ومن خلال هذا السلوك والقول الذي يطبع شخصية الانسان، ستترسخ لدى الآخرين، مع مرور الوقت، آراء محددة تتعلق بشخصيته، وتأتي كمحصلة قابلة للتغيير لحركته ونتاجه العملي والفكري في محيطه الذي يمارس فيه مختلف نشاطاته السلوكية او الفكرية.
(فالإنسان ـ غالبا ـ يعيش بحسن السمعة فإذا فقد إمام الجماعة سمعته أو مرجع التقليد أو الخطيب أو المعلم أو التاجر أو الموظف أو… انفض الناس من حولهم فلايحضرون صلاته ولايقلدونه ولايجتمعون حول منبره ولا يفوّضون تعليم أولادهم إليه ولايتعاملون معه بل يعزلونه عن وظيفته وهكذا).
من هنا نستدل على ان سمعة الانسان او الجماعة، سياسية كانت او اجتماعية او دينية او غيرها، هي التي تولد نوع الانطباع لدى الآخرين عنها، فكلما كانت الجماعة او الانسان حريصا على سمعته بأفعاله وسلوكه، كلما كان الانطباع عن الجماعة وعنه جيدا ومشجعا للتقرب منه والتعامل معه والعكس يصح طبعا.
ولذلك تأكدت وتضاعفت أهمية حسن السمعة، فالانسان بطبيعته كما يعرف الجميع اجتماعي النزعة، ويميل الى التخالط مع الآخرين، مما سيولد حالات الاحتكاك التي لا مناص منها معهم، وغالبا ما يقود الاحتكاك الى نشاطات ومماحكات وتناقضات، تضع الانسان تحت مجهر الاختبار الاخلاقي والعرفي والديني وما شابه ذلك، فاذا نجح في هذه الاختبارات من خلال الالتزام بما سبق وفق الضوابط المتعارف عليها، سينجح في عملية الاختلاط مع الآخرين، وسيقترن نشاطه بسمعة جيدة، تشكل عنوانا عريضا وواضحا لشخصيته، تشبه المصباح الذي يضيء امامه، فيكتسب بذلك ثقة الناس في التعامل معه.
وهذا التحليل الذي يتعلق بالفرد كانسان اجتماعي ينطبق على الجماعات ايضا، أيا كان مسارها او مجالات نشاطها، حيث ستشكل نتائج مختبر الاحتكاك بالجماعات الاخرى، وتقابُل المصالح وطبيعة التعامل دينيا واخلاقيا واجتماعيا معها، سمعة حسنة لها او العكس.
(فالتجمع حاله حال الأفراد سواءً كان هيئة أو منظمة أو جمعية أو جماعة أو حزبا أو حكومة، فإذا فقدت الحكومة سمعتها مثلا ستسقط، وإذا كانت حكومة ديمقراطية سيبدلها الناس بحكومة أخرى.
أما إذا كانت غير ديمقراطية فإنها ستسقط بثورة الشعب أو شبه ذلك كما رأينا ما حصل للحكومات الدكتاتورية على طول التاريخ).
لذلك يفترض بالجماعات الرسمية وغيرها وبالانسان كفرد اجتماعي نازع الى النشاط والتواصل، الحرص على السمعة لأنها السبيل الأقصر والأفضل الى كسب ثقة الآخرين جماعات وأفراد وبالتالي نجاحه في حياته وفي تأدية دوره الانساني طالما كان على قيد الحياة.
وقد نلحظ من بين الافراد او الجماعات من ينتهج اسلوبا متناقضا بين القول والفعل او بين الفكر والمبادئ وبين تطبيقها، فتسمع منه وتقرأ عنه الجميل المستساغ انسانيا، لكنك ربما تتفاجأ بالجانب العملي الذي يصدر عنه وسيصدمك التناقض بين اقواله ومبادئه وبين افعاله التي تظهر على ارض الواقع.
هنا سيفتقد هذا النوع من الافراد او الجماعات لحسن السمعة وبالتالي سيفقد ثقة الناس التي ستقوده الى الفشل في حياته واجنداته قطعا، لذا يُستحسن لمن يخوض في المحيط الانساني بأنشطته المتنوعة ان يتنبَّه الى اهمية وخطورة حسن السمعة التي يتوقف عليها النجاح في كل شيء قائم على الصدق والاخلاص وأصالة الضمير الانساني.