فقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين).
(قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة).
فلِمَ تفكرون بعذاب الله دائماً وتستعجلونه؟ ألا تعلمون أن عذاب الله إذا حلّ بساحتكم ختم حياتكم ولا يبقى مجال للايمان؟
تعالوا واختبروا صدق دعوتي في البعد الايجابي والأمل في رحمة الله في ظل الإيمان به (لولا تستغفرون الله لعلكم تُرحمون)!.
علام تسألون عن نزول العذاب وتصرون على السيئات؟! ولم هذا العناد وهذه الحماقة؟!
لم يكن قوم صالح - وحدهم - قد طلبوا العذاب بعد انكارهم دعوة نبيّهم، فقد ورد في القرآن المجيد هذا الامر مراراً في شأن الامم الآخرين، ومنهم قوم هود "كما في الآية 70 من سورة الاعراف".
ونقرأ في شأن النّبي محمّد(ص) وما واجهه به بعض المشركين المعاندين، إذ قالوا: (اللّهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم). (3)
وهذا أمر عجيب حقّاً أن يريد الإنسان اختبار صدق دعوة نبيّه عن طريق العقاب المهلك، لا عن طريق طلب الرحمة! مع أنّهم يعلمون يقيناً احتمال صدق دعوة هؤلاء الأنبياء "يعلمون ذلك في قلوبهم وإن أنكروه بلسانهم".
وهذا الأمر يشبه حالة ما لو أدعى رجل بأنّه طبيب، فيقول: هذا ا لدواء ناجع شاف، وذلك الدواء ضار مهلك.
و نحن من أجل أن نختبر صدقه نستعمل الدواء المهلك!!
فهذا منتهى الجهل والتعصب... ولمرض الجهل الكثير من هذه الافرازات.
وعلى كل حال، فإنّ هؤلاء القوم المعاندين بدلا من أن يصغوا لنصيحة نبيّهم ويستجيبوا له، واجهوه باستنتاجات واهية وكلمات باطلة!... منها أنّهم (قالوا اطيرنا بك وبمن معك) ولعل تلك السنة كانت سنة قحط وجدب، فقالوا: إنّ هذا البلاء والمشاكل والعقبات كلّها بسبب قدوم هذا النّبي وأصحابه... فهم مشؤومون جلبوا الشقاء لمجتمعنا!!
فكانوا يحاولون مواجهة دعوة نبيّهم صالح ومنطقه المتين بحربة التطير، التي هي حربة المعاندين الخرافيين.
لكنّه ردّ عليهم و (قال طائركم عند الله) فهو الذي يبتليكم بسبب أعمالكم بهذه المصائب التي ادت إلى هذه العقوبات.
في الحقيقة إن ذلك اختبار وإمتحان إلهي كبير لكم، أجل (بل أنتم قوم تفتنون).
هذه امتحانات وفتن إلهية... هذه إنذارات وتنبيهات لينتبه - من فيهم اللياقة من غفلتهم، ويصلحوا انحرافهم ويتجهوا نحو الله!.
بحث
"التطيُّر والتفاؤل"
"التطيُّر" مأخوذ من مادة "طير" وهو معروف، إذ يعني مايطير بجناحين في الجوّ، ولما كان العرب يتشاءمون غالباً من بعض الطيور، سمي الفأل غير المحبوب تطيّراً، وهو في قبال "التفأل" ومعناه الفأل الحسن المحبوب.
وقد وردت في القرآن الإشارة إلى هذا المعنى مراراً وهي أن المشركين الخرافيّين كانوا يواجهون أنبياءهم بحربة التطير، كما نقرأ ذلك في قصّة موسى وأصحابه (وإن تصبهم سيئة يطيّروا بموسى ومن معه)(4).
وفي الآيات - محل البحث - أظهر قوم "ثمود" المشركون رد فعلّهم في مقابل نبيّهم "صالح*" بالتطير أيضاً.
وأساساً، ونقرأ في سورة "يس" أن المشركين تطيّروا من مجيء رسل المسيح(ع) إلى "انطاكية" (يس - 18).
فإنّ الإنسان لا يمكن أن يقف أمام الحوادث على حال واحدة، فلابدّ أن يفسّر آخر الأمر لكل حادثة علةً... فإذا كان الإنسان مؤمناً موحداً لله، فإنّه يرجع العلل إلى ذاته المقدسة تعالى طبقاً لحكمته، فكل شيء عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
ولو استند إلى العلم في تحليل العلة والمعلول الطبيعيين، فستُحل مشكلته ايضاً، وإلاّ فإنّه سينتج أوهاماً وخرافات لا أساس لها.. أوهاماً لا حد لها.. وأحدها "التطير" والفأل السيء!
مثلا كان عرب الجاهلية إذا رأوا الطائر يتحرك من اليمين نحو الشمال عدوّه فألاً حسناً، وإذا رأوه يتحرك من الشمال "اليسار" نحو اليمين عدّوه فألا سيئاً، ودليلا على الخسران أو الهزيمة! وغيرها من الخرافات الكثيرة عندهم(5).
واليوم يوجد - من قبيل هذه الخرافات والأوهام - الكثير في مجتمعات لا تؤمن بالله، وإن حققت نصراً من حيث العلم والمعرفة، بحيث لو سقطت "مملحة" على الأرض أقلقتهم إلى حد كبير!... ويستوحشون من الدار أو البيت أو الكرسي المرقم بـ 13، وما زالت سوق المنجمين وأصحاب الفأل رائجة غير كاسدة! فهناك مشترون كثر "للطالع والبخت"!.
إلاّ أنّ القرآن جمع كل هذه الامور فجعلها في جملة موجزة قصيرة فقال: (طائركم عند الله).
أجل، فطائركم وطالعكم وانتصاركم وهزيمتكم وتوفيقكم وفشلكم كله عند الله، الله الحكيم الذي يهب عطاياه لمن كانت عنده اللياقة، واللياقة بدورها انعكاس تنعكس عن الايمان والأعمال الصالحة أو الطالحة!.
وهكذا فإنّ الاسلام يدعو أتباعه ليخرجهم من وادي الخرافة إلى الحقيقة، ومن المفازة(6) إلى الصراط المستقيم.
(قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة).
فلِمَ تفكرون بعذاب الله دائماً وتستعجلونه؟ ألا تعلمون أن عذاب الله إذا حلّ بساحتكم ختم حياتكم ولا يبقى مجال للايمان؟
تعالوا واختبروا صدق دعوتي في البعد الايجابي والأمل في رحمة الله في ظل الإيمان به (لولا تستغفرون الله لعلكم تُرحمون)!.
علام تسألون عن نزول العذاب وتصرون على السيئات؟! ولم هذا العناد وهذه الحماقة؟!
لم يكن قوم صالح - وحدهم - قد طلبوا العذاب بعد انكارهم دعوة نبيّهم، فقد ورد في القرآن المجيد هذا الامر مراراً في شأن الامم الآخرين، ومنهم قوم هود "كما في الآية 70 من سورة الاعراف".
ونقرأ في شأن النّبي محمّد(ص) وما واجهه به بعض المشركين المعاندين، إذ قالوا: (اللّهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم). (3)
وهذا أمر عجيب حقّاً أن يريد الإنسان اختبار صدق دعوة نبيّه عن طريق العقاب المهلك، لا عن طريق طلب الرحمة! مع أنّهم يعلمون يقيناً احتمال صدق دعوة هؤلاء الأنبياء "يعلمون ذلك في قلوبهم وإن أنكروه بلسانهم".
وهذا الأمر يشبه حالة ما لو أدعى رجل بأنّه طبيب، فيقول: هذا ا لدواء ناجع شاف، وذلك الدواء ضار مهلك.
و نحن من أجل أن نختبر صدقه نستعمل الدواء المهلك!!
فهذا منتهى الجهل والتعصب... ولمرض الجهل الكثير من هذه الافرازات.
وعلى كل حال، فإنّ هؤلاء القوم المعاندين بدلا من أن يصغوا لنصيحة نبيّهم ويستجيبوا له، واجهوه باستنتاجات واهية وكلمات باطلة!... منها أنّهم (قالوا اطيرنا بك وبمن معك) ولعل تلك السنة كانت سنة قحط وجدب، فقالوا: إنّ هذا البلاء والمشاكل والعقبات كلّها بسبب قدوم هذا النّبي وأصحابه... فهم مشؤومون جلبوا الشقاء لمجتمعنا!!
