .
:2:- البصيرة هي معرفة كيفية التصرّف بوضعِ قدمٍ ورفعها في الموطن الصلب.
:3: إذا فقدَ الإنسانُ البصيرةَ يكون حاله كحاطبٍ بليلٍ يتخبّطُ ولا يرى شيئاً .
:4:- ينبغي أن لا يرتدَ الناسُ عن العلماء بمجردِ أنْ يروا أشياءً من هنا وهناك فيسقطوا فيها.
:5:- إنَّ الأحبةَ والأعزة من المُقاتلين الأبطال هم أهل بصيرة وقد ذهبوا للقتال,
ولم يفكروا بالرجوع وأوصوا أهليهم , ولا بُدَّ أن يكون جزائهم التوقير والاهتمام بهم ورعايتهم.
"" نصُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة , السابع عشر مِن ربيع الآخر ,1439هجري - وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي السيّد أحمد الصافي , خَطيب , وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :""
نعرضُ عليكم موضوعاً تطرّقَتْ إليه بعضُ الآيات الشريفة , ألا وهي الآية 104من سورة الأنعام – قال اللهُ تعالى : ((قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ))(104) الأنعام.
نرجو الالتفات لهذا الموضوع المتعلّق بمسألة البصيرةِ , ونعطي معنىً مجملاً للبصيرة :
البصيرةُ في القلبِ هي كالبصر في العين , فكما تبصر وتدرك بعينك كذلك تبصر وتدرك بقلبك وعقلك ,والعقلُ أيضاً يبصرُ , ولا يوجدُ أيٍّ تلازمٍ بينهما –
( بين البصر بالعين والبصيرة بالقلب) , فقد يكون الإنسانُ بصيراً بعينه ولكنه أعمى بقلبه , وكثيرٌ ما هُم – وقد يُسلبُ نعمةَ البصرِ ولكنه يتمتع ببصيرة في القلب ,
وقد يتمتع الإنسانُ بالاثنين ( البصر بالعين والبصيرة بالقلب معاً ) وهو عين المطلوب.
إنَّ البصيرةَ هي الفطنة , ويحتاجها الإنسانُ دائماً , وبها يعرفُ الأمورَ وبواطنها بالمقدار العرفي لا الغيبي .
فهناك إنسانٌ فطن دائماً ويتحرّك على بصيرة من أمره , ولا يرفع قدماً ولا يضعها إلاّ في موطن صلبٍ , فهو يعرفُ كيف يتصرّفُ.
والأمثلة على أهل البصائر كثيرة وكذلك الأمثلة على أهل عدم البصيرة , وبعضها أمثال قديمة وبعضها معاصرة .
:.. إنَّ الإنسانَ إذا فقدَ البصيرةَ سيتخبّط , ويكون حاله كحاطبٍ بليل لا يرى شيئاً من نفسه ومن أخلاقه , لأنّه فقدَ حالةَ البصيرة والتأمل والذكاء والدقة .
وكلّ هذه الأشياء يقول عنها القرآن الكريم : ((قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ)) ...
فعليكم أن تستغلوها أيّاً كانتْ- أنبياء – علامات – إشارات- فلا بُدّ من أن تستغلوها.
((فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ)) فهذا الاتباع الذي يحصل من خلال البصيرة للإنسان سيرجع لنفس الإنسان.
قال تعالى(( وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ )) :... إنَّ اللهَ تعالى لا يُلجأ الإنسانَ إلى الفعلِ حتى لا يكون مُجبِرَاً له , وحتى تبقى المسؤوليةُ بعهدته( عهدة الإنسان نفسه).
:... إنَّ البصيرةَ يحتاجها السياسي- وليس الحديث سياسيّاً- ويحتاجها الاقتصادي ,ويحتاجها الاجتماعي , ويحتاجها المُعتقِدُ , والذي يعتقد .
وكثيراً من الناس اعتقدوا بالنبي , صلى اللهُ عليه وآله وسلّم , ولكن بمجرد أنْ ماتَ ارتدوا , وكذلك الحال مع العلماء فالناس بمجرد أن يروا أشياءَ من هنا وهناك يسقطوا.
والبصيرةُ هي غير مسألة العلم فهي الفطنة , وفي سورة يوسف , عليه السلامُ ,
والذي أخبرَ القرآنُ الكريم بامتحانه واختبار أبيه يعقوب , عليه السلامُ , قال تعالى:
((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))(108), يوسف.
و هَذِهِ سَبِيلِي يعني طريقي – ولنلاحظ تقطيع الآية الشريفة من حيث دلالتها إلى معنى يُفيدُ - أنا مسؤول عن سبيلي وطريقي , الذي أدعو من خلاله إلى الله تعالى , أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي .
