النظرة مقدمة الفتنة :
ومما يستفاد من الروايات والآيات، أن مقدمة الفتنة وأول الشرارة، هي هذه النظرة الاختيارية.. إن العبد بسوء اختياره وبنظراته التي لا يرضى بها الشارع، يصل إلى مرحلة من المراحل لا يمتلك فيها السيطرة على نفسه وعلى بدنه.. وعشاق الهوى -عشاق الوجوه الجميلة التي لا دوام لها- هؤلاء تحولوا إلى وجودات أسيرة لا تفقه، ولا تعلم ما تعمل؛ لأن هذا الحب -الذي بدأ من النظرة- استولى على كل ذرات وجوده.. وفي الحديث أنه سئل الإمام الصادق (ع) عن العشق، فقال: (قلوب خلت من ذكر اللّه؛ فأذاقها اللّه حب غيره).. هذا القلب الذي خلق لأن يكون مصباً ومنبعاً وأداة لتلقي ذلك الحب الإلهي، وإذا به يعشق الفانيات.. ومن هنا جاء التأكيد في مسألة السيطرة على النظر.
إن موسى (ع) -هذا النبي الكليم- منَّ عليه رب العالمين بالأمن والأمان، والزيجة الصالحة، وأصبح صهراً لشعيب؛ بسبب عفته ومراقبته الدقيقة لسلوكه.. فمن المعلوم أنه عندما ورد ماء مدين، وجد امرأتين تذودان فسقا لهما.. وعندما أرادت البنت أن تقدم تقريراً لأبيها {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.. فسأل شعيب (ع) ابنته: من أين علمت بأن موسى (ع) جامع بين القوة والأمانة؟.. فكان الجواب: بأن القوة رأوها من خلال حركته البدنية، وأما الأمانة فقد ظهرت عندما أراد موسى (ع) أن يذهب إلى بيت شعيب (ع)، فطلب من الفتاة ألا تمشي أمامه؛ لئلا ينظر إلى حجم بدنها.
وفاطمة (ع) عندما أسرّ لها رسول الله (ص) أنها أُولى من يلحق به من أهل بيته، فلما قُبض ونالها من القوم ما نالها، لزمت الفراش، ونحل جسمها، وذاب لحمها، وصارت كالخيال، وعاشت بعد رسول الله (ص) سبعين يوماً.. فلما احتضرت قالت لأسماء بنت عميس: كيف أُحمل على رقاب الرجال مكشوفة، وقد صرت كالخيال، وجفّ جلدي على عظمي؟.. قالت أسماء: يا بنت رسول الله!.. إنّ قضى الله عليك بأمر فسوف أصنع لك شيئاً رأيته في بلد الحبشة، قالت (ع): وما هو؟.. قالت: النعش يجعلونه من فوق السرير على الميت يستره، قالت لها (ع): افعلي!.. فلما قُبضت صلوات الله عليها صنعته لها أسماء، فكان أول نعش عُمل للنساء في الإسلام.. فاطمة (ع) وهي منتقلة إلى ربها، وفي جوف الليل، والمشيعون قليلون -علي ومن معه-، ومع ذلك كانت تصر على هذه المسألة. وقد ورد في الرواية أن عليا (ع) كان يأخذ بيد الحسنين وبيد ابنته زينب (ع) لزيارة قبر النبي (ص)، وعندما كان يذهب مع ابنته زينب (ع) -وهي صغيرة في تلك المرحلة-، كان يأمر بإطفاء السراج أو تخفيفه؛ لئلا يُرى حجم وشخص زينب (ع).وعليه، فإنه يبدو أن مسألة النظر في الروايات وفي الآيات، تعتبر المنطلق الأول للدخول إلى عالم الرذيلة، وقد ورد عن إبليس أنه قال: (النظرة قوسي وسهمي الذي لا أخطئ به).. إن إبليس فاسق لا يصدق خبره، ولكن هذا الخبر نصدقه؛ لأنه من واقع عمله، ومن واقع خبثه في التعامل مع المخلوقين.
