تويت
روي أن أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة . لأن الله جل وعز يقول لهم: قد غفرت لكم ذنوبكم تفضلاً عليكم، لأنكم كنتم أهل المعروف في الدنيا، وبقيت حسناتكم فهبوها لمن تشاؤن، فتكونوا بها أهل المعروف في الآخرة.
وروي : أن المعروف كاسمه، وليس شيء أفضل منه إلا ثوابه، وهو هدية من الله إلى عبده المؤمن، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا منّ الله على العبد المؤمن، جمع الله له الرغبة والقدرة والإذن، فهناك تجب السعادة
فمن لمس في نفسه حب المعروف والمقدرة عليه وسخاء النفس بتقديمه فليحمد الله .
حينما تقدم معروفا لمن يستحقه أو هو بحاجة ماسة له فلتكن النية لوجه الله والهدف رفع رصيدك من الحسنات قدمه واكتمه وأحمد المنعم المتفضل الذي جعلك سببا لقضاء حاجة أخيك
فقد روي أنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال: تعجيله، وتصغيره، وستره، فإذا عجلته هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته
ولعل المقدم له حينها لم يجد مايشكرنا به ويعبر عن امتنانه لصنيعنا إلا بأكف مرفوعة لعنان السماء وعيون فرحة دامعة : بأن يكرمنا الله ويدفع عنا الأذى ويقضي لنا كل حاجة إذ خففنا عنه همه ويسرنا له أمره وأدخلنا السرور على قلبه وهذا بمنة من الله علينا إذا جعلنا أهلّ لعمل الخير وأرشدنا لذلك . وليس أعظم عند الله فضلا من إدخال السرور على قلب المؤمن . قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أحب الأعمال إلى الله عزوجل إدخال السرور على المؤمنين.
ولعل بلاء دفع وحاجات قضيت وسوء ذهب بصنيعك فصنائع المعروف تقي مصارع السوء . ولعلنا لو خيرنا بين ماقدمناه ومادفع عنا لاخترنا تقديم الأضعاف مقابل دفع مادفع
أجرك محفوظ وثوابك مردود من الله لامن العبد لاتنتظر بعدها أن يرد لك الشخص نفسه المعروف بمثله ولاتعيره على تقصيره قد لاتسمح له الظروف وكله خجلا بسبب عجزه ، وقلة حيلته وقد كان يتحين الفرص لرده لكن حاجتك وافقت ضيق حاله
تذكر أنك قدمت المعروف لله فالجزاء سيأتي منه وسيسبب لك الله الأسباب ويهيؤها كما تحب وترضى
ولاتعمد إلى التضييق على من أسديت لهم معروفا بتذكيرهم وإحزانهم والمنة عليهم فتذهب بذلك رصيدك وتمحق بركة عملك وتجعلهم يتمنون لو لم تقدم لهم هذا المعروف ويتمنون لو أنهم لم يقبلوه
قال أمير المؤمنين (ع): " ومن علم أن ما صنع إنما صنع إلى نفسه، لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك ووقيت به عرضك، وأعلم أن الطالب اليك لحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك، فاكرم وجهك عن رده )