بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة أخرى: أفضل بناته صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها، بل هي أفضل نساء العالمين كما قدمنا ذلك، ومن فضائلها وخصائصها: أنّها لم تر قط دم حيض ولا دم نفاس؛ حتى لا يفوتها صلاة، ولذلك سميت بالزهراء.قال محب الدين الطبري، أحمد بن عبد الله (694هـ) في ذخائر العقبى: إنّ فاطمة طاهرة مطهرة لا تحيض، ولا يرى لها دم في طمث، ولا ولادة([1]). وأورد في ذلك حديثين.قال في نزهة المجالس: قالت أسماء: لما ولدت فاطمة ولدها الحسن لم أر لها دماً، فقلت: يا نبي الله لم أرَ لفاطمة دماً من حيض أو نفاس، فقال: «أما علمتي أن ابنتي فاطمة طاهرة مطهرة»([2]).وقال الإمام المناوي (1031هـ): وفي الفتاوى الظهيرية للحنفية أن فاطمة لم تحض قط، ولما ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة قال: ولذلك سميت بالزهراء، وقد ذكره من أصحابنا المحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وأورد فيه حديثين أنّها حوراء آدمية طاهرة مطهرة، لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث، ولا ولادة. وفي الدلائل للبيهقي أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وضع يده على صدرها ورفع عنها الجوع فما جاعت بعد. وفي مسند أحمد وغيره أنها لما احتضرت غسلت نفسها وأوصت أن لا يكشفها أحد فدفنها علي بغُسلها ذلك([3]).
وقال - أي المناوي - في الإتحاف: ولقبت (بالبتول)؛ لأنّه لا شهوة لها للرجال، أو لأنّه تعالى قطعها عن النساء حسناً وفضلاً وشرفاً([4]).وقال الإمام الشافعي، سليمان بن أحمد البجيرمي (1221هـ) في حاشيته: والمراد ببنات آدم غالبهن، فلا ينافي عدم الحيض في بعضهن كسيدتنا فاطمة بنته، ولذلك وصفت بالزهراء، وحكمته عدم فوات زمن عليها بلا عبادة. وروي أنّها ولدت وقت غروب الشفق، وطهرت من النفاس واغتسلت وصلت العشاء في وقتها، ولهذا قيل: إنّ أقل النفاس لحظة، وإنّما لم تحض؛ لأن أصل خلقتها كان من تفاح الجنة؛ لأن النبي دخل الجنة ليلة المعراج، فلما أراد الخروج أعطاه رضوان تفاحة من تفاح الجنة كان ريحها أطيب من المسك، وألين من الزبد، وأحلى من العسل، فلما أكلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقوى بها، وتفرقت القوة في جميع أعضائه، فجامع خديجة رضي الله عنها، فراح معها ريح المسك من تفاح الجنة، وكان لها نور يضيء منها، حتى روي عن عائشة أنّها قالت: كنت أسلك السلك أي أدخل الخيط في سم الخياط في ليلة ظلماء من نور وجه فاطمة - رضي الله عنها -، فلذلك سميت زهراء([5]).
([1]) ذخائر العقبى: 45. مكتبة القدسي القاهرة.
([2]) شرح البخاري للسفيري (ت: أحمد فتحي) 2: 380. العلمية، بيروت لبنان.
([3]) فيض القدير 4: 421. المكتبة التجارية الكبرى مصر.
([4]) اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب (ت: عبد اللطيف عاشور): 24. القاهرة.
([5]) حاشية البجيرمي= تحفة الحبيب على شرح الخطيب 1: 340. دار الفكر.