قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ البّتُول
*أبصرت بما لم يبصروا
نَجْـواكِ سَاقِيَـةٌ وقَلْبِـيَ بَيْـدَرُ
مَا أنْ تَدُورُ عَلى فَمِـي أَتَشَجّـرُ
يَتَفَتّقُ البَـوحُ النّـدِيّ سَنَابِـلاً
وتَسِيلُ مِنْ هَمْسِ الدّلاءِ الأنْهُـرُ
تَرْوي عُرُوقَ قَرِيحةٍ ظَمْأَى فَقَـدْ
كَادَتْ لِفَرْطِ جَفَافِهَـا تَتَصَحّـرُ
حتّى إذا مَا مَسّهَا مَـاءُ الـرّؤَى
تَهْتَـزُّ هَامِـدةُ الخَيـالِ وتُثْمِـرُ
نَجْواكِ شمْسٌ أَرْسَلَـتْ راحَاتهـا
لِتُلَمْلِمَ الصّبـحَ الـذِي يَتَكَسّـرُ
وتُصَافِحُ الرّوحَ التي ما أزْهَـرَتْ
إلا بِذِكـرِكِ تَطْمَئِـنُّ وتُزْهِـرُ
غَرَسَتْ أصابعها الـرّواءَ بَطَيَنِتـي
مِنْ فيضِهِنّ يفورُ وَهْـجٌ أَخْضَـرُ
فَاخْضرّ دَرْبِيَ لِلسّماءِ كَسُنْـدُسٍ
يَمْتَدّ لِلمَلكـوتِ حيـثُ المَعْبَـرُ
ونَمَتْ كَطُوبى في غُصُونِ قَصِيدَتي
الدّرُ بعـضُ ثِمَارِهـا والجَوهَـرُ
أنّى قَطَفْتُ تُعِيدُ مَلءَ عُذُوقِهَـا
لا طَعْـم يُشْبِهُهَـا ولا تَتَكَـرّرُ
جُن النّـدى بِبَهائِهـا مُتَقَاطِـرًا
قُبَـلاً علـى وجَنَاتِهـا تَتَبلورُ
ويَطِيبُ لِلعُشّاقِ فَضْحُ جُنُونِهِـم
فيما يَقِلُّ مِـنَ الجُنُـونِ ويَكْثُـرُ
فإذا تَعَانَقَت الكُفـوفُ تَضَـوّعَ
المِسْكُ المُعَتّقُ في الشّذا والعَنْبَـرُ
وإذا تَهَامَسَت الطّيـوفُ كأَنّمَـا
بِجَلالِ هَمْسكِ أسْتَفِيقُ وأَسْكَـرُ
نَجْواكِ أُغْنِيَةُ الجِيَاعِ تَـدُورُ فِـي
حَجَرِ الرّحَى قَمْحًا وجُوعِيَ مِزْهَرُ
لمّا عَزَفْـتُ الآهَ مِسْكِينًـا عَلَـى
أعتابِ جُودكِ كان لَحْنِيَ يُمْطِـرُ
ها رَشّفِي ظَمَأَ الِقَفارِ بِمُهْجَتِـي
لا أقَفَرتْ مُهَجٌ سَقَاهَـا الكَوثَـرُ
مُدّي رَغِيفَ الوَصْلِ أُشْبِعُ لَهْفَتِي
لو كِسْرةٌ تَكْفِـي أنَـا أتَضَـوّرُ
لِلّهِ جُوعُكِ فِي ثَـلاثٍ حِينَمـا
أطعمتِ أفْواهًـا تئِنُ و تَجْـأرُ
أوَ أَقْصُدُ الزّهرا وتَنْكِبُ خَطْوتِي
هيهـاتُ لا أكْبُـو ولا أتَعَـثّـر
كُلّ الذينَ مَضَوا علـى آيَاتِهـا
عُمْيًا على مَرّ الزّمـانِ تَحَجّـروا
إلا الذيـنَ تَأَوّلُـوهَـا آيَــةً
كُبْرى كَمَا قَال النَبِـيُّ تَحَـرّروا
ذِكْراكِ مُنْبَجَسُ الحِكَاياتِ التـي
كَـم تـاهَ فيها العارفون وحُيّروا
يَا ما ارْتَمَسْتُ بِنَشْوَةِ الذّكْرَى وما
أنَدَى ارْتِمَاسِيَ حِيَنَمـا أَتَذَكَـرُ
ويَشُدُنِي مِنْ أَوّلِ التّكْوِيـنِ مَـا
شَدّ المَلائِكَ ..والمَلائِـكُ تَحضرُ
فُتِحَتْ شَبَابِيكُ الغُيُـوبِ هُنَيهَـةً
مِنْ أيّ شُبّـاكٍ عَسّانِـي أنْظُـرُ
هُيّمْتُ لا أَدْرِي مَتَـى ولَرُبّمـا
