بسم الله الرحمن الرحيم
تمر على الإنسان ساعات من الضعف يستسيغ لنفسه الاعتذار عن واجباته الرسالية، فطريق الدعوة الى الله طويل وشائك ومليء بالمعوقات، فكيف لجهود إنسان ضعيف مثلي ان تحقق ما يطمح به صاحب الرسالة.
فمن جهة نرى الناس غرقى في شهواتهم وماديتهم، وغرباء عن اغلب مفاهيم الإسلام، ومن جهة أخرى يوجه العامل الخارجي سهام التشكيك لتلك المفاهيم ليتم وصفها بأنها نوع من الرجعية والتخلف، واللاواقعية!
نعم لو كان سفراً قاصداً وطريقاً قصيراً سالكاً والغاية محدودة لكان للعمل مجال. لكن الطريق طويل والشقة بعيدة.
وهنا تنبهت على وقع قوله تعالى: pلَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَo التوبة: 42.
فطول الطريق وضعف القدرة عذر غير مقبول من وجهة نظر السماء، الطريق طويل، هذا ليس فيه شك، لكن هذا لا يعني شيئاً الذي يحمل مسؤولية حمل الرسالة، لأنه لا يستهدف مكسباً مادياً او جائزة عاجلة يحصل عليها عند إنجازه المهمة وفراغه منها، حتى إذا رأى طول الطريق وصعوبته وانه قد لا يصل الى النهاية والنتيجة المطلوبة زهد فيها. وإنما الهدف الحقيقي للمسلم من عمله في سبيل الله ثوابه تعالى ورضوانه، وقد ضمنه تعالى للعاملين في سبيله سواء اتم العمل او جاء ببعض منه، وسواء تحقق الهدف او لم يتحقق، بلا فرق بين أول خطوة يقوم بها المسلم والخطوة الأخيرة، وحينئذ لا فرق بين طول الطريق وقصره، مادام المسلم يحصل على مبتغاه في الحالتين، فليست المسألة من وجهة نظر السماء إلا مسألة طاعة يحسن العبد فيها نيته مع ربه سواء تمثلت هذه الطاعة بالخطوة الأولى او الأخيرة، قال تعالى: pذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَo التوبة: 120 ـ 121.
الطريق صعب وشائك ومن قال غير ذلك، فهو طريق احياء الأمة من جديد وإعادتها الى الصراط المستقيم، طريق قيادة الأمة نحو مرضاة الله تعالى وإقناعها بمحاربة كل ما يتنافى مع ذلك من نفس أمارة او شيطان غوي او عدو فاسد، إلا ان الشوك وإن أدمى الأيدي التي تريد اقتلاعه لكنه بالنهاية يرضخ للإرادة الصلبة والتصميم الثابت.
لنكون صادقين مع انفسنا، ما هي الأعذار لقلة العمل والسعي في سبيل الله؟
اهو ضعف القدرة؟
او الاتكال على الآخرين في قيامهم بهذه الوظيفة؟
كل هذه الأعذار يرفضها القرآن رفضاً صريحاً، لأن أمثالي قالوها سابقاً في عهد النبي 9، فقالوا .....
pيَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَoالتوبة: 94.
فيقطع القرآن بهذه الآية الملتهبة العذر ولا يسمح للنبي 9 ان يستمع بعد رجوعه من إحدى معاركه الى اعتذارات الذين نكصوا وتخلفوا عن موكب الدعوة عندما دقت الساعة وأزف الخطر، مهما كان لون الاعتذار وأسلوبه.
ونحن حين نستعرض الاعذار التي يكشف القرآن عن زيفها ، نجد الأعذار بالأمس هي الأعذار اليوم لا تختلف في جوهرها ومضمونها ومناشئها الأنانية، كما أن الدعوة اليوم كالدعوة بالأمس في محنتها بذوي الأعذار والمثبطين ومصيبتها بهم في كلا الحالين، فهي إن سجلت نصراً في إحدى معاركها قال المثبطون: إنا معكم ، وإن منيت بخسارة قالوا: الحمد لله الذي نجانا من هذا إذ لم نكن معهم، قال تعالى: pوَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماًo النساء: 72 ـ 73.
وفي الحقيقة إن الأعذار تجر الى تثبيط باقي المسلمين عن القيام بواجباتهم تجاه الدعوة الأمر الذي يستلزم النفاق بحسب وصف القرآن الكريمpوَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَo العنكبوت: 10 ـ 11.
أجارنا الله وإياكم من دسائس الشرك والنفاق ما ظهر منه وما بطن.
تمر على الإنسان ساعات من الضعف يستسيغ لنفسه الاعتذار عن واجباته الرسالية، فطريق الدعوة الى الله طويل وشائك ومليء بالمعوقات، فكيف لجهود إنسان ضعيف مثلي ان تحقق ما يطمح به صاحب الرسالة.
فمن جهة نرى الناس غرقى في شهواتهم وماديتهم، وغرباء عن اغلب مفاهيم الإسلام، ومن جهة أخرى يوجه العامل الخارجي سهام التشكيك لتلك المفاهيم ليتم وصفها بأنها نوع من الرجعية والتخلف، واللاواقعية!
نعم لو كان سفراً قاصداً وطريقاً قصيراً سالكاً والغاية محدودة لكان للعمل مجال. لكن الطريق طويل والشقة بعيدة.
وهنا تنبهت على وقع قوله تعالى: pلَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَo التوبة: 42.
فطول الطريق وضعف القدرة عذر غير مقبول من وجهة نظر السماء، الطريق طويل، هذا ليس فيه شك، لكن هذا لا يعني شيئاً الذي يحمل مسؤولية حمل الرسالة، لأنه لا يستهدف مكسباً مادياً او جائزة عاجلة يحصل عليها عند إنجازه المهمة وفراغه منها، حتى إذا رأى طول الطريق وصعوبته وانه قد لا يصل الى النهاية والنتيجة المطلوبة زهد فيها. وإنما الهدف الحقيقي للمسلم من عمله في سبيل الله ثوابه تعالى ورضوانه، وقد ضمنه تعالى للعاملين في سبيله سواء اتم العمل او جاء ببعض منه، وسواء تحقق الهدف او لم يتحقق، بلا فرق بين أول خطوة يقوم بها المسلم والخطوة الأخيرة، وحينئذ لا فرق بين طول الطريق وقصره، مادام المسلم يحصل على مبتغاه في الحالتين، فليست المسألة من وجهة نظر السماء إلا مسألة طاعة يحسن العبد فيها نيته مع ربه سواء تمثلت هذه الطاعة بالخطوة الأولى او الأخيرة، قال تعالى: pذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَo التوبة: 120 ـ 121.
الطريق صعب وشائك ومن قال غير ذلك، فهو طريق احياء الأمة من جديد وإعادتها الى الصراط المستقيم، طريق قيادة الأمة نحو مرضاة الله تعالى وإقناعها بمحاربة كل ما يتنافى مع ذلك من نفس أمارة او شيطان غوي او عدو فاسد، إلا ان الشوك وإن أدمى الأيدي التي تريد اقتلاعه لكنه بالنهاية يرضخ للإرادة الصلبة والتصميم الثابت.
لنكون صادقين مع انفسنا، ما هي الأعذار لقلة العمل والسعي في سبيل الله؟
اهو ضعف القدرة؟
او الاتكال على الآخرين في قيامهم بهذه الوظيفة؟
كل هذه الأعذار يرفضها القرآن رفضاً صريحاً، لأن أمثالي قالوها سابقاً في عهد النبي 9، فقالوا .....
pيَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَoالتوبة: 94.
فيقطع القرآن بهذه الآية الملتهبة العذر ولا يسمح للنبي 9 ان يستمع بعد رجوعه من إحدى معاركه الى اعتذارات الذين نكصوا وتخلفوا عن موكب الدعوة عندما دقت الساعة وأزف الخطر، مهما كان لون الاعتذار وأسلوبه.
ونحن حين نستعرض الاعذار التي يكشف القرآن عن زيفها ، نجد الأعذار بالأمس هي الأعذار اليوم لا تختلف في جوهرها ومضمونها ومناشئها الأنانية، كما أن الدعوة اليوم كالدعوة بالأمس في محنتها بذوي الأعذار والمثبطين ومصيبتها بهم في كلا الحالين، فهي إن سجلت نصراً في إحدى معاركها قال المثبطون: إنا معكم ، وإن منيت بخسارة قالوا: الحمد لله الذي نجانا من هذا إذ لم نكن معهم، قال تعالى: pوَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماًo النساء: 72 ـ 73.
وفي الحقيقة إن الأعذار تجر الى تثبيط باقي المسلمين عن القيام بواجباتهم تجاه الدعوة الأمر الذي يستلزم النفاق بحسب وصف القرآن الكريمpوَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَo العنكبوت: 10 ـ 11.
أجارنا الله وإياكم من دسائس الشرك والنفاق ما ظهر منه وما بطن.