بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رفيع الدرجات ذي العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ، رب العباد والبلاد ، وإليه المعاد ، سريع الحساب ، شديد العقاب , ذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ، باسط اليدين بالرحمة ، واهب الخير لا يخيب سائله ، ولا يندم آمله ، ولا يحصى نعمه , صادق الوعد وعده حق ، وهو أحكم الحاكمين ، وأسرع الحاسبين ، حكمه عدل وهو للمجد أهل ، يعطي الخير ويقضي بالحق ويهدي السبيل .
والصلاة والسلام على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
بيان الشبهة : «التشريع الإلهي استمر ولم ينقطع بوفاة الرسول ، بل استمر عند الشيعة إلى بداية القرن الرابع الهجري ، وذلك بوقوع الغيبة».
الجواب : إن انقطاع الوحي عند الشيعة من ضروريات المذهب , إلا إن البعض من المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم السلام يحاول أن يجعل من الإلهام والنكت والتحديث التي وردت في الروايات الشيعية تعبيراً آخر عن الوحي التشريعي ، كما إن هذا القول - أي استمرار الوحي التشريعي - لم يقل به أحد من علماء الشيعة ، بل لم نجد رواية واحدة في كتب الحديث الشيعية صرحت بأن الإمام يوحى إليه وحياً تشريعياً ؟
إن نفي هذا الافتراء في الحقيقة لا يحتاج إلى برهان من الشيعة , لأن نفيه من المسلّمات ومن أوضح الواضحات ، فكما أن أحداً لم يشكك في وفاة النبي ولم يدع أحد أن النبي مازال حياً ، كذلك لم يشكك أحد في انقطاع الوحي التشريعي بوفاة النبي ، لذا لا نجد من علمائنا من خصص بحثاً لتناول هذا الأمر ومناقشته , بل على العكس إن هناك روايات عديدة صرحت بانقطاع الوحي بوفاة النبي في كتب الشيعة الحديثية : فقد أخرج الشيخ الكليني في الكافي بسند معتبر عن أبي أيوب الخزاز قال : «أردنا أن نخرج ، فجئنا نسلّم على أبي عبد الله عليه السلام ، فقال : كأنّكم طلبتم مع بركة الاثنين ؟ فقلنا : نعم ، فقال : وأي يوم أعظم شؤماً من الاثنين ، يوم فقدنا فيه نبينا ، وارتفع الوحي عنا»(1).
وكذلك لا يوجد أحد من علمائنا المتأخرين قال بأن الوحي التشريعي لم ينقطع بعد وفاة النبي ؟!
إن الإصرار على القول بالإلهام أو النكت أو التحديث بأنه الوحي التشريعي ليس صحيحاً ، ويعتبر مجانبة لما هو الحق فإن الوحي في حقيقته يختلف اختلافاً كبيراً عن الإلهام والنكت في القلوب , ولقد عرفوا الوحي بأنه : «عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة ، والأّول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت . ويفرق بينه وبين الإلهام : بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب من غير شعور منها من أين أتى»(2).
قال الشيخ المفيد : «أصل الوحي هو : الكلام الخفي ، ثم قد يطلق على كل شيء قصد به إفهام المخاطب على السر له عن غيره ، والتخصيص له به دون من سواه ، وإذا اُضيف إلى الله تعالى كان [فيما يخص] به الرسل ـ صلى الله عليهم ـ خاصة دون من سواهم على عرف الإسلام وشريعة النبي» إلى أن قال : «وقد يُري الله سبحانه وتعالى في المنام خلقاً كثيراً ما يصح تأويله [ويثبت حقه] ، لكنه لا يُطلق بعد استقرار الشريعة عليه اسم الوحي ، ولا يقال في هذا الوقت لمن أطلعه الله على علم شيء أنه يوحى إليه . وعندنا أن الله تعالى يُسمِعُ الحججَ بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كلاماً يُلقيه إليهم [أي الأوصياء] في علم ما يكون ، لكنه لا يطلق عليه اسمُ الوحي , لما قدمناه من إجماع المسلمين على أنه لا وحي [إلى أحد] بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه لا يقال في شيء مما ذكرناه : إنه وحي إلى أحد»(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكليني ، الكافي : ج8 ص314، ح492، الناشر : دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
(2) محمد رشيد رضا ، الوحي المحمدي : ص82، الناشر: مؤسسة عز الدين.
(3) المفيد ، تصحيح اعتقادات الإمامية : ص120ـ 122، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.