( الشيخ حبيب الكاظمي )
ومما يستفاد من الروايات والآيات، أن مقدمة الفتنة وأول الشرارة، هي هذه النظرة الاختيارية.. إن العبد بسوء اختياره وبنظراته التي لا يرضى بها الشارع، يصل إلى مرحلة من المراحل لا يمتلك فيها السيطرة على نفسه وعلى بدنه.. وعشاق الهوى -عشاق الوجوه الجميلة التي لا دوام لها- هؤلاء تحولوا إلى وجودات أسيرة لا تفقه، ولا تعلم ما تعمل؛ لأن هذا الحب -الذي بدأ من النظرة- استولى على كل ذرات وجوده.. وفي الحديث أنه سئل الإمام الصادق (ع) عن العشق، فقال: (قلوب خلت من ذكر اللّه؛ فأذاقها اللّه حب غيره).. هذا القلب الذي خلق لأن يكون مصباً ومنبعاً وأداة لتلقي ذلك الحب الإلهي، وإذا به يعشق الفانيات.. ومن هنا جاء التأكيد في مسألة السيطرة على النظر.
إن موسى (ع) -هذا النبي الكليم- منَّ عليه رب العالمين بالأمن والأمان، والزيجة الصالحة، وأصبح صهراً لشعيب؛ بسبب عفته ومراقبته الدقيقة لسلوكه.. فمن المعلوم أنه عندما ورد ماء مدين، وجد امرأتين تذودان فسقا لهما.. وعندما أرادت البنت أن تقدم تقريراً لأبيها {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.. فسأل شعيب (ع) ابنته: من أين علمت بأن موسى (ع) جامع بين القوة والأمانة؟.. فكان الجواب: بأن القوة رأوها من خلال حركته البدنية، وأما الأمانة فقد ظهرت عندما أراد موسى (ع) أن يذهب إلى بيت شعيب (ع)، فطلب من الفتاة ألا تمشي أمامه؛ لئلا ينظر إلى حجم بدنها.
وفاطمة (ع) عندما أسرّ لها رسول الله (ص) أنها أُولى من يلحق به من أهل بيته، فلما قُبض ونالها من القوم ما نالها، لزمت الفراش، ونحل جسمها، وذاب لحمها، وصارت كالخيال، وعاشت بعد رسول الله (ص) سبعين يوماً.. فلما احتضرت قالت لأسماء بنت عميس: كيف أُحمل على رقاب الرجال مكشوفة، وقد صرت كالخيال، وجفّ جلدي على عظمي؟.. قالت أسماء: يا بنت رسول الله!.. إنّ قضى الله عليك بأمر فسوف أصنع لك شيئاً رأيته في بلد الحبشة، قالت (ع): وما هو؟.. قالت: النعش يجعلونه من فوق السرير على الميت يستره، قالت لها (ع): افعلي!.. فلما قُبضت صلوات الله عليها صنعته لها أسماء، فكان أول نعش عُمل للنساء في الإسلام.. فاطمة (ع) وهي منتقلة إلى ربها، وفي جوف الليل، والمشيعون قليلون -علي ومن معه-، ومع ذلك كانت تصر على هذه المسألة. وقد ورد في الرواية أن عليا (ع) كان يأخذ بيد الحسنين وبيد ابنته زينب (ع) لزيارة قبر النبي (ص)، وعندما كان يذهب مع ابنته زينب (ع) -وهي صغيرة في تلك المرحلة-، كان يأمر بإطفاء السراج أو تخفيفه؛ لئلا يُرى حجم وشخص زينب (ع).وعليه، فإنه يبدو أن مسألة النظر في الروايات وفي الآيات، تعتبر المنطلق الأول للدخول إلى عالم الرذيلة، وقد ورد عن إبليس أنه قال: (النظرة قوسي وسهمي الذي لا أخطئ به).. إن إبليس فاسق لا يصدق خبره، ولكن هذا الخبر نصدقه؛ لأنه من واقع عمله، ومن واقع خبثه في التعامل مع المخلوقين.
( الشيخ حبيب الكاظمي )