مـامـا .. بإطالة تطبيق الشفتين قليلاً على بعضهما أثناء النطق ، ومصحوبة بزفير خفيف إلى أعلى من داخل جوف القلب ، ينتج عنها تنفيس للضغط الداخلي ، وموسيقى جسدية تتبعها دغدغة في أعلى لاهة الفم يهتز قليلاً معها الرأس ونغنغة بالأنف ،ُترسل بواسطة الأعصاب إلى الدماغ فتُترجم ، فتنتج عن العملية إشارات تخبر و تعلن جميع أجهزة الجسم بوجود الراحة والطمأنينة والأمان فتهدأ نفس الإنسان .
إنها الكلمة الوحيدة والفريدة التي ينطق بها ويستخدمها كل سكان المعمورة منذ خلق آدم عليه السلام ، فهي مرتبطة ومتعلقة بالإنسان و لاتحتاج إلى ترجمة ، فعندما تصرخ بقوة ( ماما ) داخل أي سوق مكتظ وفي أي مكان بالعالم ، سيعرفون في الحال إنك تنادي أمك.
لقد أسهب كتاب العالم في الكتابة لإشباع موضوع الأم وملئه بعدة مواضيع ،وأطنب الخطباء والشعراء لإعطاء الأم حقها من الخطب والشعر الرفيع ،لكنها البحر المتلاطم اللامنتهي بالحنان وبدون شواطئ ،فمهما تكلمنا وصرخنا من هنا حتى هناك ،لن نعطي الأم حقها ، ولن نرد إليها جميلها .
تطبع الناس على ربط كلمة الأم بحروف الرحمة والشفقة والكلمة الدافئة ،وكثيراً ما تعلقت بعض الحكم والأسماء العظيمة والتعبيرات بكلمة الأم ،فرسول الله صلى الله عليه وآله قال: " فاطمة أم أبيها " ،وقال المسيحيون : مريم أم العالم ،وقال الغرب الأنجلوساكسون المهاجرون،If you want to thank Mother “ thanks Mary” ،إذا أردت شكر أمك فأشكر مريم العذراء ،وسمعنا عن (ماما تريزا) ،وكان سكان اليمن القدامى ،يسمون الملكة بلقيس ( بأم اليمن ) ،والعرب الفلاحون يسمون النخلة ( الأم )،والقانون الصيني القديم يقول:" أقتل أم ) من سرق أرضك) "
ومعروف قديماً إن البنت تأخذ من أمها الكثير من الخصال ،الطيبة الحميدة ،والسيئة البغيضة ،الوراثية أو الأخلاقية على حد سواء ،فإنهم ينظرون إلى الأم قبل خطوبة البنت ،في سجاياها وطباعها ،وحتى القرآن أستدل على ذلك في سورة مريم ،عندما أستنكر الناس على مريم حملها فقالوا : بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (28) سورة مريم ، وفي موضع آخر لم يجد القرآن مثلاً يدل على قوة وشدة التلاحم الروحي بين إنسانين كما وجده بين الأم ورضيعها ،وكيف تتخلص منه يوم الساعة ، فقال سبحانه ،بسم الله الرحمن الرحيم : {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } (2) سورة الحـج
لماذا تحمل الأم طفلها على يدها اليسرى ؟
يبكي الطفل الصغير فتسرع إليه الأم وتحمله وما أن تضمه إلى صدرها حتى يسكت عن البكاء !
وإذا كان الطفل يسكت دائماً عندما تحمله أمه ، فإن الملاحظة الدائمة أن الأم تحمل طفلها على يدها اليسرى ،
ترى ما السر في ذلك ؟
أن الأم عندما تحمل الطفل بهذه الطريقة تضع جسمه بالقرب من قلبها ، ترى هل هو في حاجة إلى ذلك ؟
إن كل الدلائل تشير إلى وجود هذا الاحتمال ، وذلك لأن صوت قلب الأم هو أول صوت سمعه الطفل قبل أن يولد ، فطوال فترة الحمل والطفل داخل الرحم يكون
دائماً بالقرب من نبضات قلب الأم ، فالسائل " الامينوسي " الذي يحيط به وهو داخل الرحم يحمل إليه بانتظام هذه الدقات ،
هنا يجب أن نقف قليلاً أمام هذه الظروف التي يعيش قيها الجنين وهو يسمع بانتظام دقات قلب الأم :
انه يحصل على الغذاء المهضوم ، لا يشعر بالجوع ولا بالعطش ،
ولا يعاني من اختلاف درجات الحرارة . فالطقس حوله ثابت ،لا برد ولا حر.
وبعد حدوث الولادة وخروج المولود إلى الحياة الخارجية هنا قد يشعر بالبرد أو الحر ، وهنا قد يعطش وقد يجوع ، ومع الولادة ينقطع عن سمعه هذا الصوت المنتظم الذي كان يصاحب فترة الراحة ،
وعلى هذا فإن ارتباط سماع الصوت القادم من قلب الأم مع الإحساس بالراحة يجعل الطفل في اشتياق دائم لسماع هذا الصوت الذي يذكره بفترة راحة ممتعة قضاها في بطن أمه . لذا ،عندما تحمل الأم طفلها وتقربه من قلبها فإنها تذكره بالماضي الجميل ،وتعطيه الإحساس بالراحة والدفء والاطمئنان .
عند العرب كلمة الأم تعني ( الفؤاد) ،وعند الأسيويون ( الدفء ) ،وعند الهيروغليفيون ( السعادة ) ،وعند الفراعنة ( الدم ) ،وعند قبائل الأفارقة ( النوم ) ،وعند الصينيون ( الحنان ) ،وعند الهنود الحمر ( الحياة ) ،وعند أمير الشعراء أحمد شوقي ( مدرسة الإنسانية ).
مهما قلنا ومهما هذرنا ليل نهار ، ومهما صفحنا وتصفحنا الكتب ، ومهما أسبغنا في العطاء والغناء لإمهاتنا ، لن نجود بقليل مما أعطوه لنا ، ولعل شواذ من الأمهات لم ينطبق عليهن كلامي، ومسكين أبونا آدم، ومسكينة أمنا حواء ، حيث حرما من الأمومة التي لا تعوض ولن تعوض بثمن ، وأختم كلامي بالشعر المشهور عن تضحية الأم التي تمثل بها الشاعر :
أغرى امرؤٌ يوماً غُلاماً جاهلاً
بنقوده حتى ينال به الوطرْ
قال : ائتني بفؤادِ أمك يا فتى
ولك الدراهمُ والجواهر الدررْ
فمضى وأغرز خنجراً في صدرها
والقلبُ أخرجهُ وعاد على الأثرْ
لكنه من فرطِ سُرعته هوى
فتدحرج القلبُ المُعَفَّرُ إذا عثرْ
ناداه قلبُ الأمِ وهو مُعفَّرٌ :
ولدي ،حبيبي ،هل أصابك من ضررْ ؟
غَضَبُ السماء على الوليد قد انهمرْ
فكأن هذا الصوتَ رُغْمَ حُنُوِّهِ
أحدٌ سواهُ مُنْذُ تاريخِ البشرْ
ورأى فظيع جنايةٍ لم يأتها
فاضتْ به عيناهُ من سيلِ العِبرْ
تغفرْ ،فإن جريمتي لا تُغتفرْ
وارتد نحو القلبِ يغسلهُ دمه
مثلما يوضاس من قبلي انتحرْ
ويقول : يا قلبُ انتقم مني ولا
طعناً سيبقى عبرةً لمن اعتبرْ
وإذا رحمتَ فأنني أقضي انتحاراً
واستلَّ خنجرهُ ليطعنَ صدرهُ
ناداه قلبُ الأمِّ : كُفَّ يداً ولا
تذبحْ فؤادي مرتين على الأثرْ
منقول
للكاتب فوزي صادق
</I></B></I>
إنها الكلمة الوحيدة والفريدة التي ينطق بها ويستخدمها كل سكان المعمورة منذ خلق آدم عليه السلام ، فهي مرتبطة ومتعلقة بالإنسان و لاتحتاج إلى ترجمة ، فعندما تصرخ بقوة ( ماما ) داخل أي سوق مكتظ وفي أي مكان بالعالم ، سيعرفون في الحال إنك تنادي أمك.
لقد أسهب كتاب العالم في الكتابة لإشباع موضوع الأم وملئه بعدة مواضيع ،وأطنب الخطباء والشعراء لإعطاء الأم حقها من الخطب والشعر الرفيع ،لكنها البحر المتلاطم اللامنتهي بالحنان وبدون شواطئ ،فمهما تكلمنا وصرخنا من هنا حتى هناك ،لن نعطي الأم حقها ، ولن نرد إليها جميلها .
تطبع الناس على ربط كلمة الأم بحروف الرحمة والشفقة والكلمة الدافئة ،وكثيراً ما تعلقت بعض الحكم والأسماء العظيمة والتعبيرات بكلمة الأم ،فرسول الله صلى الله عليه وآله قال: " فاطمة أم أبيها " ،وقال المسيحيون : مريم أم العالم ،وقال الغرب الأنجلوساكسون المهاجرون،If you want to thank Mother “ thanks Mary” ،إذا أردت شكر أمك فأشكر مريم العذراء ،وسمعنا عن (ماما تريزا) ،وكان سكان اليمن القدامى ،يسمون الملكة بلقيس ( بأم اليمن ) ،والعرب الفلاحون يسمون النخلة ( الأم )،والقانون الصيني القديم يقول:" أقتل أم ) من سرق أرضك) "
ومعروف قديماً إن البنت تأخذ من أمها الكثير من الخصال ،الطيبة الحميدة ،والسيئة البغيضة ،الوراثية أو الأخلاقية على حد سواء ،فإنهم ينظرون إلى الأم قبل خطوبة البنت ،في سجاياها وطباعها ،وحتى القرآن أستدل على ذلك في سورة مريم ،عندما أستنكر الناس على مريم حملها فقالوا : بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (28) سورة مريم ، وفي موضع آخر لم يجد القرآن مثلاً يدل على قوة وشدة التلاحم الروحي بين إنسانين كما وجده بين الأم ورضيعها ،وكيف تتخلص منه يوم الساعة ، فقال سبحانه ،بسم الله الرحمن الرحيم : {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } (2) سورة الحـج
لماذا تحمل الأم طفلها على يدها اليسرى ؟
يبكي الطفل الصغير فتسرع إليه الأم وتحمله وما أن تضمه إلى صدرها حتى يسكت عن البكاء !
وإذا كان الطفل يسكت دائماً عندما تحمله أمه ، فإن الملاحظة الدائمة أن الأم تحمل طفلها على يدها اليسرى ،
ترى ما السر في ذلك ؟
أن الأم عندما تحمل الطفل بهذه الطريقة تضع جسمه بالقرب من قلبها ، ترى هل هو في حاجة إلى ذلك ؟
إن كل الدلائل تشير إلى وجود هذا الاحتمال ، وذلك لأن صوت قلب الأم هو أول صوت سمعه الطفل قبل أن يولد ، فطوال فترة الحمل والطفل داخل الرحم يكون
دائماً بالقرب من نبضات قلب الأم ، فالسائل " الامينوسي " الذي يحيط به وهو داخل الرحم يحمل إليه بانتظام هذه الدقات ،
هنا يجب أن نقف قليلاً أمام هذه الظروف التي يعيش قيها الجنين وهو يسمع بانتظام دقات قلب الأم :
انه يحصل على الغذاء المهضوم ، لا يشعر بالجوع ولا بالعطش ،
ولا يعاني من اختلاف درجات الحرارة . فالطقس حوله ثابت ،لا برد ولا حر.
وبعد حدوث الولادة وخروج المولود إلى الحياة الخارجية هنا قد يشعر بالبرد أو الحر ، وهنا قد يعطش وقد يجوع ، ومع الولادة ينقطع عن سمعه هذا الصوت المنتظم الذي كان يصاحب فترة الراحة ،
وعلى هذا فإن ارتباط سماع الصوت القادم من قلب الأم مع الإحساس بالراحة يجعل الطفل في اشتياق دائم لسماع هذا الصوت الذي يذكره بفترة راحة ممتعة قضاها في بطن أمه . لذا ،عندما تحمل الأم طفلها وتقربه من قلبها فإنها تذكره بالماضي الجميل ،وتعطيه الإحساس بالراحة والدفء والاطمئنان .
عند العرب كلمة الأم تعني ( الفؤاد) ،وعند الأسيويون ( الدفء ) ،وعند الهيروغليفيون ( السعادة ) ،وعند الفراعنة ( الدم ) ،وعند قبائل الأفارقة ( النوم ) ،وعند الصينيون ( الحنان ) ،وعند الهنود الحمر ( الحياة ) ،وعند أمير الشعراء أحمد شوقي ( مدرسة الإنسانية ).
مهما قلنا ومهما هذرنا ليل نهار ، ومهما صفحنا وتصفحنا الكتب ، ومهما أسبغنا في العطاء والغناء لإمهاتنا ، لن نجود بقليل مما أعطوه لنا ، ولعل شواذ من الأمهات لم ينطبق عليهن كلامي، ومسكين أبونا آدم، ومسكينة أمنا حواء ، حيث حرما من الأمومة التي لا تعوض ولن تعوض بثمن ، وأختم كلامي بالشعر المشهور عن تضحية الأم التي تمثل بها الشاعر :
أغرى امرؤٌ يوماً غُلاماً جاهلاً
بنقوده حتى ينال به الوطرْ
قال : ائتني بفؤادِ أمك يا فتى
ولك الدراهمُ والجواهر الدررْ
فمضى وأغرز خنجراً في صدرها
والقلبُ أخرجهُ وعاد على الأثرْ
لكنه من فرطِ سُرعته هوى
فتدحرج القلبُ المُعَفَّرُ إذا عثرْ
ناداه قلبُ الأمِ وهو مُعفَّرٌ :
ولدي ،حبيبي ،هل أصابك من ضررْ ؟
غَضَبُ السماء على الوليد قد انهمرْ
فكأن هذا الصوتَ رُغْمَ حُنُوِّهِ
أحدٌ سواهُ مُنْذُ تاريخِ البشرْ
ورأى فظيع جنايةٍ لم يأتها
فاضتْ به عيناهُ من سيلِ العِبرْ
تغفرْ ،فإن جريمتي لا تُغتفرْ
وارتد نحو القلبِ يغسلهُ دمه
مثلما يوضاس من قبلي انتحرْ
ويقول : يا قلبُ انتقم مني ولا
طعناً سيبقى عبرةً لمن اعتبرْ
وإذا رحمتَ فأنني أقضي انتحاراً
واستلَّ خنجرهُ ليطعنَ صدرهُ
ناداه قلبُ الأمِّ : كُفَّ يداً ولا
تذبحْ فؤادي مرتين على الأثرْ
منقول
للكاتب فوزي صادق
</I></B></I>