الادلاء بالشهادة امام رب العالمين
و جاءت كل نفس معها سائق و شهيد
شهادة الأرض و الليالي و الأيام بما عمل فيها و عليها
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية
" يومئذ تحدث أخبارها "
قال :
أتدرون ما أخبارها ؟
قالوا :
الله و رسوله أعلم
. قال :
فإن أخبارها أن تشهد على كل عبداً أو أمةً بما عمل على ظهرها تقول :
عمل يوم كذا كذا و كذا .
فهذه أخبارها "
وقال صلى الله عليه و سلم
ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادي فيه :
يا ابن آدم أنا خلق جديد ،
و أنا فيما تعمل عليك غداً شهيد
فاعمل في خيراً أشهد لك به غداً
فإني لو قد مضيت لم ترني أبداً
. و يقول الليل مثل ذلك "
-وقال عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
من سجد في موضع عن شجر أو حجر شهد له عند الله يوم القيامة
قال
و: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه : يقول
: " و جاءت سكرة الموت بالحق"
وقال تعالى
: "و جاءت كل نفس معها سائق و شهيد "
قال
سائق يسوقها إلى أمر الله و شاهد يشهد عليها بما عملت
في شهادة المال على صاحبه
-ا خرج مسلم
" من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم و فيه
: و إن هذا المال خضر حلو و نعم صاحب السلم
هو لمن أعطى منه المسكين و اليتيم و ابن السبيل
وقال
و إنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل و لا يشبع و يكون عليه شهيداً يوم القيامة ،
واتفقوا على انة
- لا يشهد العبد على شهادة في الدنيا إلا شهد بها يوم القيامة
-
على رؤوس الأشهاد ،
و لا يمتدح عبداً في الدنيا إلا امتدحه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد
- سؤال الأنبياء و في شهادة هذه الأمة للأنبياء على أممهم
-
-قال الله تعالى :
" فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين * فلنقصن عليهم بعلم و ما كنا غائبين " ،
و قال :
" فوربك لنسألنهم أجمعين "
. فيبدأ بالأنبياء عليهم السلام "
فيقول :
ماذا أجبتم "
قيل :
في تفسيرها كانوا قد علموا و لكن ذهبت عقولهم و عزبت أفهامهم و نسوا من شدة الهول و عظيم الخطب و صعوبة الأمر
فقالوا :
" لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب "
ثم يقربهم الله تعالى فيدعى نوح عليه السلام ،-
-و خرج ابن ماجه : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
يجيء النبي يوم القيامة و معه الرجل و يجيء النبي و معه الرجلان و يجيء النبي و معه الثلاثة ، و أكثر من ذلك
فيقال له :
هل بلغت قومك ؟
فيقول : نعم .
فيدعى قومه فيقال :
هل بلغكم ؟ فيقولون : لا
فيقال : من يشهد لك ؟
فيقول : محمد و أمته فتدعى أمة محمد صلى الله عليه و سلم ،
فيقال : هل بلغ هذا ؟
فيقولون : نعم فيقول :
و ما علمكم بذلك ؟
فيقولون : أخبرنا نبينا صلى الله عليه و سلم بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه .
قال فذلك قوله تعالى :
" و كذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً " "
.
-و ذكره البخاري أيضاً بمعناه " عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك و سعديك يارب فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير ، فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد و أمته فيشهدون أنه قد بلغ ، فذلك قوله :
" و كذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً
-: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى إسرافيل عليه السلام ، فيقول له ربه :
ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي ؟
فيقول : نعم قد بلغت جبريل فيدعى جبريل عليه السلام
فيقول : هل بلغك إسرافيل عهدي ؟
فيقول : نعم يا رب قد بلغني ، فيخلي عن إسرافيل ،
و يقال لجبريل هل بلغت عهدي ؟
فيقول جبريل : نعم قد بلغت الرسل فيدعي الرسل
فيقول : هل بلغكم جبريل عهدي ؟
فيقولون : نعم . فيخلي عن جبريل ،
ثم يقال للرسل هل بلغكم عهدي ؟
فيقولون : قد بلغنا أممنا ،
فتدعى الأمم فيقال لهم :
هل بلغكم الرسل عهدي ؟
فمنهم المصدق و منهم المكذب فتقول الرسل :
إن لنا عليهم شهوداً يشهدون أن قد بلغنا مع شهادتك فيقول :
من يشهد لكم ؟
فيقولون محمد و أمته فتدعى أمة محمد فيقول :
تشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليه ؟
فيقولون : نعم
، رب شهدنا أن قد بلغوا ،
فتقول تلك الأمم كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب :
كيف تشهدون على من لم تدركوا ؟
فيقولون :
ربنا بعثت إلينا رسولا ، و أنزلت إلينا عهدك و كتابك و قصصك علينا إنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا ،
فيقول الرب
: صدقوا .