مُذْ لَمْ أكُنْ شَيْئًا هُنَالِـكَ يُذْكَـرُ
حِينَ السّماءُ بِلا صَبَـاحٍ رُتّقَـتْ
واللّيلُ فِي شِفَة الوُجُـودِ يُثَرثِـرُ
اللهُ أَخْـرَجَ نُورَهَـا تُفّـاحَـةً
في العَالَمِ العُلوِيّ كَانَـتْ تُزْهِـرُ
وإذا تَفَتّقَـتْ السّمَـاءُ بِوَمْضَـةٍ
عَرْشِيّة السّبُحَاتِ لاحَتْ تُسْفِـرُ
البدرُ يَسْعَى فِي عبَابِ ضِيَائِهـا
النّجْمُ يُبْحِرُ والكَواكِبُ تَمْخـرُ
وأنَا عَلَى شَطّ الـرّؤى مُتَأَمِـلًا
مَـاذَا وراءَ عبَابِهَـا يَتَسَـتّـرُ
أَطْفُو ومَوْجُ الأُمْنِيَاتِ يَمِيدُ بِـي
وبِـ" لو " أَغُوصُ وفِكْرَتِي تَتَبَصّرُ
لَو أنّنَي أُوتِيـتُ آيَـةُ يُوسُـفٍ
علّي أؤَوّل فِي الـرّؤَى وأُعَبّـرُ
أو أننـي أَدْرِي ومَـا أدْرَاكَ مَـا
هي ليلةُ القَـدْرِ التـي تَتَفَسّـرُ
لو أنني أبْصَرْتُ ما لَـمْ يُبْصِـرُوا
وقَبَضْتُ مِنْ أَثَرِ البّتُـولِ فَأَظْفَـرُ
أو أنني أَدْرَكْتُ مَعْنَـى سِرّهَـا
المُسْتَـوَدعِ المَكْنُـونِ أو أدّبَـرُ
لو أن بي بَعْضًا مِـنْ الخَنْسَـاءَ أو
لو يصطفيني بالقريحةِ عَبْقَـرُ
لَكَتَبْتُ عِشْقِي ألفَ ألف قَصِيـدَةٍ
وكأنّ عُمْرِيَ فِي هَواهَا دَفْتَـرُ
إلهي بحق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها حقق أمنيات أحبتي
متباركين
الشاعرة ايمان دعبل /البحرين
*أبصرت بما لم يبصروا
نَجْـواكِ سَاقِيَـةٌ وقَلْبِـيَ بَيْـدَرُ
مَا أنْ تَدُورُ عَلى فَمِـي أَتَشَجّـرُ
يَتَفَتّقُ البَـوحُ النّـدِيّ سَنَابِـلاً
وتَسِيلُ مِنْ هَمْسِ الدّلاءِ الأنْهُـرُ
تَرْوي عُرُوقَ قَرِيحةٍ ظَمْأَى فَقَـدْ
كَادَتْ لِفَرْطِ جَفَافِهَـا تَتَصَحّـرُ
حتّى إذا مَا مَسّهَا مَـاءُ الـرّؤَى
تَهْتَـزُّ هَامِـدةُ الخَيـالِ وتُثْمِـرُ
نَجْواكِ شمْسٌ أَرْسَلَـتْ راحَاتهـا
لِتُلَمْلِمَ الصّبـحَ الـذِي يَتَكَسّـرُ
وتُصَافِحُ الرّوحَ التي ما أزْهَـرَتْ
إلا بِذِكـرِكِ تَطْمَئِـنُّ وتُزْهِـرُ
غَرَسَتْ أصابعها الـرّواءَ بَطَيَنِتـي
مِنْ فيضِهِنّ يفورُ وَهْـجٌ أَخْضَـرُ
فَاخْضرّ دَرْبِيَ لِلسّماءِ كَسُنْـدُسٍ
يَمْتَدّ لِلمَلكـوتِ حيـثُ المَعْبَـرُ
ونَمَتْ كَطُوبى في غُصُونِ قَصِيدَتي
الدّرُ بعـضُ ثِمَارِهـا والجَوهَـرُ
أنّى قَطَفْتُ تُعِيدُ مَلءَ عُذُوقِهَـا
لا طَعْـم يُشْبِهُهَـا ولا تَتَكَـرّرُ
جُن النّـدى بِبَهائِهـا مُتَقَاطِـرًا
قُبَـلاً علـى وجَنَاتِهـا تَتَبلورُ
ويَطِيبُ لِلعُشّاقِ فَضْحُ جُنُونِهِـم
فيما يَقِلُّ مِـنَ الجُنُـونِ ويَكْثُـرُ
فإذا تَعَانَقَت الكُفـوفُ تَضَـوّعَ
المِسْكُ المُعَتّقُ في الشّذا والعَنْبَـرُ