فكانوا يحاولون مواجهة دعوة نبيّهم صالح ومنطقه المتين بحربة التطير، التي هي حربة المعاندين الخرافيين.
لكنّه ردّ عليهم و (قال طائركم عند الله) فهو الذي يبتليكم بسبب أعمالكم بهذه المصائب التي ادت إلى هذه العقوبات.
في الحقيقة إن ذلك اختبار وإمتحان إلهي كبير لكم، أجل (بل أنتم قوم تفتنون).
هذه امتحانات وفتن إلهية... هذه إنذارات وتنبيهات لينتبه - من فيهم اللياقة من غفلتهم، ويصلحوا انحرافهم ويتجهوا نحو الله!.
بحث
"التطيُّر والتفاؤل"
"التطيُّر" مأخوذ من مادة "طير" وهو معروف، إذ يعني مايطير بجناحين في الجوّ، ولما كان العرب يتشاءمون غالباً من بعض الطيور، سمي الفأل غير المحبوب تطيّراً، وهو في قبال "التفأل" ومعناه الفأل الحسن المحبوب.
وقد وردت في القرآن الإشارة إلى هذا المعنى مراراً وهي أن المشركين الخرافيّين كانوا يواجهون أنبياءهم بحربة التطير، كما نقرأ ذلك في قصّة موسى وأصحابه (وإن تصبهم سيئة يطيّروا بموسى ومن معه)(4).
وفي الآيات - محل البحث - أظهر قوم "ثمود" المشركون رد فعلّهم في مقابل نبيّهم "صالح*" بالتطير أيضاً.
وأساساً، ونقرأ في سورة "يس" أن المشركين تطيّروا من مجيء رسل المسيح(ع) إلى "انطاكية" (يس - 18).
فإنّ الإنسان لا يمكن أن يقف أمام الحوادث على حال واحدة، فلابدّ أن يفسّر آخر الأمر لكل حادثة علةً... فإذا كان الإنسان مؤمناً موحداً لله، فإنّه يرجع العلل إلى ذاته المقدسة تعالى طبقاً لحكمته، فكل شيء عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
ولو استند إلى العلم في تحليل العلة والمعلول الطبيعيين، فستُحل مشكلته ايضاً، وإلاّ فإنّه سينتج أوهاماً وخرافات لا أساس لها.. أوهاماً لا حد لها.. وأحدها "التطير" والفأل السيء!
مثلا كان عرب الجاهلية إذا رأوا الطائر يتحرك من اليمين نحو الشمال عدوّه فألاً حسناً، وإذا رأوه يتحرك من الشمال "اليسار" نحو اليمين عدّوه فألا سيئاً، ودليلا على الخسران أو الهزيمة! وغيرها من الخرافات الكثيرة عندهم(5).
واليوم يوجد - من قبيل هذه الخرافات والأوهام - الكثير في مجتمعات لا تؤمن بالله، وإن حققت نصراً من حيث العلم والمعرفة، بحيث لو سقطت "مملحة" على الأرض أقلقتهم إلى حد كبير!... ويستوحشون من الدار أو البيت أو الكرسي المرقم بـ 13، وما زالت سوق المنجمين وأصحاب الفأل رائجة غير كاسدة! فهناك مشترون كثر "للطالع والبخت"!.
إلاّ أنّ القرآن جمع كل هذه الامور فجعلها في جملة موجزة قصيرة فقال: (طائركم عند الله).
أجل، فطائركم وطالعكم وانتصاركم وهزيمتكم وتوفيقكم وفشلكم كله عند الله، الله الحكيم الذي يهب عطاياه لمن كانت عنده اللياقة، واللياقة بدورها انعكاس تنعكس عن الايمان والأعمال الصالحة أو الطالحة!.
وهكذا فإنّ الاسلام يدعو أتباعه ليخرجهم من وادي الخرافة إلى الحقيقة، ومن المفازة(6) إلى الصراط المستقيم.