تويت
اللهم صل على محمد وآل محمد
أشهد أني انتفعت بالدين انتفاعاً كبيراً ، فقد أضاء عقلي وحفز تفكيري وأنار ضميري بحقائق نبه عليها وآفاق كشف عنها.
فقد نبهني على وجود الله سبحانه على نحو تنبيه الغافل على شيء يجده بنفسه بعد تنبهه، ففسر لي بذلك ما أجده من النظم والروعة والجمال والابداع في هذا الكون.
وحثني الدين على الاتصاف بالعقلانية في الامور كلها من خلال التأمل والتثبت والتفكير، ونهاني عن التسرع والاستعجال، وحذرني من الاوهام والخرافات، وشجعني على تعلم الحكمة والازدياد منها مدى الحياة، والاعتبار بالحوادث، والاتعاظ بالامثال، والتعلم من تجارب الآخرين.
وأفصح لي الدين عن خالق يرعى الانسان، فكان مصدراً للمطأنينة والسكينة والتسلية والأمل، حيث أتعبد له بما اوصاني به من العبادات اليسيرة تأدباً معه وشكراً لانعامه، وايفاءً بحاجاتي المعنوية والروحية ، أبث اليه سبحانه همومي واناجيه في ذات نفسي، وأثق برعايته لي في مصاعب الحياة من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، وان كنت اعلم أن هذه الحياة سنت على سنن الاختبار والاجتهاد، ولكنه يبارك لي في ثوابت مقاديرها ويرعاني في متسعاتها ويحسب لي الأجر في مضائقها.
وقد أكد لي الدين على مكارم الاخلاق ، فدعاني الى الصدق في الكلام، وترك القول بغير علم، والايفاء بالوعد والالتزام، وتجنب الاساءة الى الآخر ، والاحسان الى المسيء، والشكر على الاحسان، وحب الخير للآخرين كما أحبه لنفسي، وكراهة الشر لهم كما أكرهه لها، والتواضع مع الناس، والاعتدال في السلوك، والصفاء في النفس، والانصاف للغير، وتجنب التعلقات المفرطة والمذلة بالامور المادية، وتجنب المباهاة بها واثارة روح التنافس لدى الآخرين في شأنها، ومراعاة العفاف في النظر والمظهر والتصرفات كلها، والحزم في مواضعه، والاعتماد على النفس ما أمكن، والكد في سبيل تحصيل الرزق الحلال، ومواساة الفقراء والاعتذار عن الخطأ والاستغفار من الخطيئة، ومحاسبة النفس، والطموح في اكتساب الفضيلة، والتجاوز عن المخطئ الى قيم فاضلة أخرى.
واوضح لي الدين أن هذه الحياة ليست هي الغاية ولا النهاية ، بل هي البداية لمسيرة طويلة يختبر فيها الناس في المعرفة والفضيلة ، فيلاقي المرء غداً ما يعلمه اليوم بعينه في مشهد تنصب فيه موازين القسط، فيكون للناس درجات بحسب اعمالهم واخلاقهم ، ويكون لكل انسان ما سعى، فبدل لي هذه الحياة الى الجد بعد اللعب، والترقب بعد التلهي، حيث فتح لي آفاقاً لا استطيع ان اتصورها من عظمتها مما تصغر في جنبها هذه الحياة بكل ضجيجها وضوضائها لما كشفه من حياة خالدة فيما بعدها ، فصرت أجد كل عمل أعمله امام عيني وأيقن أني ملاقيه غداً خيراً كان أو شراً، في مشهد يجتمع فيه الناس جميعاً ويتميز في السابقون الى المعرفة والفضيلة في هذه الحياة.
ونبهني الدين على أهمية معرفة الحقيقة التي عرفنيها ، للاهتمام بالحفاظ عليها والتبصر بها وايقاظ الآخرين للانتباه اليها والالتفات الى خطورتها بالحكمة والموعظة الحسنة ، من دون احراج او اكراه.
فتلك امور خطيرة ومهمة تعلمتها من الدين وبقيت عليّ عهدة العمل بها والاجتهاد في سبيلها ، أسال الله سبحانه التوفيق والتسديد في ذلك.
هذه شهادات يشهد بها عقلي ونفسي ، شهادة نابعة عما انتهى اليه تبصري لنفسي في هذه الحياة بالنظر في الكون والكائنات وفي الرسلات الالهية ، وقد تجنبت في أمرها عوارض التلقين وشوائب التقليد ودواعي الاستقطاب.