بسم الله الرحمن الرحيم
أخلاق الإمام الباقر(عليه السلام):
كان قد قطن المدينة رجل من أهل الشام وهو يتردّد كثيراً على بيت الإمام(عليه السلام) ويقول له:
« ليس على وجه الأرض ابغض إليّ منك، ولا أشعر بعداوة مع أحد أشدّ من العداوة التي أشعر بها لك ولأهل بيتك ! واعتقد ان الطاعة لله وللنبي ولأمير المؤمنين لا تتمّ إلاّ بالعداء لك، وإذا كنت تراني أتردد على بيتك فذلك لأنك خطيب وأديب وذو بيان رائع! ».
ومع هذا كله كان الإمام (عليه السلام)يعطف عليه ويحدثه بلين ورفق. ومرت الأيام وابتلي الشامي بالمرض بحيث واجه الموت ويئس من الحياة فأوصى أن يصلي عليه أبو جعفر -الإمام الباقر (عليه السلام)- بعد موته .
وفي منتصف إحدى الليالي لاحظ أهل الرجل انه قد قضى نحبه ، فغدا وصيه إلى المسجد صباحاً ورأى الإمام الباقر(عليه السلام)قد فرغ من صلاته وجلس للتعقيب(1)، وكانت تلك عادته، فقال الوصي للإمام: إن ذلك الرجل الشامي قد أسرع للقاء ربه وأوصى ان تقيم الصلاة عليه أنت.
فقال الأمام(عليه السلام): انه لم يمت... لا تتسرعوا وانتظروني حتى أجي.
ثم نهض فجدّد وضوءه وصلى ركعتين ورفع يديه بالدعاء ثم سجد واستمر في سجوده حتى أشرقت الشمس، وعندئذ جاء إلى بيت الشامي وجلس عند رأسه وناداه فأجاب، ثم أجلسه الأمام (عليه السلام)وأسند ظهره إلى الحائط وطلب له شراباً فسقاه إياه وقال لأهله: ناولوه طعاماً بارداً، ثم عاد إدراجه.
ولم يمض وقت طويل حتى استعاد الشامي صحته فجاء إلى الإمام (عليه السلام) قائلاً: اشهد انك حجة الله على الناس... »(2).
يقول «محمد بن المنكدر » ـ وهو من صوفي ذلك العصر ـ خرجت من المدينة في يوم شديد الحرارة فرأيت أبا جعفر محمّد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) عائداً إلى مزرعته من زيارة تفقديّة ـ ويرافقه اثنان من غلمانه أو أصحابه ـ فقلت في نفسي: «رجل من كبار قريش وهو في طلب الدنيا في مثل هذا الوقت ! لابد لي ان أعظه ».
دنوت منه وسلمت عليه فردّ الإمام السلام علي بشدة والعرق يتصبّب من رأسه ووجهه. فقلت له: سلّمك الله أرجل من مثلك يسعى وراء الدنيا في هذا الوقت ! ما هو موقفك لو عاجلك الأجل وآنت على هذه الحال ؟ فأجابني: والله لو وافاني الأجل وأنا في هذه الحال لكنت في طاعة الله، لأنني بهذه الطريقة اغني نفسي عنك وعن سائر الناس، وأني لأخشى أن يغتالني الأجل وأنا متورّط في معصية.
قلت: رحمك الله ظننت أنني سوف أعظك لكنك أنت الذي وعظتني وأيقظتني(3).
(1) ـ التعقيب: هو مجموعة الأدعية والأذكار التي تقرأ بعد الصلاة مباشرة.
(2) ـ امالي الشيخ الطوسي ـ ص261 ـ الطبعة الحجرية، باختصار.
(3) ـ الإرشاد للشيخ المفيد ـ ص247 ـ طبعة الاخوندي.
أخلاق الإمام الباقر(عليه السلام):
كان قد قطن المدينة رجل من أهل الشام وهو يتردّد كثيراً على بيت الإمام(عليه السلام) ويقول له:
« ليس على وجه الأرض ابغض إليّ منك، ولا أشعر بعداوة مع أحد أشدّ من العداوة التي أشعر بها لك ولأهل بيتك ! واعتقد ان الطاعة لله وللنبي ولأمير المؤمنين لا تتمّ إلاّ بالعداء لك، وإذا كنت تراني أتردد على بيتك فذلك لأنك خطيب وأديب وذو بيان رائع! ».
ومع هذا كله كان الإمام (عليه السلام)يعطف عليه ويحدثه بلين ورفق. ومرت الأيام وابتلي الشامي بالمرض بحيث واجه الموت ويئس من الحياة فأوصى أن يصلي عليه أبو جعفر -الإمام الباقر (عليه السلام)- بعد موته .
وفي منتصف إحدى الليالي لاحظ أهل الرجل انه قد قضى نحبه ، فغدا وصيه إلى المسجد صباحاً ورأى الإمام الباقر(عليه السلام)قد فرغ من صلاته وجلس للتعقيب(1)، وكانت تلك عادته، فقال الوصي للإمام: إن ذلك الرجل الشامي قد أسرع للقاء ربه وأوصى ان تقيم الصلاة عليه أنت.
فقال الأمام(عليه السلام): انه لم يمت... لا تتسرعوا وانتظروني حتى أجي.
ثم نهض فجدّد وضوءه وصلى ركعتين ورفع يديه بالدعاء ثم سجد واستمر في سجوده حتى أشرقت الشمس، وعندئذ جاء إلى بيت الشامي وجلس عند رأسه وناداه فأجاب، ثم أجلسه الأمام (عليه السلام)وأسند ظهره إلى الحائط وطلب له شراباً فسقاه إياه وقال لأهله: ناولوه طعاماً بارداً، ثم عاد إدراجه.
ولم يمض وقت طويل حتى استعاد الشامي صحته فجاء إلى الإمام (عليه السلام) قائلاً: اشهد انك حجة الله على الناس... »(2).
يقول «محمد بن المنكدر » ـ وهو من صوفي ذلك العصر ـ خرجت من المدينة في يوم شديد الحرارة فرأيت أبا جعفر محمّد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) عائداً إلى مزرعته من زيارة تفقديّة ـ ويرافقه اثنان من غلمانه أو أصحابه ـ فقلت في نفسي: «رجل من كبار قريش وهو في طلب الدنيا في مثل هذا الوقت ! لابد لي ان أعظه ».
دنوت منه وسلمت عليه فردّ الإمام السلام علي بشدة والعرق يتصبّب من رأسه ووجهه. فقلت له: سلّمك الله أرجل من مثلك يسعى وراء الدنيا في هذا الوقت ! ما هو موقفك لو عاجلك الأجل وآنت على هذه الحال ؟ فأجابني: والله لو وافاني الأجل وأنا في هذه الحال لكنت في طاعة الله، لأنني بهذه الطريقة اغني نفسي عنك وعن سائر الناس، وأني لأخشى أن يغتالني الأجل وأنا متورّط في معصية.
قلت: رحمك الله ظننت أنني سوف أعظك لكنك أنت الذي وعظتني وأيقظتني(3).
(1) ـ التعقيب: هو مجموعة الأدعية والأذكار التي تقرأ بعد الصلاة مباشرة.
(2) ـ امالي الشيخ الطوسي ـ ص261 ـ الطبعة الحجرية، باختصار.
(3) ـ الإرشاد للشيخ المفيد ـ ص247 ـ طبعة الاخوندي.