الفرق بين التقية والنفاق
حينما نقول : إن في التقية عز المؤمن ، فلا شك أن في النفاق ذل المنافق ، وحينما نقول : إن في التقية المداراتية يلم شمل المسلمين وتأتلف قلوبهم ، فلا شك أن في النفاق فرقتهم وشرذمتهم وزرع العداوة والبغضاء في ما بينهم .
وهكذا حينما نرجع إلى فوائد التقية ، نعلم جيدا ، أن كل فائدة من فوائدها يشكل نقيضها صفة للنفاق ، وحينئذ تعلم الفروق الشاسعة بينهما ، لوضوح أن النفاق - مع خلوه عن كل فائدة - يعد من أخس الصفات وأسوءها ، ويكفي أن أعلن الشارع المقدس عن مصير المنافقين وشدد النكير عليهم بقوله الكريم : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) ( 1 ) .
بينما جاء وصف من استخدم التقية في موردها كما مر في أدلتها بأنه من المؤمنين .
ومع وضوح هذا الأمر ، إلا أنا سنبين باختصار بعض الفروق بين التقية والنفاق ، إذ ربما لا يستهدي البعض إليها من خلال مراجعة فوائد التقية وتصور نقائضها في النفاق ، لا سيما مع وجود من لم يفرق بينهما كما يظهر من بعض البحوث والكتابات المعاصرة ، ومن بين هذه الفروق ما يأتي :
الفرق الأول : التقية ثبات القلب على الإيمان وإظهار خلافه باللسان
* هامش *
(1) سورة النساء : 4 / 145 . ( * )
فقط ، لضرورة مقبولة شرعا وعقلا . والنفاق عكس ذلك تماما فهو ثبات القلب على الباطل وإظهار الحق على اللسان فقط ، بحيث لا يتعدى فعل المنافق إلى فعل المؤمن ، وأين هذا من ذاك ؟
الفرق الثاني : التقية لا تكون من غير ضرورة أو مصلحة معتد بها شرعا ، وأما النفاق فهو خال من كل ذلك تماما ، فهو مرض في قلوب المنافقين الذين يحسبون كل صيحة عليهم ، فكيف يستويان ؟ ومن هذا النفاق الدخول على سلاطين الجور
والأمراء الفسقة وإطرائهم بما ليس فيهم وتزكيتهم من دون أدنى ضرورة وبلا إكراه وإنما لأجل التزلف إليهم ثم ذمهم عند الخروج منهم كما كان يفعله عريف الهمداني ، وعروة بن الزبير ، وناس من التابعين ، مما حمل بعض الصحابة على تنبيههم على هذا النفاق ( 1 ) .
الفرق الثالث : اعتنى القرآن الكريم ببيان رفع الحرج والعسر والشدة والضرر ، وكذلك السنة النبوية ، زيادة على طرح الفقهاء لجملة من القواعد الفقهية المبينة لذلك ، وكل هذا يدخل في دائرة التقية وبيان حكمها الشرعي ، وفي المقابل جاء التحذير الشديد بشأن النفاق وبيان مساوئه ، ولم يعد القرآن الكريم من اتقى إلا بكل خير ، بينما وعد المنافقين بكل عذاب مهين
الفرق الرابع : جواز التقية ثابت بنص القرآن الكريم ، وحرمة النفاق ثابتة بعشرات النصوص القرآنية ، ولو جاز القول بأن التقية نفاق ، فلم يبق
الفرق الثاني : التقية لا تكون من غير ضرورة أو مصلحة معتد بها شرعا ، وأما النفاق فهو خال من كل ذلك تماما ، فهو مرض في قلوب المنافقين الذين يحسبون كل صيحة عليهم ، فكيف يستويان ؟ ومن هذا النفاق الدخول على سلاطين الجور
والأمراء الفسقة وإطرائهم بما ليس فيهم وتزكيتهم من دون أدنى ضرورة وبلا إكراه وإنما لأجل التزلف إليهم ثم ذمهم عند الخروج منهم كما كان يفعله عريف الهمداني ، وعروة بن الزبير ، وناس من التابعين ، مما حمل بعض الصحابة على تنبيههم على هذا النفاق ( 1 ) .
الفرق الثالث : اعتنى القرآن الكريم ببيان رفع الحرج والعسر والشدة والضرر ، وكذلك السنة النبوية ، زيادة على طرح الفقهاء لجملة من القواعد الفقهية المبينة لذلك ، وكل هذا يدخل في دائرة التقية وبيان حكمها الشرعي ، وفي المقابل جاء التحذير الشديد بشأن النفاق وبيان مساوئه ، ولم يعد القرآن الكريم من اتقى إلا بكل خير ، بينما وعد المنافقين بكل عذاب مهين
الفرق الرابع : جواز التقية ثابت بنص القرآن الكريم ، وحرمة النفاق ثابتة بعشرات النصوص القرآنية ، ولو جاز القول بأن التقية نفاق ، فلم يبق
* هامش *
(1) أنظر : صحيح البخاري 9 : 89 ، باب ما يكره من ثناء السلطان ، وإذا خرج قال غير ذلك ، من كتاب الأحكام .
والسنن الكبرى / البيهقي 8 : 164 و 165 . والسنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني 1 - 2 : 408 - 409 / 149 .
وفتح الباري 3 : 170 . ( * )
والسنن الكبرى / البيهقي 8 : 164 و 165 . والسنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني 1 - 2 : 408 - 409 / 149 .
وفتح الباري 3 : 170 . ( * )
إلا القول بأن الشريعة الإسلامية أحلت للمسلمين النفاق ثم نسخ هذا الحكم بالحرمة ، وهو كما ترى قول مضحك لا يقوله إلا السفيه الأحمق .
الفرق الخامس : التقية فضيلة - كما مر - والنفاق رذيلة بلا شك ، فكيف يجوز حمل أحدهما على الآخر .
الفرق السادس : قولهم بنظرية عدالة الصحابة يثبت الفرق بين التقية والنفاق بأوضح وجه ، لثبوت عمل الصحابة بالتقية كما سنبرهن عليه في الفصل الرابع ، ومعنى قولهم أن التقية نفاق يعني أن عدول الصحابة منافقون . وهذا ما لا يرتضيه المنافقون أنفسهم . ونكتفي بهذه الفروق لنبين باختصار الأسباب المؤدية إلى هذا القول الساذج البعيد كل البعد عن العلمية والموضوعية .
الفرق الخامس : التقية فضيلة - كما مر - والنفاق رذيلة بلا شك ، فكيف يجوز حمل أحدهما على الآخر .
الفرق السادس : قولهم بنظرية عدالة الصحابة يثبت الفرق بين التقية والنفاق بأوضح وجه ، لثبوت عمل الصحابة بالتقية كما سنبرهن عليه في الفصل الرابع ، ومعنى قولهم أن التقية نفاق يعني أن عدول الصحابة منافقون . وهذا ما لا يرتضيه المنافقون أنفسهم . ونكتفي بهذه الفروق لنبين باختصار الأسباب المؤدية إلى هذا القول الساذج البعيد كل البعد عن العلمية والموضوعية .