نحن نعاني في هذا الزمن من قلة الإهتمام بذواتنا بل لا نعرف ذاتنا .. ولا نعطيها حقها.. وللأسف نهتم بالطرف الآخر الذي يسعى في الأخذ منا أكثر وأكثر إلى أن لا يبقى شيء منا ..
ونحن نزيد الطين بلة حينما نساعده في ذلك وحينما نهمل ذواتنا ونحرص على الطرف الآخر وننشغل فيه ونسهر عليه وعلى راحته وسعادته ..
ونهمل أنفسنا وبل لا نعطي ذواتنا أهمية وسعادة وخاصة حينما لا نعلم كيف نهتم بذواتنا .. فبعد أن ينتهي الأمر نكتشف أن فلان الذي سهرنا عليه وأسعدناه لم يتغير ولم يقدر ما كنا نفعله لأجله وبل لا يعطينا شيئاً مما لديه.. ولو يرجع لنا شيئاً من السعاده والعطف والشفقة ..
فأحب أن نتكلم في هذا الموضوع وألخصه في نقاط :
1- نتكلم عن الذات وما هي
2- أقسام الذات
3- كيف يكون بناء الذات
4- مثال في بناء الذات في الحياة الزوجيه ( إعرف ذاتك ينجح زواجك)...
الذات
الذات هي أنت كلك .. والذات هي بضاعة طلب الله منك أن يشتريها ..
وكل من كانت عنده بضاعة فمن الطبيعي أن ينظفها من الشوائب ويجردها ويعرف عوراتها ونقصها ويعرف كيف يزكيها ويطورها ...
حتى يقبلها الله منك نعم القبول .. فكل واحد يحب أن يحسن من بضاعته ..
قال الله: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة سورة التوبه آيه111
كل من تراه في هذه الدنيا ربما يتخلى عنك ويصبح ضدك .. لأنه حريص على ذاته ويطمع فيما عند الناس ...
ولهذا إن المقصد من هذه الدنيا هو أن تنجح وتنجو بذاتك ( نفسك) .. نعم الهتم بذاتك أولاً وبعدها ترى الناس وتحاول أن تنجيهم ..
فمن الحماقه أن تهمل ذاتك وتعرضها للنار على حساب ذوات آخرين ونجاة آخرين ..
وغالبا ما يستخدم الإنسان ذوات غيره حتى يسحبهم يوم القيامه ليضيفها إلى ذاته ولا يعنيه ما يحدث لهم ..
يقول الله عزوجل : وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد .سورة الحج ( آيه رقم 2 )
ولهذا ترى المرأة تضع حملها وتقول لا أريد هذا الطفل .. لإنشغال الناس بذواتهم .. ولهذا إن العاقل ينشغل بذاته من الآن ..
أما المغفل يهملها وينشغل بالناس ويهمل نفسه..
قال الله تعالى: قد أفلح من زكاها. سورة الشمس ( آيه رقم 9)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له .
فمن جمع شمله وعرف نفسه وزكاها وجعل الآخرة همه أتته الدنيا راغبة .. ولهذا قيل : ما هلك من عرف قدره ...
ولهذا يجب على العبد أن ينشغل بذاته وحرص عليها ...
أقسام الذات
بعد أن تعرف ذاتك وتهتم بها عليك أن تهتم في الأقسام الأخرى المتعلقه بالذات والمتجذره منها .. فمن الطبيعي أن يكون هناك أمور تتعلق بالذات وترتبط بها وهي جزء من الذات .. كعلاقة الأب والأم .. وتسمى الذات الأسرية
فكل منا لا يقبل على أسرته ويعتبرها جزء ممتد إلى ذاته ..
ومن ثم الدائره تكبر وهي الذات الإجتماعية كالقبيلة والجنسية والإصدقاء..
ومن ثم الذات الزواجية .. حينما يتزوج فإنه يضيف زوجته إلى ذاته وتصبر جزءاً منه ولا يرضى عليها السوء لأنه جزء منه ...
وهناك ذات وطنية تحب إخوانك في الوطن الواحد ، وهناك ذات إسلامية ( إخوانك المسلمين في بقاع الأرض )....
بناء الذات
الكثير منا يعاني من ذات مضطربة .. والذات المضطربة هي ذات أفنت نفسها وأتعبت بعضها البعض فأهلكت نفسها بنفسها ولم تضبط نفسها ..
وهي أنواع فمنها الذات الإنتحاريه وهي : ذات رخيصه وتافهة لا يبالي إذا غامر بنفسه كأن يسرع في قيادة السيارة ولا يبالي ما سيحدث له إلى أن يهلك نفسه .. أو يمارس أمور لا يمانع أن تفنى ذاته .....
وهناك ذات أفضل منها قليلاً وهي : المدمن الذي فقد السيطرة على حياته ولا أعني بها المدمن وإنما كل من إنشغل في امور تافهه كالمقاهي والتلفاز والنوم والأكل والجلسات .. يعني شخص لا يقدر أن يسيطر على حياته ( إدمان الأشياء التي لا تنفعك )
أما الذات المنضبطة فهي التي زكت نفسها وواجهة نفسها ورتبت نفسها وخلت الى نفسها وأضبط قلبه وإنفعاله فيجمع الله شمله وأتته الدنيا وهي راغبه ويحسن كيف يتعامل مع الدنيا وما فيها من مشاكل وإبتلاءات ومحن ومكائد الناس وشرهم ..
والأعلى من المنضبط هو : الذي كان مثل المنضبط لكنه إمتاز بعد الإهتمام بنفسه في الإنشغال في الآخرين وإصلاحهم .. كالشمس المشعة