:.. وقد كان سيّد الشهداء , عليه السلام , في واقعة الطف في كربلاء هو وأصحابه على بصيرة من أمرهم , بحيث قاتل وأصحابه الطرفَ المقابل بشجاعة وشراسة تعجّب منه الأعداءُ ,حتى كبّدوهم أعداداً كبيرة من القتلى.
:.. والإنسانُ الذي عنده بصيرة لا يخشى من شيئاً وإن لم ينتصر ,هكذا كانوا أصحابُ الإمام الحسين , عليه السلام , على بصيرة ووضوح في أمرهم مع إمامهم.
:.. والسياسي إذا لم تكن عنده بصيرة سيتعبُ الناس والبلد معه , وكذلك الاقتصادي إذا لم تكن لديه بصيرة فسيدمر الاقتصاد , وهكذا مَن هُم في المواقع المهمة فهذه تحتاج إلى الكفاءات التي عندها البصيرة , وكنّا قد تكلمنا من سنتين عن أهمية عهد الإمام علي , عليه السلام , لمالك الأشتر , وضرورة الاستفادة منه , فكم مستفيد منه؟
مع أنّ هذا العهد القيّم يعطي طريقاً واضحاً لا لبس فيه , نعم هو يتحدث عن موقع سياسي لوالي مصر في وقته , ولكن فيه بعض الكلمات التي تصلح للاستفادة منها من بعث العيون , وأشعر قلبك الرحمة للرعية ولا تكن عليهم سبعا ضاريا....:
ومثالٌ على ذلك :- الإنسان الذي عنده مال كثيرٌ ويُساعدُ الناسَ ولكن أهله يأنون من الجوع – أولاده وزوجته- فمثل هكذا شخص لا يملك بصيرة لأنّه لو يعلم أنّ هؤلاءِ أحقّ بأن يغدقَ وينفقَ عليهم لما فعلَ هذا.... أشبعُ هؤلاءِ وساعدْ الناسَ.....::
أنتَ الأبُ والراعي لهم ثمّ ساعد الآخرين , ولا ينفع أنْ يسمونكَ الناس مُحسناً وأهلك يتضورون جوعاً.
إنَّ السياسي الذي لا بصيرة له سيحرقُ البلادَ ويهلك الاقتصاد , وكذا زعيم العشيرة إذا فقد حالةَ البصيرة , ولات حين مندم.
:.. البصيرةُ ليستْ شيئاً كماليّاً بل هي مقياسٌ ضروري , فالعمل يحتاج إلى بصيرة وتروي وتأمل وإذا خلا منها فهو بلا حكمة.
وسيكون الفسادُ أكثرَ من الإصلاح , وينبغي أن يربي الإنسان نفسه على البصيرة ,لأّنه بدونها سيفسد أكثر مما يصلح.
والبصيرة تكون في القتال أيضاً كما كانت عند أصحاب الإمام الحسين , عليه السلام , وكذلك عند أعزتنا وأحبتنا المُقاتلين الأبطال , والذين نُقبّل جباههم أينما كانوا وحين تسجد لله تعالى وتخضع, وهذه الجبهة وقفتْ شامخة وصدّت رصاص العدو الداعشي ,
فمَن أكثر بصيرةً منهم ؟ وعندما نقارن بين هؤلاء الشباب المملوء عطاءً وقوةً بغيرهم مِمَن يحاول أنْ يمتصَ قوت الناس.
فالأول – المقاتلين الأعزة- نقفُ لهم إجلالاً ونحترمهم , ولا بد من أن نعطيهم حقهم ,
أم أنَّ مَن يستحق بعض الألفاظ ((أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)) (44)الفرقان. ممن يسرقون قوت الناس ويتعجرفون على الناس .
وأمام هؤلاء الفتية الذين لقنوا الدواعش درسا لن ينسوه , سيُذكَرون في السنين وستكون شاهدة على بطولاتهم لأنهم كانوا يعرفون ماذا يفعلون ,.
ولا بُدّ من أن نكون من أهل البصيرة في جزائهم وفي الوفاء لهم والاهتمام بهم ورعايتهم , ولا نعتبر ما قدموه تاريخاً مضى ونقلبُ لهم ظهر المجن .
فهم الذين ذهبوا للقتال ولم يفكروا بالرجوع بل كانوا يوصون أهليهم , وكذلك الجرحى الشهداء الأحياء فهم مفخرةٌ للبلاد والعباد...:::
_________________________________________________
الجُمْعَة, السابع عشر من ربيع الآخر ,1439 هِجرِي,الخامس
من كانون الثاني 2018م.
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
_______________________________________________
تعليق