فذلك قوله عز و جل :
" و كذلك جعلناكم أمة وسطاً "
، " لتكونوا شهداء على الناس ، و يكون الرسول عليكم شهيد " "
و الوسط العدل
--ثم يدعى غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ثم ينادي كل إنسان باسمه واحداً واحداً و يسألون واحداً واحداً ، و تعرض أعمالهم على رب العزة جل جلاله قليلها و كثيرها حسنها و قبيحها
.
-أن هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم و يقتص للجماء من القرناء و يفصل بين الوحش و الطير ، ثم يقول لهم :
كونوا تراباً فتسوى بهم الأرض
و حينئذ "
يود الذين كفروا و عصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض "
و يتمنى الكافر فيقول
: " يا ليتني كنت تراباً" .
- ثم يخرج النداء من قبل الله تعالى
: أين اللوح المحفوظ ؟
فيؤتى به له هرج عظيم ،
فيقول الله تعالى :
أين ما سطرت فيك من توارة و زبور و إنجيل و فرقان ؟
فيقول : يارب نقله مني الروح الأمين فيؤتى به يرعد و تصك ركبتاه ،
فيقول الله تعالى
: يا جبريل هذا اللوح المحفوظ يزعم أنك نقلت منه كلامي و وحيى أصدق ؟
قال : نعم يا رب .
قال : فما فعلت فيه ؟
قال : أنهيت التوراة إلى موسى ،
و أنهيت الزبور إلى داود و أنهيت الإنجيل إلى عيسى ، و أنهيت الفرقان إلى محمد عليه السلام ، و أنهيت إلى كل رسول رسالته و إلى أهل الصحف صحائفهم ،
فإذا بالنداء
يا نوح
فيؤتى به يرعد و تصطك فرائصه
فيقول :
يانوح زعم جبريل أنك من المرسلين ,
قال : صدق ،
فقيل له : ما فعلت مع قومك ؟
قال دعوتهم ليلاً نهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً ،
فإذا بالنداء
يا قوم نوح فيؤتى بهم زمرة واحدة .
فيقال :
هذا أخوكم نوح يزعم أنه بلغكم الرسالة .
فيقولون : يا ربنا كذب ما بلغنا من شيء و ينكرون الرسالة ،
فيقول الله :
يا نوح ألك بينة ؟
فيقول :
نعم يا رب بينتي عليهم محمد و أمته ،
فيقولون : كيف و نحن أول الأمم و هم آخر الأمم ؟
فيؤتى بالنبي صلى الله عليه و سلم
فيقول يا محمد هذا نوح يستشهد
فيشهد له تبليغ الرسالة
- -: و تكون المحاسبة بمشهد من النبيين و غيرهم قال الله تعالى
- " و جيء بالنبيين و الشهداء و قضي بينهم بالحق "
- و قال
- " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا "
- . و شهيد كل أمة نبيها . و قيل إنهم كتبة الأعمال و هو الأظهر فتحضر الأمة و رسولها ، فيقال للقوم : ماذا أجبتم المرسلين ،
- و يقال للرسل ماذا أجبتم ؟
- فتقول الرسل لا علم لنا ، ثم يدعى كل واحد على الانفراد فالشاهد عليه صحيفة عمله و كاتبها فإنه قد أخبر في الدنيا أن عليه ملكين يحفظان أعماله و ينسخانها
سمع سعيد بن المسيب يقول
: ليس من يوم إلا تعرض على النبي صلى الله عليه و سلم أمته غدوة و عشية فيعرفهم بسماهم و أعمالهم فلذلك يشهد عليهم يقول الله تبارك و تعالى :
" فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيداً "
و
ان الذكرى تنفع المؤمنين
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين