نص الشبهة:


ما رايكم في بعض الشخصيات المقدسة عند المسيحيين كالقديسين وغيرهم و حصول حالات الشفاء على ايديهم بطريقة كما يزعمون انها خارقة للطبيعة ؟







تطالعنا بعض شاشات التلفزيون من وقت لآخر بصورة ملفتة ومدروسة ، وبهدف التبشير بالديانة المسيحية ، بعرض ودراسة بعض حالات الشفاء غير العادية التي يسمونها بالعجيبة والحاصلة عن طريق التوسل والتضرع ببعض الشخصيات المقدسة عندهم كالقديسين وغيرهم . وذلك بهدف الاستدلال بها على صدق وصحة دينهم ومعتقداتهم ويحشدون لذلك التقارير الطبية المزورة حتى تصبح مثل هكذا امور دليلاً على صحة معتقداتهم؟ خصوصاً إن من تصدر عنهم مثل هذه ألأمور يعتبرون ضلالاً عندنا؟ .

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
حول ما يذكرونه من تأثيرات للتوسلات ببعض الشخصيات المقدسة عندهم ممن يطلقون عليهم اسم « القديسين » في شفاء بعض المرضى بصورة إعجازية وغير عادية، واستنادهم في ذلك إلى تقارير طبية، نقول:

أولاً: إن إثبات ذلك بصورة قاطعة لم يحصل حتى الآن.. بل الشبهة قائمة بقوة حول طبيعة هذه الأجواء التي تثار..

ثانياً: لو سلمنا صحة ذلك لدى المسيحيين، وحصول ذلك فيهم، فإن ذلك حاصل في غيرهم أيضاً.. بل إن بعض المسيحيين قد شافاهم الله بطريقة إعجازية بواسطة التوسل بالأئمة الأطهار من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ويمكن تلمّس صحة هذا في بعض العينات المسيحية بالذات في المجتمع اللبناني أيضاً.. فإن كانت باؤهم تجر، فلماذا لا تجر باء غيرهم أيضاً؟‍
ثالثاً: إن الدعاء النابع من القلب من إنسان مضطر مؤمن بالله، ولكنه مستضعف فيما سوى ذلك من المعارف الإيمانية إن هذا الدعاء يستجاب إذ أن الله لا يخيب دعوة محتاج أو مظلوم يحبه هو، ويسعى إليه، وإن لم يهتد الطريق إليه، فيستجيب له، لأنه الرؤوف الرحيم، ولأنه يريد أن يحفظ له هذا المقدار من الارتباط به، مهما كان ضعيفاً وضئيلاً، فإن حب الله هو من الخيرات التي لا تضيع أبداً، وقد قال تعالى: ﴿ ... أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ... 1.
وقال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ 2.
فالاستجابة في الحقيقة ليست لأجل ذلك القديس، مثلاً. وإنما هي لأجل الداعي وصاحب الحاجة نفسه.
على أن من المعلوم: أن كل من له عمل حسن، فإن الله لا يضيعه عليه. فإذا عمل الكافر عملاً حسناً فلا بد أن يكافئه عليه في الدنيا، ليذهب إلى الآخرة صفر اليدين.
وقد جاءت الرواية بأن كتابياً كانت له حالة تخوله القيام ببعض الأمور غير العادية، فسأله الإمام الصادق (عليه السلام) عن سبب ذلك، فأخبره بأنه يخالف ما تدعوه إليه نفسه، فطلب منه أن يعرض عليها الإسلام.
فعرضه عليها فأبته.
فقال له (عليه السلام): خالفها.
فلما خالفها ذهبت عنه تلك الحالة، وما ذلك إلا للسبب الذي أشرنا إليه آنفاً.
رابعاً: إن هناك آيات وأدعية لها تأثيرها الحقيقي في بعض الحاجات التي تستعمل لها.. وهذا الأثر يتحقق بمجرد استعمالها على الوجه الصحيح، سواء أكان ذلك من قِبل الكافر أو المؤمن، ومن يراجع الأوراد والتعاويذ التي يقرؤها البعض في مجالات بعينها، ويحدثون من خلالها بعض التأثيرات غير العادية يجد صدق ما ذكرناه.. وإن كنا نرفض فعل هؤلاء وندينه من حيث إن في بعضه إقداماً على المحرمات، ولكن الآثار لتلك الأوراد والأذكار مما لا يمكن دفعه وإنكاره..
خامساً: لا شك في أن للإيحاءات النفسية تأثيراتها في شفاء العديد من الحالات المرضية، أو التخفيف منها، ولا يفرق في ذلك بين أن تأتي من مؤمن أو من كافر..
سادساً: وأخيراً نقول: إن ما نعرفه عن المرتاضين الهنود يوضح لنا: أن بالإمكان ترويض الروح والسيطرة عليها، وللروح قدراتها الهائلة التي تمكنهم من القيام ببعض الأمور الصعبة، وفقاً للنواميس الطبيعية، والسنن المودعة في هذا الكون والوجود، وليس خارج دائرتها، وليس هذا ولا ما سبقه من قبيل الإكرام الإلهي لمن يمارس ذلك، ولا دلالة فيه على مقام مكين له عند الله.. 3.

المصادر


1. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 195، الصفحة: 76.

2. القران الكريم: سورة الزلزلة (99)، الآية: 7، الصفحة: 599.

3. مختصر مفيد ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة )، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الثالثة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (153).