بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك و في السنة الاولى من هجرة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و المسلمين إلى المدينة و بعد مضى خمسة إشهر على وصولهم المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أوّلاً بين المهاجرين انفسهم [1] ثمّ آخى بين المهاجرين و الأنصار[2].
و كانت المؤاخاة بين كلّ و نظيره فقد آخى بين نفسه و علي عليه السلام و آخى بين أبي بكر و عمر و آخي بين طلحة و الزبير و بين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، و بين حمزة و زيد ابن حارثة [3]. و آخى صلى الله عليه و اله و سلم بين سلمان و حذيفة[4].
جاء في الرواية لما آخى رسول الله بين المسلمين بقي علي عليه السلام فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله و سلم : آخيت بين أصحابك و تركتني؟
فقال صلى الله عليه و آله و سلم: إنّما تركتك لنفسي أنت أخي و أنا أخوك فإن ذكرك أحد فقل: أنا عبد الله و أخو رسوله لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب ، و الذي بعثني بالحقّ ما أخّرتك إلّا لنفسي ، و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي و أنت أخي و وارثي[5].
و التآخي بينهم كان على الحقّ و المواساة . و كان عددهم يومها تسعين رجلاً خمسة و أربعون رجلاً من الأنصار و مثلهم من المهاجرين[6].
و اهتمّ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالمؤاخاة بين المسلمين فقد أجراها فيمكّة و المدينة ثمّ أجراها بين المهاجرين و الأنصار[7].
من دلائل نبوّة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هذا الأخاء بين النفوس المتشابهة و التوجهات المتطابقة فعمر شبيه بابي بكر و الزبير نظير لطلحة و عثمان مرآة لابن عوف و سلمان مطابق لتوجهات حذيفة و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نفس علي عليه السلام .
و المؤاخاة أفضل عمل إجتماعي عمله الرسول صلى الله عليه و آله و سلم لوحدة المسلمين تحت راية الإسلام و لا هميّته كرّره صلى الله عليه و آله و سلم في مكّة و المدينة.
و هذا الإنسجام الحاصل هو الذي مكّن المسلمين من الإنتصار في الحياة الإجتماعية و الثقافية و السياسية و العسكرية. و سرّ انفصام عرى الامم و إنحلالها انعدام الوحدة و فقدان الإنسجام .
🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
[1] - الطبقات، ابن سعد 1 / قسم 2/ ص 1.
[2] - البحار 19/ 122، فتح البارى7/210، تاريخ الخميس 1/35، السيرة الحلبية 2/92.
[3] - المستدرك 3/14، السيرة الحلبية 2/20، فتح البارى 7/211.
[4] - الطبقات 4 قسم 1/ ص 60.
[5] -تفسير البرهان 2/93، السيرة النبوية، أبو حاتم 1/147، الأمامة و السياسة 1/13، اعلام النساء 4/115. و وضع الامويون حديثاً مزيّقاًَ فى مقابل هذا الحديث جاء فيه: إنّ خليلى من امّتىأبوبكر كذّبه المعتزلى الرياض النضرة 1/83، شرح النهج 11/49.
[6] - و قيل مائة رجل، فتح البارى 7/210، البحار 19/130، الطبقات 1 قسم 2/ ص 1، السيرة الحلية 2/90.
[7] - تذكرة الخواص ، ابن الجوزى 22، 24، ينابيع المودّة 56، 57، السيرة الحلبية 2/20، 90، المستدرك 3/14، البداية و النهاية 3/226، جامع الترمذى 2/13، الإصابة 2/507، كنز العمال 6/294، 299، 390، 399.