وإذا تَهَامَسَت الطّيـوفُ كأَنّمَـا
بِجَلالِ هَمْسكِ أسْتَفِيقُ وأَسْكَـرُ
نَجْواكِ أُغْنِيَةُ الجِيَاعِ تَـدُورُ فِـي
حَجَرِ الرّحَى قَمْحًا وجُوعِيَ مِزْهَرُ
لمّا عَزَفْـتُ الآهَ مِسْكِينًـا عَلَـى
أعتابِ جُودكِ كان لَحْنِيَ يُمْطِـرُ
ها رَشّفِي ظَمَأَ الِقَفارِ بِمُهْجَتِـي
لا أقَفَرتْ مُهَجٌ سَقَاهَـا الكَوثَـرُ
مُدّي رَغِيفَ الوَصْلِ أُشْبِعُ لَهْفَتِي
لو كِسْرةٌ تَكْفِـي أنَـا أتَضَـوّرُ
لِلّهِ جُوعُكِ فِي ثَـلاثٍ حِينَمـا
أطعمتِ أفْواهًـا تئِنُ و تَجْـأرُ
أوَ أَقْصُدُ الزّهرا وتَنْكِبُ خَطْوتِي
هيهـاتُ لا أكْبُـو ولا أتَعَـثّـر
كُلّ الذينَ مَضَوا علـى آيَاتِهـا
عُمْيًا على مَرّ الزّمـانِ تَحَجّـروا
إلا الذيـنَ تَأَوّلُـوهَـا آيَــةً
كُبْرى كَمَا قَال النَبِـيُّ تَحَـرّروا
ذِكْراكِ مُنْبَجَسُ الحِكَاياتِ التـي
كَـم تـاهَ فيها العارفون وحُيّروا
يَا ما ارْتَمَسْتُ بِنَشْوَةِ الذّكْرَى وما
أنَدَى ارْتِمَاسِيَ حِيَنَمـا أَتَذَكَـرُ
ويَشُدُنِي مِنْ أَوّلِ التّكْوِيـنِ مَـا
شَدّ المَلائِكَ ..والمَلائِـكُ تَحضرُ
فُتِحَتْ شَبَابِيكُ الغُيُـوبِ هُنَيهَـةً
مِنْ أيّ شُبّـاكٍ عَسّانِـي أنْظُـرُ
هُيّمْتُ لا أَدْرِي مَتَـى ولَرُبّمـا
مُذْ لَمْ أكُنْ شَيْئًا هُنَالِـكَ يُذْكَـرُ
حِينَ السّماءُ بِلا صَبَـاحٍ رُتّقَـتْ
واللّيلُ فِي شِفَة الوُجُـودِ يُثَرثِـرُ
اللهُ أَخْـرَجَ نُورَهَـا تُفّـاحَـةً
في العَالَمِ العُلوِيّ كَانَـتْ تُزْهِـرُ
وإذا تَفَتّقَـتْ السّمَـاءُ بِوَمْضَـةٍ
عَرْشِيّة السّبُحَاتِ لاحَتْ تُسْفِـرُ
البدرُ يَسْعَى فِي عبَابِ ضِيَائِهـا
النّجْمُ يُبْحِرُ والكَواكِبُ تَمْخـرُ
وأنَا عَلَى شَطّ الـرّؤى مُتَأَمِـلًا
مَـاذَا وراءَ عبَابِهَـا يَتَسَـتّـرُ
أَطْفُو ومَوْجُ الأُمْنِيَاتِ يَمِيدُ بِـي
وبِـ" لو " أَغُوصُ وفِكْرَتِي تَتَبَصّرُ
لَو أنّنَي أُوتِيـتُ آيَـةُ يُوسُـفٍ
علّي أؤَوّل فِي الـرّؤَى وأُعَبّـرُ
أو أننـي أَدْرِي ومَـا أدْرَاكَ مَـا
هي ليلةُ القَـدْرِ التـي تَتَفَسّـرُ
لو أنني أبْصَرْتُ ما لَـمْ يُبْصِـرُوا
وقَبَضْتُ مِنْ أَثَرِ البّتُـولِ فَأَظْفَـرُ
أو أنني أَدْرَكْتُ مَعْنَـى سِرّهَـا
المُسْتَـوَدعِ المَكْنُـونِ أو أدّبَـرُ
لو أن بي بَعْضًا مِـنْ الخَنْسَـاءَ أو
لو يصطفيني بالقريحةِ عَبْقَـرُ
لَكَتَبْتُ عِشْقِي ألفَ ألف قَصِيـدَةٍ
وكأنّ عُمْرِيَ فِي هَواهَا دَفْتَـرُ
إلهي بحق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها حقق أمنيات أحبتي
متباركين
الشاعرة ايمان دعبل /البحرين