إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عندما يتبرع مصاصو الدماء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عندما يتبرع مصاصو الدماء

    مسكين هذا الإنسان, تارة يصيب, وتارة يخطئ في تقديراته ورؤاه, وتارة يتعمد المغالطة والتلبيس. لذا تزداد حاجة الإنسان إلى بصيرة إلهية وتوفيق ليتعرف على حقيقة نيته وصفاء سريرته. ومن هنا تعظم حاجتنا إلى بعض العلامات التي تعين الإنسان في استكشاف حقيقة نواياه وسجيته, إذ أن الشيطان الرجيم بالمرصاد لجميع ولد آدم – ما عدا المخلصين-؛ فزيّن لهم سوء عملهم فرأوه حسناً. ويزداد الأمر سوءاً عندما يرى الآخرون أيضاً ذلك العمل السيء مفخرة وجميلاً.
    القرآن الكريم عالج هذه المشكلة في العديد من الآيات الكريمة, ففي الوقت الذي يتمجّد البشر بمفاخر الفراعنة وحضارتهم, يراها القرآن الكريم من منظار آخر. يرى أن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً. يرى الحضارة الفرعونية مبنية على تذبيح الأطفال واستحياء النساء واستعباد الرجال.
    ما قيمة الأهرام من ناحية إنسانية إذا كان الثمن في ذلك البناء ذهاب الملايين من البشر تحت سياط التعذيب والتنكيل لبناء مجد فرعون!!
    ما قيمة الحضارة التي تنتهك أبسط حقوق البشر!! ما قيمة فرعون الذي يسرق أموال بني إسرائيل ليبني بها حضارة تنسب إليه هو؟؟!! إن شموخ الأهرامات يجب أن نقرأه شاهداً خالداً على صرخات البشر وآلامهم تحت سياط التعذيب والتنكيل من أجل تحقيق رغبات فردية ملعونة.
    القرآن الكريم عندما يشير إلى هذه القيم والمبادئ والرؤى هو في الواقع يوّجهنا جميعاً إلى الطريق الصحيح في بناء الحضارة والمفاخر. إذ كل إنسان يمكن أن يكون فرعون – ولكن بحجمه هو- . البعض يصبح فرعون بيته, والبعض فرعون مؤسسته, والبعض فرعون مدينته, وهكذا.
    ملايين الناس تصدقوا بالكثير من الأموال, ولكن القرآن الكريم اختار أن يخلّد تصدقاً بخاتم! لماذا يا ترى؟! إن الله تعالى لا ينظر إلى مقدار الصدقة, بل ينظر إلى مصدر الصدقة, وإلى القلب الذي يقدّم تلك الصدقة, وإلى الهدف والغاية.
    كيف نرى ما يقوم به بعض أصحاب الأعمال من تقليل أجور العاملين, وتوقيع عقود صورية, وتضييع حقوق العاملين من تأمين وغيره, وتخيير الفقير المسكين بين قبول العمل بهذه الشروط المجحفة أو البقاء بلا عمل؟!
    عندما تأخذ وقت العامل وجهده وعرقه طوال اليوم لتقدّم له فتات الخبز في نهاية الشهر, فما هي صورتك الواقعية؟
    الحقيقة أنك تسحق كرامة العمّال تحت قدميك, وتمتص دم ذلك العامل الفقير مستغلاً حاجته وضعفه, وتدفع أيضاً بنسائه إلى الاضطرار للخروج والعمل من أجل لقمة العيش.
    وبعد كل ذلك, وبعد أن تتغذى على تلك الدماء وتصاب بالتخمة والترف, تأتي لتتصدق على المجتمع فيكتب اسمك في سجل المحسنين وأهل البر؟!!
    ألم يكن العمّال في مؤسستك أولى بهذا البر والإحسان؟! ألم يكن رفع أجورهم وتقديم الهدايا للعمّال أجدر وأولى؟! ألا يندرج إكرام العمّال وتشجيعهم تحت عناوين البر الاجتماعي لديك؟!
    قال الله تعالى (قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة : 100].
    والأموال المخلوطة بظلم الفقراء والمساكين وإجحافهم, وسحق كرامتهم, هي أموال خبيثة, ولذلك لم يبارك الله تعالى فيها, ولا في التصدق بها مهما كثرت وعظمت في أعيننا.
    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X