الحمد لله رفيع الدرجات ذي العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ، رب العباد والبلاد ، وإليه المعاد ، سريع الحساب ، شديد العقاب , ذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ، باسط اليدين بالرحمة ، واهب الخير لا يخيب سائله ، ولا يندم آمله ، ولا يحصى نعمه , صادق الوعد وعده حق ، وهو أحكم الحاكمين ، وأسرع الحاسبين ، حكمه عدل وهو للمجد أهل ، يعطي الخير ويقضي بالحق ويهدي السبيل .
والصلاة والسلام على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
بيان الشبهة : «التشريع الإلهي استمر ولم ينقطع بوفاة الرسول ، بل استمر عند الشيعة إلى بداية القرن الرابع الهجري ، وذلك بوقوع الغيبة».
الجواب : إن انقطاع الوحي عند الشيعة من ضروريات المذهب , إلا إن البعض من المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم السلام يحاول أن يجعل من الإلهام والنكت والتحديث التي وردت في الروايات الشيعية تعبيراً آخر عن الوحي التشريعي ، كما إن هذا القول - أي استمرار الوحي التشريعي - لم يقل به أحد من علماء الشيعة ، بل لم نجد رواية واحدة في كتب الحديث الشيعية صرحت بأن الإمام يوحى إليه وحياً تشريعياً ؟
إن نفي هذا الافتراء في الحقيقة لا يحتاج إلى برهان من الشيعة , لأن نفيه من المسلّمات ومن أوضح الواضحات ، فكما أن أحداً لم يشكك في وفاة النبي ولم يدع أحد أن النبي مازال حياً ، كذلك لم يشكك أحد في انقطاع الوحي التشريعي بوفاة النبي ، لذا لا نجد من علمائنا من خصص بحثاً لتناول هذا الأمر ومناقشته , بل على العكس إن هناك روايات عديدة صرحت بانقطاع الوحي بوفاة النبي في كتب الشيعة الحديثية : فقد أخرج الشيخ الكليني في الكافي بسند معتبر عن أبي أيوب الخزاز قال : «أردنا أن نخرج ، فجئنا نسلّم على أبي عبد الله عليه السلام ، فقال : كأنّكم طلبتم مع بركة الاثنين ؟ فقلنا : نعم ، فقال : وأي يوم أعظم شؤماً من الاثنين ، يوم فقدنا فيه نبينا ، وارتفع الوحي عنا»(1).
وكذلك لا يوجد أحد من علمائنا المتأخرين قال بأن الوحي التشريعي لم ينقطع بعد وفاة النبي ؟!
إن الإصرار على القول بالإلهام أو النكت أو التحديث بأنه الوحي التشريعي ليس صحيحاً ، ويعتبر مجانبة لما هو الحق فإن الوحي في حقيقته يختلف اختلافاً كبيراً عن الإلهام والنكت في القلوب , ولقد عرفوا الوحي بأنه : «عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة ، والأّول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت . ويفرق بينه وبين الإلهام : بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب من غير شعور منها من أين أتى»(2).
قال الشيخ المفيد : «أصل الوحي هو : الكلام الخفي ، ثم قد يطلق على كل شيء قصد به إفهام المخاطب على السر له عن غيره ، والتخصيص له به دون من سواه ، وإذا اُضيف إلى الله تعالى كان [فيما يخص] به الرسل ـ صلى الله عليهم ـ خاصة دون من سواهم على عرف الإسلام وشريعة النبي» إلى أن قال : «وقد يُري الله سبحانه وتعالى في المنام خلقاً كثيراً ما يصح تأويله [ويثبت حقه] ، لكنه لا يُطلق بعد استقرار الشريعة عليه اسم الوحي ، ولا يقال في هذا الوقت لمن أطلعه الله على علم شيء أنه يوحى إليه . وعندنا أن الله تعالى يُسمِعُ الحججَ بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كلاماً يُلقيه إليهم [أي الأوصياء] في علم ما يكون ، لكنه لا يطلق عليه اسمُ الوحي , لما قدمناه من إجماع المسلمين على أنه لا وحي [إلى أحد] بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه لا يقال في شيء مما ذكرناه : إنه وحي إلى أحد»(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكليني ، الكافي : ج8 ص314، ح492، الناشر : دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
(2) محمد رشيد رضا ، الوحي المحمدي : ص82، الناشر: مؤسسة عز الدين.
(3) المفيد ، تصحيح اعتقادات الإمامية : ص120ـ 122، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.