الفرق بين العترة والامة مجلس الامام الرضا مع المأمون بحظور العلماء
حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عنأبيه عن الريان بن الصلت
قال حضر الرضا ( عليه السلام) مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقال المأمون أخبروني عن معنى هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقالت العلماء أراد الله عز و جل بذلك الأمة كلها فقال المأمون ما تقول يا أبا الحسن فقال الرضا ( عليه السلام) لا أقول كما قالوا و لكني أقول أرادالله عز و جل بذلك العترة الطاهرة فقال المأمون و كيف عنى العترة من دون الأمة فقال له الرضا ( عليه السلام) إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز و جل فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌبِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز و جل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم فقال المأمون من العترة الطاهرة فقال الرضا ( عليه السلام) الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هم الذين قال رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفون فيهما أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم قالت العلماء أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا ( عليه السلام) هم الآل فقالت العلماء فهذا رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) يؤثر عنه أنه قال أمتي آلي و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته فقال أبو الحسن ( عليه السلام) أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل فقالوا نعم قال فتحرم على الأمة قالوا لا قال هذا فرق بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون أ ما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم قالوا و من أين ياأبا الحسن فقال من قول الله عز و جل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فصارت وراثة النبوة و الكتاب للمهتدين دون الفاسقين أما علمتم أن نوحا حين سأل ربه عز و جل فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ و ذلك أن الله عز و جل وعده أن ينجيه و أهله فقال ربه عز و جل يا نُوحُ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ .
فقال المأمون هل فضل الله العترة على سائر الناس فقال أبو الحسن إن الله عز و جل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون و أين ذلك من كتاب الله فقال له الرضا ( عليه السلام) في قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال عز و جل في موضع آخر أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ثم رد المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يعني الذي قرنهم بالكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما فقوله عز و جل
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ماآتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا هو الطاعة لهم فقالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله عز و جل الاصطفاء في الكتاب فقال الرضا ( عليه السلام) فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله عز و جل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و رهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى الله عز و جل بذلك الآل فذكره لرسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فهذه واحدة و الآية الثانية في الاصطفاء قوله عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لأنه فضل بعد طهارة تنتظر فهذه الثانية و أما الثالثة فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز و جل يا محمد فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَناوَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فبرز النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) عليا و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات الله عليهم وقرن أنفسهم
بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله وَأَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ قالت العلماء عنى به نفسه فقال أبو الحسن ( عليه السلام) لقد غلطتم إنما عنى بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام) و مما يدل على ذلك قول النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) حين قال لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب ( عليه السلام) و عنى بالأبناء الحسن و الحسين ( عليه السلام) و عنى بالنساء فاطمة ( عليه السلام) فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد و فضل لايلحقهم فيه بشر و شرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي ( عليه السلام) كنفسه فهذه الثالثة وأما الرابعة فإخراجه ( صل الله عليه واله وسلم ) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك و تكلم العباس فقال يا رسول الله تركت عليا و أخرجتنا فقال رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) ما أنا تركته وأخرجتكم و لكن الله عز و جل تركه و أخرجكم و في هذا تبيان قوله ( صل الله عليه واله وسلم ) لعلي ( عليه السلام) أنت مني بمنزلة هارون من موسى قالت العلماء و أين هذا من القرآن قال أبو الحسن أوجدكم فيذلك قرآنا و أقرأه عليكم قالوا هات قال قول الله عز و جل وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و فيها أيضا منزلة علي ( عليه السلام) من رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و مع هذا دليل واضح في قول رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) حين قال ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد ( صل الله عليه واله وسلم ) و آله قالت العلماء يا أبا الحسن هذا الشرح و هذا البيان لا يوجد
إلا عندكم معاشر أهل بيت رسول الله ص فقال و من ينكر لنا ذلك و رسول الله يقول أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ففيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة والاصطفاء و الطهارة ما لا ينكره إلا معاند و الله عز و جل و الحمد على ذلك فهذه الرابعة و الآية الخامسة قول الله عز و جل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها و اصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) قال ادعوا إلي فاطمة فدعيت له فقال يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال هذه فدك مما هي لم يوجف عليه بالخيل و لا ركاب و هي لي خاصة دون المسلمين و قدجعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك و لولدك فهذه الخامسة و الآيةالسادسة قول الله عز و جل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و هذه خصوصية للنبي ( صل الله عليه واله وسلم ) إلى يوم القيامة و خصوصية للآل دون غيرهم و ذلك أن الله عز و جل حكى في ذكر نوح في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَابِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ .
و حكى عز و جل عن هود أنه قال يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال عز و جل لنبيه محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يفرض الله تعالى مودتهم إلا و قد علم أنهم لايرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا و أخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله عز و جل أن لا يكون في قلب رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) على المؤمنين شيء ففرض عليهم الله مودة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحب رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و أحب أهل بيته لم يستطع رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يبغضه و من تركها ولم يأخذ بها و أبغض أهل بيته فعلى رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عز و جل فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله عز و جل هذه الآية على نبيه ( صل الله عليه واله وسلم ) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) في أصحابه فحمد الله و أثنى عليه و قال يا أيها الناس إن الله عز و جل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه فلم يجبه أحد فقال ياأيها الناس إنه ليس من فضة و لا ذهب و لا مأكول و لا مشروب فقالوا هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا أما هذه فنعم فما وفى بها أكثرهم و ما بعث الله عز و جل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله عز و جل يوفيه أجر الأنبياء و محمد ص فرض الله عز و جل طاعته و مودة قرابته على أمته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوهفي قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز و جل لهم في المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل ذلك لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قد أخذ الله ميثاقهم على الوفاء و عاند أهل الشقاق و النفاق و ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي
حده الله عز و جل فقالوا القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمناأ ن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) أولاهم بالمودة و كلما قربت القرابة كانتا لمودة على قدرها و ما أنصفوا نبي الله ( صل الله عليه واله وسلم ) في حيطته و رأفته و ما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤدوه في ذريته و أهل بيته و أن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله فيهم و حبا لهم فكيف و القرآن ينطق بهو يدعو إليه و الأخبار ثابتة بأنهم أهل المودة و الذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها فما وفى أحد بها فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله عز و جل في هذه الآية وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّاالْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسرا و مبينا ثم قال أبو الحسن ( عليه السلام) حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي ( عليه السلام) قال اجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فقالوا إن لك يا رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) مئونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا معدمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج قال فأنزل الله عز و جل عليه الروح الأمين فقال يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِأَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون ما حمل رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته
من بعده إن هو إلا شيء افتراه في مجلسه و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عز و جل هذه الآية أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِماتُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُالرَّحِيمُ فبعث عليهم النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال هل من حدث فقالوا إي و الله يا رسول الله لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) الآية فبكوا و اشتد بكاؤهم فأنزل عز و جل وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ فهذه السادسة و أما الآية السابعة فقول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً قالوا يارسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك فقال تقولون اللهم صل على محمدو آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف فقالوا لا فقال المأمون هذا مما لا خلاف فيه أصلا و عليه إجماع الأمة فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن فقال أبو الحسن نعم أخبروني عن قول الله عز و جل يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن عنى بقوله يس قالت العلماء يس محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال تبارك و تعالى سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ .
و قال سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ و قال سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ و لم يقل سلام على آل نوح و لم يقل سلام على آل إبراهيم و لا قال سلام على آل موسى و هارون و قال عز و جل سلام على آل يس يعني آل محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال المأمون لقد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا و بيانه فهذه السابعة وأما الثامنة فقول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍفَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فقرن سهم ذي القربى بسهمه و بسهم رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فهذا فضل أيضا بين الآل و الأمة لأن الله تعالى جعلهم فيحيز و جعل الناس في حيز دون ذلك و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل ما كان من الفيء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيه عز و جل لنفسه فرضي لهم فقال و قوله الحق وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْشَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فهذا تأكيد مؤكد و أثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ و أما قوله وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من
الغنائم و لم يكن له فيها نصيب و كذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني و الفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز و جل و لا من رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فجعل لنفسه منها سهما و لرسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) رضيه لهم و كذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه و لنبيه ( صل الله عليه واله وسلم ) رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم و قرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) و كذلك في الطاعة قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته كذلك آية الولاية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُوَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فجعل طاعتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كذلك ولايتهم مع ولايةالرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة و الفيء فتبارك الله و تعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه و رسوله و نزه أهل بيته فقال إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِيالرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ فهل تجد في شيء
من ذلك أنه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة و نزه رسوله و نزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمه على محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) و آله و هي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس و وسخ فلما طهرهم الله عز و جل و اصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه و كره لهم ما كره لنفسه عز و جل فهذه الثامنة و أما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله عز و جل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فنحن أهل الذكر فاسألونا إن كنتم لا تعلمون فقالت العلماء إنما عنى الله بذلك اليهود و النصارى فقال أبو الحسن ع سبحان الله و هل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم و يقولون إنه أفضل من دين الإسلام فقال المأمون فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوه يا أبا الحسن فقال أبوالحسن نعم الذكر رسول الله و نحن أهله و ذلك بين في كتاب الله عز و جل حيث يقول في سورة الطلاق فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ فالذكر رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و نحن أهله فهذه التاسعة و أما العاشرة فقول الله عز و جل في آية التحريم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ الآية فأخبروني هل تصلح ابنتي و ابنة ابني و ما تناسل من صلبي لرسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يتزوجها لو كان حيا قالوا لا قال فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح لهأن يتزوجها لو كان حيا قالوا نعم قال ففي هذا بيان لأني أنا من آله و لستم من آلهو لو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي
لأني من آله و أنتم من أمته فهذا فرق بين الآل و الأمة لأن الآل منه و الأمةإذا لم تكن من الآل فليست منه فهذه العاشرة و أما الحادية عشرة فقول الله عز و جل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ إلى تمام الآية فكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبة و لم يضفه إليه بدينه و كذلك خصصنا نحن إذ كنا منآل رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) بولادتنا منه و عممنا الناس بالدين فهذا فرق بين الآل و الأمة فهذه الحادية عشره و أما الثانية عشره فقوله عز و جل وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فخصصنا الله تبارك و تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمةبإقامة الصلاة ثم خصصنا من دون الأمة فكان رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) يجيء إلى باب علي و فاطمةع بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول الصلاةرحمكم الله و ما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها و خصصنا من دون جميع أهل بيتهم فقال المأمون و العلماء جزاكم الله أهل بيتنبيكم عن هذه الأمة خيرا فما نجد الشرح و البيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم .
حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عنأبيه عن الريان بن الصلت
قال حضر الرضا ( عليه السلام) مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقال المأمون أخبروني عن معنى هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقالت العلماء أراد الله عز و جل بذلك الأمة كلها فقال المأمون ما تقول يا أبا الحسن فقال الرضا ( عليه السلام) لا أقول كما قالوا و لكني أقول أرادالله عز و جل بذلك العترة الطاهرة فقال المأمون و كيف عنى العترة من دون الأمة فقال له الرضا ( عليه السلام) إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز و جل فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌبِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز و جل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم فقال المأمون من العترة الطاهرة فقال الرضا ( عليه السلام) الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هم الذين قال رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفون فيهما أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم قالت العلماء أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا ( عليه السلام) هم الآل فقالت العلماء فهذا رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) يؤثر عنه أنه قال أمتي آلي و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته فقال أبو الحسن ( عليه السلام) أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل فقالوا نعم قال فتحرم على الأمة قالوا لا قال هذا فرق بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون أ ما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم قالوا و من أين ياأبا الحسن فقال من قول الله عز و جل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فصارت وراثة النبوة و الكتاب للمهتدين دون الفاسقين أما علمتم أن نوحا حين سأل ربه عز و جل فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ و ذلك أن الله عز و جل وعده أن ينجيه و أهله فقال ربه عز و جل يا نُوحُ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ .
فقال المأمون هل فضل الله العترة على سائر الناس فقال أبو الحسن إن الله عز و جل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون و أين ذلك من كتاب الله فقال له الرضا ( عليه السلام) في قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال عز و جل في موضع آخر أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ثم رد المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يعني الذي قرنهم بالكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما فقوله عز و جل
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ماآتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا هو الطاعة لهم فقالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله عز و جل الاصطفاء في الكتاب فقال الرضا ( عليه السلام) فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله عز و جل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و رهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى الله عز و جل بذلك الآل فذكره لرسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فهذه واحدة و الآية الثانية في الاصطفاء قوله عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لأنه فضل بعد طهارة تنتظر فهذه الثانية و أما الثالثة فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز و جل يا محمد فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَناوَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فبرز النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) عليا و الحسن و الحسين و فاطمة صلوات الله عليهم وقرن أنفسهم
بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله وَأَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ قالت العلماء عنى به نفسه فقال أبو الحسن ( عليه السلام) لقد غلطتم إنما عنى بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام) و مما يدل على ذلك قول النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) حين قال لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب ( عليه السلام) و عنى بالأبناء الحسن و الحسين ( عليه السلام) و عنى بالنساء فاطمة ( عليه السلام) فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد و فضل لايلحقهم فيه بشر و شرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي ( عليه السلام) كنفسه فهذه الثالثة وأما الرابعة فإخراجه ( صل الله عليه واله وسلم ) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك و تكلم العباس فقال يا رسول الله تركت عليا و أخرجتنا فقال رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) ما أنا تركته وأخرجتكم و لكن الله عز و جل تركه و أخرجكم و في هذا تبيان قوله ( صل الله عليه واله وسلم ) لعلي ( عليه السلام) أنت مني بمنزلة هارون من موسى قالت العلماء و أين هذا من القرآن قال أبو الحسن أوجدكم فيذلك قرآنا و أقرأه عليكم قالوا هات قال قول الله عز و جل وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و فيها أيضا منزلة علي ( عليه السلام) من رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و مع هذا دليل واضح في قول رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) حين قال ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد ( صل الله عليه واله وسلم ) و آله قالت العلماء يا أبا الحسن هذا الشرح و هذا البيان لا يوجد
إلا عندكم معاشر أهل بيت رسول الله ص فقال و من ينكر لنا ذلك و رسول الله يقول أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ففيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة والاصطفاء و الطهارة ما لا ينكره إلا معاند و الله عز و جل و الحمد على ذلك فهذه الرابعة و الآية الخامسة قول الله عز و جل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها و اصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) قال ادعوا إلي فاطمة فدعيت له فقال يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال هذه فدك مما هي لم يوجف عليه بالخيل و لا ركاب و هي لي خاصة دون المسلمين و قدجعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك و لولدك فهذه الخامسة و الآيةالسادسة قول الله عز و جل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و هذه خصوصية للنبي ( صل الله عليه واله وسلم ) إلى يوم القيامة و خصوصية للآل دون غيرهم و ذلك أن الله عز و جل حكى في ذكر نوح في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَابِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ .
و حكى عز و جل عن هود أنه قال يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال عز و جل لنبيه محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يفرض الله تعالى مودتهم إلا و قد علم أنهم لايرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا و أخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله عز و جل أن لا يكون في قلب رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) على المؤمنين شيء ففرض عليهم الله مودة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحب رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و أحب أهل بيته لم يستطع رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يبغضه و من تركها ولم يأخذ بها و أبغض أهل بيته فعلى رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عز و جل فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله عز و جل هذه الآية على نبيه ( صل الله عليه واله وسلم ) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) في أصحابه فحمد الله و أثنى عليه و قال يا أيها الناس إن الله عز و جل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه فلم يجبه أحد فقال ياأيها الناس إنه ليس من فضة و لا ذهب و لا مأكول و لا مشروب فقالوا هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا أما هذه فنعم فما وفى بها أكثرهم و ما بعث الله عز و جل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله عز و جل يوفيه أجر الأنبياء و محمد ص فرض الله عز و جل طاعته و مودة قرابته على أمته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوهفي قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز و جل لهم في المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل ذلك لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قد أخذ الله ميثاقهم على الوفاء و عاند أهل الشقاق و النفاق و ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي
حده الله عز و جل فقالوا القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمناأ ن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) أولاهم بالمودة و كلما قربت القرابة كانتا لمودة على قدرها و ما أنصفوا نبي الله ( صل الله عليه واله وسلم ) في حيطته و رأفته و ما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤدوه في ذريته و أهل بيته و أن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله فيهم و حبا لهم فكيف و القرآن ينطق بهو يدعو إليه و الأخبار ثابتة بأنهم أهل المودة و الذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها فما وفى أحد بها فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله عز و جل في هذه الآية وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّاالْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسرا و مبينا ثم قال أبو الحسن ( عليه السلام) حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي ( عليه السلام) قال اجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فقالوا إن لك يا رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) مئونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا معدمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج قال فأنزل الله عز و جل عليه الروح الأمين فقال يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِأَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون ما حمل رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته
من بعده إن هو إلا شيء افتراه في مجلسه و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عز و جل هذه الآية أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِماتُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُالرَّحِيمُ فبعث عليهم النبي ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال هل من حدث فقالوا إي و الله يا رسول الله لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) الآية فبكوا و اشتد بكاؤهم فأنزل عز و جل وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ فهذه السادسة و أما الآية السابعة فقول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً قالوا يارسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك فقال تقولون اللهم صل على محمدو آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف فقالوا لا فقال المأمون هذا مما لا خلاف فيه أصلا و عليه إجماع الأمة فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن فقال أبو الحسن نعم أخبروني عن قول الله عز و جل يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن عنى بقوله يس قالت العلماء يس محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال تبارك و تعالى سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ .
و قال سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ و قال سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ و لم يقل سلام على آل نوح و لم يقل سلام على آل إبراهيم و لا قال سلام على آل موسى و هارون و قال عز و جل سلام على آل يس يعني آل محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) فقال المأمون لقد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا و بيانه فهذه السابعة وأما الثامنة فقول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍفَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فقرن سهم ذي القربى بسهمه و بسهم رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فهذا فضل أيضا بين الآل و الأمة لأن الله تعالى جعلهم فيحيز و جعل الناس في حيز دون ذلك و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل ما كان من الفيء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيه عز و جل لنفسه فرضي لهم فقال و قوله الحق وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْشَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فهذا تأكيد مؤكد و أثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ و أما قوله وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من
الغنائم و لم يكن له فيها نصيب و كذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني و الفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز و جل و لا من رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) فجعل لنفسه منها سهما و لرسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) رضيه لهم و كذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه و لنبيه ( صل الله عليه واله وسلم ) رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم و قرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله ( صل الله عليه واله وسلم ) و كذلك في الطاعة قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته كذلك آية الولاية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُوَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فجعل طاعتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كذلك ولايتهم مع ولايةالرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة و الفيء فتبارك الله و تعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه و رسوله و نزه أهل بيته فقال إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِيالرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ فهل تجد في شيء
من ذلك أنه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة و نزه رسوله و نزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمه على محمد ( صل الله عليه واله وسلم ) و آله و هي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس و وسخ فلما طهرهم الله عز و جل و اصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه و كره لهم ما كره لنفسه عز و جل فهذه الثامنة و أما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله عز و جل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فنحن أهل الذكر فاسألونا إن كنتم لا تعلمون فقالت العلماء إنما عنى الله بذلك اليهود و النصارى فقال أبو الحسن ع سبحان الله و هل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم و يقولون إنه أفضل من دين الإسلام فقال المأمون فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوه يا أبا الحسن فقال أبوالحسن نعم الذكر رسول الله و نحن أهله و ذلك بين في كتاب الله عز و جل حيث يقول في سورة الطلاق فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ فالذكر رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) و نحن أهله فهذه التاسعة و أما العاشرة فقول الله عز و جل في آية التحريم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ الآية فأخبروني هل تصلح ابنتي و ابنة ابني و ما تناسل من صلبي لرسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) أن يتزوجها لو كان حيا قالوا لا قال فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح لهأن يتزوجها لو كان حيا قالوا نعم قال ففي هذا بيان لأني أنا من آله و لستم من آلهو لو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي
لأني من آله و أنتم من أمته فهذا فرق بين الآل و الأمة لأن الآل منه و الأمةإذا لم تكن من الآل فليست منه فهذه العاشرة و أما الحادية عشرة فقول الله عز و جل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ إلى تمام الآية فكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبة و لم يضفه إليه بدينه و كذلك خصصنا نحن إذ كنا منآل رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) بولادتنا منه و عممنا الناس بالدين فهذا فرق بين الآل و الأمة فهذه الحادية عشره و أما الثانية عشره فقوله عز و جل وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فخصصنا الله تبارك و تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمةبإقامة الصلاة ثم خصصنا من دون الأمة فكان رسول الله ( صل الله عليه واله وسلم ) يجيء إلى باب علي و فاطمةع بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول الصلاةرحمكم الله و ما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها و خصصنا من دون جميع أهل بيتهم فقال المأمون و العلماء جزاكم الله أهل بيتنبيكم عن هذه الأمة خيرا فما نجد الشرح و البيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم .